“شداد” الثمانيني العنيد .. هل يعيد لكرة القدم السودانية بريقها؟

بذات القدر الذي جعل فوزه برئاسة الاتحاد السوداني لكرة القدم مفاجئًا، جاءت تصريحات كمال شداد الرجل الثمانيني مفاجئة وصادمة وخارجه عن المألوف.

قضى الرجل جلّ عمره في ميادين كرة القدم، لاعبًا ومدربًا وإداريًا، ثم رئيسًا للاتحاد الوطني لللعبة، ورئيسًا للجنة الأولمبية في البلاد، وعضوًا في عدد من لجان الاتحادين الدولي والإفريقي، وخبيرًا ومحاضرًا في (فيفا)، ما جعل منه “علمًا ومرجعًا رياضيًا”.

عمل شداد إلى جانب نشاطه الرياضي، أستاذًا للفلسفة في الجامعات السودانية، وتقاعد عام 2010، حاصل على شهادة جامعية في الفلسفة من أعرق الجامعة السودانية (جامعة الخرطوم)، والدكتوراة من جامعة لندن ببريطانيا.

انتخب شداد في 29 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، رئيسًا للاتحاد السوداني للفترة 2017–2021 بعد حصوله على 33 صوتًا من أصل 62.

وجرت الانتخابات على نظام أساسي جديد، اعتمده الفيفا في سبتمبر/ أيلول الماضي، ليطابق نظامه المعمول به، في كل الاتحادات الوطنية.

وفي سبتمبر/ أيلول الماضي توعد الاتحاد الدولي بالتدخل وفرض عقوبات على الاتحاد السوداني حال رصده انتهاكات أو تدخلات من أطراف خارجية على أعمال الجمعية العامة أو الانتخابات.

وأعلن فيفا في يوليو/ تموز الماضي وقف تجميد نشاط الاتحاد السوداني لكرة القدم.

وربط “فيفا” وقف قرار التجميد بوقف التدخل الحكومي في الشأن الكروي، وعقد انتخابات للاتحاد في فترة أقصاها 31 أكتوبر/ تشرين أول 2017.

وعقب انتخاب شداد مباشرة، أطلق الرجل الثمانيني تصريحات أثارت جدلًا كبيرًا في الأوساط الرياضية والعامة بالبلاد.

واعتبرت التصريحات تسليطًا للضوء على قضية التدهور الذي أصاب مناحي الحياة السودانية بشكل عام، وليس كرة القدم لوحدها.

وانتقد شداد حال الرياضة في البلاد، بل سخّر حتى من فوزه ونفسه، واعتبره مغايرًا لطبيعة الأشياء، قائلًا: “بلغت أرذل العمر والمفروض أكون قاعد (جالس) في كرسي قماش (خارج على المعاش)”، وهي إشارة واضحة لعمره الذي بلغ ثمانية عقود.

وأضاف: “ليس ممكنًا أن تحفر طرف المقابر لتأتي بشخص من هناك ليحدث التغيير، فهذا شئ مؤسف”.

وتحسّر الرجل مما أسماه “التدهور الذي حل بأكاديمة كرة القدم السودانية”، التي شيّدها الاتحاد الدولي للعبة، وافتتحها رئيسه السابق جوزيف بلاتر في يناير/ كانون الثاني 2005.

وكشفت تصريحات الرجل عمق أزمة كرة القدم، بل وأزمة في الحياة العامة بالبلاد، وأثارت نقاشات تجاوزت كرة القدم.

ويحمد الصحفي والمحلل الرياضي حسن فاروق، للرجل صراحته ووضوحه، و”إشاراته البائنة للفساد الإداري والمالي في كرة القدم السودانية”.

بيد أن فاروق في حديثه للأناضول عاب على شداد قبوله مبدأ أن يأتي للمنصب على صهوة (حزب المؤتمر الوطني الحاكم)، فيقول: “رشحته أمانة الرياضة بالحزب الحاكم، ودعمته الحكومة في أعلى مستوياتها، حتي تمكن من الفوز”.

وأشار المحلل الرياضي إلى الفترات الرئاسية لشداد في الاتحاد، “كان الاتفاق عليه كبيرًا، أما هذه المرة فقد أتى بدون رغبة الرياضيين”، وتابع: “لن يصلح حال الرياضة إلاّ باستقلال وأهلية الحراك الرياضي، وابتعاد الحكومة وحزبها عن التدخل”.

وعلى الضد، يقف رئيس القسم الرياضي بصحيفة “الوطن” المستقلة، فائز ديدي، بأن عشاق الساحرة المستديرة في السودان ينظرون إلى كمال شداد باعتباره الشخص الأجدر حاليًا لإنقاذ اللعبة، بعد سنوات من التردي والفوضي والعشوائية التي سادت الفترة السابقة.

وفي حديثه للأناضول يرى ديدي في الإجماع على الرجل رغم اقترابه من الثمانين، “دليلًا واضحًا على أن المرحلة بحاجة لقائد بمواصفات شداد، رجل يتمتع بقوة الشخصية والاعتداد بالنفس، والمقدرة على رفض التدخلات الحكومية”.

ولا يرى مؤيدوه في عضويته بمجلس شوري الحزب الحاكم، تعبيرًا عن ميول سياسية، بل تعبيرًا عن قوته، ولشخصيته الوطنية والقومية التي يطلبها الكل.

ويستجل في تاريخ الرجل خوضه معارك طويلة أثناء رئاساته السابقة للاتحاد، واصطدامه بعدد من وزراء الرياضة المحسوبين على الحزب الحاكم، وخاض ضدهم قضايا نقلها للمحاكم.

يقول ديدي إن ما يسميه “كفاح شداد ومعاركه”، لا تقف عند حدود التدخل الحكومي، بل تتجاوزه إلى التقليل من سطوة فريقي القمة السودانية (الهلال والمريخ)، ومحاولات سيطرتهما على قرارات الاتحاد، ويضيف: “مواقف شداد شكلت رأي عام بأنه رجل المرحلة المقبلة”.

إلّا أن المحلل الرياضي فاروق يخشى على الرجل من أثر السن، الذي قد يسهل “تمرير أشياء من تحته”، رغم إقراره بأنه: “نزيه وشجاع وإداري قدير”.

ويرى فاروق أن وجود الرجل لن يغير واقع الكرة في البلاد، ويضيف: “أزمة الرياضة مستمرة، وستستمر طالما يتم تسييس الرياضة”.

لكن ديدي يخالفه، ويقول: “التفاؤل كبير، بأن يحقق شداد آمال وطموحات محبي وعشاق كرة القدم، وأن يعيد الهيبة للاتحاد، وأن يطور مسار الكرة بما له من كفاءة وخبرات وعلاقات دولية”.

وكالة الأناضول

Exit mobile version