الدولار .. قصة مؤلمة لا تنتهي فصولها

قفز الدولار مجدداً في السوق السوداء ووصل إلى «23» جنيهاً ضارباً بكل تصريحات المسؤولين وخبراء الاقتصاد التي حملتها صحف الخرطوم عرض الحائط.

> حتى قرار رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان لم يؤثر إيجاباً في حركة السوق بل ازداد الأمر سوءاً، وتراجع الجنيه مجدداً أمام العملات الأجنبية لتبدأ مع هذا التراجع المخيف قصة جديدة مؤلمة لا تنتهي فصولها قريباً، تحمل عنواناً اسمه زيادة الأسعار.
> ضغط رهيب صار يعيش فيه المواطنون جراء هذا الجشع الذي انتجته السياسات الاقتصادية الخاطئة وعدم اتخاذ اجراءات صارمة تكبح جماح هذه الزيادات وتردع «تماسيح السوق» الذين لا هم لهم غير كنز الأموال و«مص دماء» الغلابى دون وازع من ضمير.
> سمعنا قبل فترة ليست بالقصيرة عن مبادرة ومصفوفة للقطاع الخاص دفعوا بها للنائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن بكري حسن صالح للحد من ارتفاع أسعار الدولار الأمريكي في مواجهة (الجنيه). وقال أصحابها إنهم يسعون لإنفاذ مبادرة عاجلة لقطاعات الأعمال وتأسيس عدد من المشروعات عبر شركات محددة تعمل في مجال الإنتاج الحقيقي، وتصنيع عدد من السلع لتصديرها لتحقيق استقرار صرف العملات الأجنبية المتصاعد الذي تسبب في زيادة أعباء المعيشة بصورة غير مسبوقة.
> انتظرنا تحقيق هذا الحلم لمحاصرة الدولار بعد أن تطاول وارتقى وأرهق كاهلنا، وصار (الحيطة القصيرة) لبعض التجار الذين يتحكمون في حركة الأسواق ويصعدون بأسعار السلع مستغلين ضعف الرقابة وعدم تفعيل العقوبات.
> شح الصادرات من الأسباب الرئيسة التي تسببت في عدم توفر العملات الأجنبية، وهو ما فتح المجال واسعاً أمام (السماسرة) لتحقيق أكبر قدر من الأرباح على حساب المواطن. وكما ذكرت في مقال سابق فإن خروج بترول جنوب السودان بعد الانفصال أثَّر كثيراً في الموازنة التي كانت تعتمد عليه بشكل مباشر في توفير النقد الأجنبي. وصار انسياب النفط عبر الأنبوب عرضة للهجمات المتكررة من قبل المعارضة في دولة الجنوب للضغط على الحكومة هناك.
> انتبه أهل الاقتصاد متأخرين للخطأ الكبير في الاعتماد على البترول وإهمال الصناعة المحلية والمشروعات الزراعية، ونأمل أن تظهر الخطط والمبادرات التي بإمكانها إعادة سفينة اقتصادنا للطريق الصحيح وتقيله عن عثرة أقعدت به لسنوات طويلة.
> على الصعيد المهني عانت الصحف كثيراً من ارتفاع أسعار الدولار لارتباط صناعة الصحافة بصورة مباشرة بسوق النقد الأجنبي. وعانت المطابع ومعهم الناشرون من صعوبة توفير ورق الطباعة والأحبار والاسبيرات.
> بسبب الدولار حدثت هزة عنيفة في سوق الصحف أجبرت بعضها على التوقف لعجزها عن مجاراة الواقع الاقتصادي، واضطرت أخرى لزيادة سعر النسخة للصمود في وجه الإعصار إلى حين.
> وإزاء هذا الوضع المتصاعد نتوقع أن يجتمع الناشرون في أقرب فرصة ليعلنوا زيادة جديدة ربما لا يستطيع كثير من القراء تحملها.
> ذات الواقع المرير الذي تعيشه الصحف ينعكس على معظم المؤسسات والقطاعات التي انتظرت طويلاً انقشاع سحب الحصار ليتحسن الاقتصاد ككل، ولكن ما يحدث ينبئ بأن الحال لا يسر، ولا بد من وقفة جادة وحاسمة تعيد الأمور إلى نصابها الصحيح.

كمال عوض
الانتباهة

Exit mobile version