بين (إيلا) و (الطيب مصطفى)!

مدخل: بإعلان حالة الطوارئ وحل المجلس التشريعي لولاية الجزيرة يكون الرئيس عمر البشير فعل ما كان متوقعاً ومرجواً، وهو الانحياز للمواطنين بولاية الجزيرة ضد مصالح المجموعة الحزبية الصغيرة.

-1-

اطلعت على رد كريم من الأستاذ الطيب مصطفى على الرسالة التي أودعتُها بريده الخميس الماضي عبر هذه المساحة.
كتبت للأخ الأكبر الطيب مصطفى:
أعلم نواياك الخيِّرة وأنت تكتب عن أزمة ولاية الجزيرة الراهنة بكل حماس وتجرد، ربما تكون في حاجة للاستماع لجميع الأطراف، وأهم هذه الأطراف سيد الوجعة والفرحة المواطن البسيط الذي لم يجد من السياسيين المتعاقبين على ولايته سوى الصراع والاعتراك على المصالح والامتيازات.
الأرقام لا تكذب وواقع الحال يُغني عن السؤال، كيف كان الوضع؟ وكيف صار؟!!
وإذا تحقق لك ذلك، فاخترْ مكانك وحدد خيارك، مع فرحة المواطنين بالتنمية والازدهار أو مع غضبة بعض السياسيين المصطرعين على مقاعد اللجان؟!

-2-
في رأي الطيب مصطفى أن قناعتي برضاء مواطني ولاية الجزيرة وسعادتهم بما يقدمه الوالي محمد طاهر ايلا يحتاج (لاستطلاع علمي دقيق) حتى يكون صحيحاً!

قياس مستوى التأييد الذي يجده أي حاكم لا يقف على الاستطلاعات الأكاديمية، الانتخابات النزيهة تعتبر المؤشر الأوضح والأبرز والأقوى في تحديد الموقف من المتنافسين، على كسب تأييد المواطنين، حيث في صناديق الانتخابات تنجلي الحقائق ويكرم المنافس أو يهان.
إلى أن تأتي تلك الانتخابات توجد كثير من الشواهد والمؤشرات التي تحدد مدى القبول أو الرفض للحاكم المحدد؟!
-3-
من خلال زياراتي الشخصية لكثير من قرى ومدن ولاية الجزيرة ومن خلال متابعتي للتفاعل الجماهيري عبر كل الوسائط المباشرة والإسفيرية مع الوالي محمد طاهر إيلا، ومقارنة كل ذلك مع فترات الولاة السابقين، أستطيع أن أجزم أن الرجل وجد من التأييد والمؤازرة ما لم يجده أسلافه السابقون.

في المقابل أطالب الأخ الطيب أن يقوم بزيارة لمدة 24 ساعة إلى ولاية الجزيرة، ذا وصل إلى نقيض ما وصلت إليه سأتنازل عن تأييدي لنموذج إيلا وسأقدم اعتذاراً لقرائي عن كل سطر تحدثت فيه عن الرجل ومشاريعه بخير.
ولأن ثقتي كبيرة في صدق وتجرد الأخ الطيب سأقبل دون جدال نتائج ما سيتوصل إليه من قناعات، حينما يرى بعينيه ويسمع شهادات المواطنين بأذنيه، لا أن يتلقى المعلومات من أخبار الصحف أو من طرف واحد.
هذا ليس تحدياً أو رهاناً لكن المنطق يقول “لا يمكنك الحكم على شيء بصورة قطعية فاصلة تصل إلى وصفه بالسم الزعاف وأنت لم تر واقع الحال ولم تسمع إفادات أهل الشأن.
هذا من مقتضيات العدل واستقامة الضمير بعيداً عن وساوس الشنآن.

-4-
أشار الأخ الطيب إلى إيلا باعتبار أنه (صديقي) وفي ذلك تلميح إيحائي بأن موقفي منه منطلق من علاقة شخصية تجمعني به.
لعلم الأخ الطيب والقارئ الكريم، لا توجد علاقة شخصية بيني والوالي تصل إلى حد الصداقة، وإن كنت سأتشرف بذلك.
طوال معرفتي بإيلا من بورتسودان إلى ود مدني لم تتجاوز مقابلتي بالرجل المرات المحدودة جداً، ولم تجمعني به جلسة ثنائية واحدة، كل مقابلاتي به في نطاق المناسبات العامة أو الاجتماعية العابرة وفي حضور الزملاء.
لا صداقة لي معه ولا مصلحة متحققة ولا مرتجاة في وجوده ولا عداء لي مع خصومه.
-5-

قناعتي أن إيلا لم يكن في حاجة إلى قراراته تلك، فإذا صح ود الحاكم مع مواطنيه، فلا قيمة لمحترفي السياسة من المتفرغين الذين أدمنوا الصراع والكيد مع كل الولاة، ولن يكون إيلا الوالي الأخير الذي تسرج له الخيول وتدق عليه طبول الحرب.
أخي الطيب، قوانين الديمقراطية الحقة لم تعرف في تجاربها (حزباً حاكماً) يسعى لمعارضة حكومته في البرلمان وإسقاط خطاب الحاكم باسمه إذا كان والياً أو رئيساً!
المجموعة التي تقف ضد إيلا داخل المجلس تريد إعادة إنتاج تجربة الشيخ حسن الترابي، حينما اتخذ من البرلمان منصة لمجابهة الجهاز التنفيذي، فكان قرار حل المجلس من قبل الرئيس البشير.
أخي الطيب، ما تعارضه اليوم في الجزيرة وتستدل فيه بمقولات لوردات الإفرنجة، أيدته أمس في الخرطوم!
لا يوجد حزب محترم وديمقراطي يناصب العداء من اختارهم لتمثيله في الجهاز التنفيذي.
لا يمكن أن تكون ممثل حزب حاكم ومعارض في ذات الوقت!

-6-

ما لم يعجبني في حديثك أخي الطيب، تحريف ما جاء في تقرير المراجع العام وقولك بمخالفات مالية خاصة بولاية الجزيرة في عام واحد وصلت إلى (72) مليار بالقديم، في ما يلي جرائم المال العام.
لم أجد هذا المبلغ في نص التقرير ، كما أن أكثر من 71% من المخالفات المالية المذكورة متعلقة بمشاريع اتحادية و17% فقط ولائية .
والأهم من ذلك عدد مقدر من المخالفات الواردة في التقرير مخالفات تراكمية مرحلة ومكررة من أعوام سابقة من 2006م إلى 2016م .

-أخيراً-
أخي الأكبر الطيب مصطفى.. نعدك ألا ننظر إلى إيلا بعين الرضا وإذا أخطأ سنُقوَّمه بأسنَّة أقلامنا ولكن أربأ بك أخي الطيب أن تنظر إليه بعين السخط وبروح العداء.
قيمة إيلا بالنسبة لي ولكثيرين لا في شخصه ولكن بفعله حيث إنه حقق إنجازات لم يسبقه إليها والٍٍ آخر.
دمت بخير.

ضياء الدين بلال

Exit mobile version