* عندما أُطلق فعل المحبة على الطيب والنساء من حطام هذه الدنيا الزائل، كان المقصود بذلك هم حتماً الرجال لورود ذكر النساء مجرداً وصريحاً، والشواهد أيضاً تؤكد محبة الرجال العظيمة للعطور الفواحة والنساء الحسناوات وفق قانون الفطرة البشريه الخالص.
ربما لهذا يعد أثر العطر كبيراً على الرجال، فأفضل ما يقدم لهم من هدايا هي العطور، وأكثر ما يدللون به أنفسهم هو العطر، وأشد ما يهيمون به ولعاً إلى جانبه النساء وربما السيارات!!!
ولأن الأمر أصبح معلوماً وعميقاً حتى في ثقافتنا الاجتماعية، نجد أن مراسم الزواج كعلاقة مقدسة طرفها الرجل، اشتملت على جزء أساسي يعرف «بدق الريحة» كضرورة واجب توفرها ضمن مستلزمات العروس، لأن العلاقة الزوجية تفرض عليها أن تبدو في أجمل صورة حتى على صعيد ما ينبعث عنها من روائح.
وعليه تحرص «العروس» -التي ستتحول شيئاً فشيئاً إلى مجرد زوجة- تحرص في كل مراحل حياتها الزوجية على قيمة الطيب والتطيب عساها تبلغ درجة قصوى في استحسان زوجها وميله القلبي لها، دخولاً من باب ما تهفو له النفس البشرية بالفطرة كما أسلفنا.
* لذا وجب توفر كل مظاهر وتفاصيل النظافة العامة والشخصية لإنجاح الزواج، والحرص على أن يفوح الطيب من جميع الاتجاهات، بما في ذلك الغرف والزوايا عبر الأنواع المختلفة من «البخور» الذي يعبق في الأجواء، مشيراً لرقي ونظافة صاحبة الدار.
* إلى جانب ذلك، تعلمنا جيلاً بعد جيل كيف نجعل لأنفسنا رائحة طيبة مستحبة ومميزة، نستعين في ذلك «باللبان» وما على شاكلته وحتى بمعجون الأسنان والمركبات الطبية المتخصصة.
أسوق كل هذا بجرأة حميدة ووضوح بناءاً على رغبة العديد من السيدات اللاتي أبدينها عبر الرسائل، أو في اللقاءات المباشرة، وها أنا أسوق سؤالهن المشروع المباشر والهام للرجال: «ما هو دوركم في نشر ثقافة هذا الطيب على مستوى حياتكم الزوجية؟!»، وما هو المقابل الطبيعي الذي تقومون به من سلوك لمجاراة اجتهاد زوجاتكم في شأن الطيب هذا؟!
* السبب المباشر وراء تلك التساؤلات أننا كزوجات نتمتع بكامل فطرتنا الإنسانية السليمة التي تنفر من القذارة والنتانة، وتميل للجمال والنظافة في كل شيء، نفتقد أحياناً لرجال يقدرون إنسانيتنا وتعاني بعض منا من كون زوجها يبحث عن كامل حقه في توفرها رهن إشارته بكامل زينتها وطيبها حالما شاء، دون أن يكترث للعناية بنظافته الشخصية أو يوّفر لها بعض الطيب المحبب وهو يعرض عليها نفسه ورجولته.
* أحياناً.. يأتي رجل ما زوجته دون استحمام وهو أشعث أغبر تفوح منه رائحة التبغ والعرق وربما الخمر والعياذ بالله، لأنه ببساطة يعتقد مخطئاً أن التطيب هو واجب المرأة وحق الرجل، ولا يعنيه مزاج زوجته الخاص ولا شعورها بالراحة والسكن الحميم الذي يترتب ربما على استنشاقها لعطر لطيف يضوع من جنباته كشريك حياة ألزمه الله بإشباع كل حاجاتها النفسية والإنسانية.
* إنني أتضامن جهراً مع كل النساء اللائي ينفرن من أزواجهن ويرين في التقرب منهم عبئاً ثقيلاً يجثم على صدورهن وأنفاسهن لأن أزواجهن ببساطة يتمتعون بعقول متخلفة ومفاهيم رجعية لا يعنيها كثيراً السعي أو الاجتهاد في سبيل نيل رضا زوجاتهم، أو الظهور أمامهن بمظهر محبب تشتهيه النفس، إذ لا يعنيه أكثر من إشباع رغبته العمياء الهوجاء البهيمية التي لا تمت للرومانسية والذوق ولا حتى الدين بصلة.
* بالمقابل إنني على ثقة من أن هناك رجالاً مثقفين ومدركين يتقون الله في زوجاتهن والحمد الله، يحفظون المعروف ويقدسون حميمية وعذوبة العلاقة الزوجية، لا يرتبط ذلك بمستوى التعليم ولا بالبيئة الاجتماعية ولا معدل الثقافة، بقدر ارتباطه بالإيمان والقرب من الله والفطرة السليمة، أو ليس النظافة من الإيمان؟!
#تلويح:
يعذبني عطرك.. يصرخ في وجه حنيني إليك…
أمام عذابه، أشتاق إليك أكثر!!
اندياح – داليا الياس
صحيفة آخر لحظة