نشرت صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية تقريرا تحدثت فيه عن تداعيات موت الحشرات على الإنسان، وتأثير ذلك على توازن النظام البيئي. علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي تقلص عدد الحشرات إلى موت النباتات وتراجع كمية المحاصيل الزراعية، ناهيك عن اختلال السلسة الغذائية.
وقالت الصحيفة إن عددا قليلا من الأشخاص يدركون أن انقراض الحشرات؛ على غرار الزنبور والخنفساء يدمر النظام البيئي، حيث قد يؤدي غيابها إلى ذبول وانقراض النباتات التي تحتاج للتلقيح. فضلا عن ذلك، ستصاب بعض الحيوانات التي تقتات على الحشرات، مثل العصافير والنسور والعناكب والفئران بالجوع، ما سيؤثر بدوره على الحيوانات التي تتغذى على آكلي الحشرات.
وبينت الصحيفة أن الحشرات لا تصنف ضمن الحيوانات الأليفة؛ نظرا لأنها مؤذية وتلدغ وتنقل الأمراض، بالإضافة إلى أنها تخيف الأطفال. في المقابل، يدرك الإنسان أن بعض الحشرات مثل نحل العسل، ضرورية لتلقيح أزهار النباتات.
وأكدت الصحيفة أن موت الحشرات سيؤثر على الإنسان بشكل ملحوظ. في هذا الصدد، أورد عالم الأحياء الأميركي، إدوارد ويلسون، أن “الحشرات، هذه الكائنات الصغيرة، تساهم في استمرار حياتنا”. ووفق آخر الدراسات، تقلص عدد الحشرات بشكل ملحوظ في ألمانيا منذ سنة 1989.
وأشارت الصحيفة إلى أن المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية، أصدر السنة الماضية تقريرا تطرق فيه إلى تقلص عدد الحشرات في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية. ووفق التقرير ذاته، لا يولي رجال السياسة والناشطون في مجال البيئة أهمية للحشرات. كما ذكر التقرير أن العديد من أنواع الحشرات، على غرار حرشفيات الأجنحة والفراشات، مهددة بالانقراض.
وأفادت الصحيفة بأن بعض الدراسات كشفت أن الفراشات المتوحشة والسرفيدية في طريقها نحو الاندثار، في كل من المملكة المتحدة وبلجيكا وهولندا. كما اختفى النحل الطنان في العديد من الدول الأوروبية. وفي هذا السياق، صرحت أستاذة علم البيئة لدى جامعة فرايبورغ، ألكسندرا ماريا كلاين، أن “الحشرات الملقحة للنباتات ضرورية لخلق توازن النظام البيئي”.
وأضافت الصحيفة أن موت الفراشات والذباب والفراشات المتوحشة قد يؤدي إلى انقراض النباتات التي تحتاج إلى التلقيح. وما يجهله الكثيرون أن نحل العسل يعد من الحشرات القادرة على التأقلم مع الطقس المتقلب، حيث يبقى في خليته عند هطول الأمطار أو هبوب الرياح. كما أكدت أستاذة علم البيئة كلاين أن “تنوع الحشرات يضمن عملية تلقيح العديد من أنواع النباتات”.
وأوردت الصحيفة أن الإنسان مطالب بإدارك مدى تأثير موت الحشرات على حياته. فوفق تقرير المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية، يمكن أن تنخفض كمية المحاصيل الزراعية إذا ما تقلص عدد الحشرات الملقحة للنباتات. وتجدر الإشارة إلى أن نباتات مثل الكيوي، والبطيخ، بالإضافة إلى التفاح والإجاص تحتاج للتلقيح بصفة مستمرة. خلافا لذلك، تنفق ألمانيا حوالي 500 مليار يورو في السنة من أجل القيام بتلقيح النباتات.
وأوضحت الصحيفة أن مسألة موت الحشرات لا تثير اهتمام الباحثين. وحيال هذا الشأن، أورد الأستاذ في مجال علم الحيوان لدى جامعة “هاله فيتنبرغ”، روبرت باكستون، أن “العديد من الباحثين لا يدركون مدى أهمية مسألة موت الحشرات”. وعموما، تتطلب مسألة تفادي انقراض الحشرات إجراء دراسات مكثفة على المدى الطويل .
الصحيفة أن الباحثين لن يدركوا مدى أهمية الحشرات إلا بعد التفطن إلى التداعيات الخطيرة الناجمة عن انقراضها. وخير دليل على ذلك أنه إلى الآن، لم يقدم أي باحث على القيام بمراقبة أعداد الحشرات التي تشهد تناقصا مستمرا، على غرار الفراشات والذباب وخيطيات القرن.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن عددا من الخبراء لدى اللجنة الأوروبية للبيئة، عقدوا الأسبوع الفارط اجتماعا؛ للنظر في كيفية مراقبة عدد الحشرات الملقحة للنباتات في المستقبل في كامل أنحاء أوروبا.
(عربي 21)