مرحباً بالرئيس “سلفاكير”.. لا بديل للسودان

يصل الخرطوم اليوم رئيس دولة جنوب السودان الفريق “سلفاكير ميارديت” في زيارة تمتد ليومين مترئساً وفداً وزارياً كبيراً وصل بعضه أمس الأول.
وتبدو هذه الزيارة مختلفة تماماً عن الزيارات السابقة، فمن بشريات وفد المقدِّمة واتفاق وزيرَيْ الدفاع في البلدين على فتح المعابر وسحب الجيشين عن الحدود (20) كيلو متراً، نستطيع أن نصفها بأنها زيارة مثمرة.. ولها حصاد.
لا غنى لشمال السودان عن جنوبه، ولا بديل لجنوب السودان غير شماله، سواءً في الاقتصاد والمعاملات التجارية، أو مجال التعاون العسكري والأمني لتحقيق الاستقرار في البلدين، أو ما تعلَّق بالتعليم والتدريب والصحة وجميع الخدمات .
لقد انفصل الجنوب وصار دولة مستقلة ذات سيادة منذ العام 2011م، ولكنه للأسف استغرق بعد أقل من عامين على استقلاله في حرب طاحنة لم تبق ولم تذر، وما زالت نيرانها مستعرة في عدد من أقاليم الدولة الوليدة، وما كانت الأوضاع ستبلغ هذا المآل المأساوي لو أن قادة الجنوب كانوا قريبين و متعاونين مع أخوانهم قادة الدولة في الشمال .
السودان هو الأقدر على المساعدة في حل مشاكل الجنوب، و ليس يوغندا ولا كينيا ولا إثيوبيا، وقد توصَّلت الولايات المتحدة الأمريكية لهذه النتيجة.. ولكن متأخراً جداً، فجعلت المساهمة في تحقيق السلام بجنوب السودان من ضمن شروطها و مساراتها الخمسة لرفع العقوبات عن السودان .
ظللنا نكتب منذ سنوات، مطالبين بأهمية تسوية الخلافات مع الجنوب وترقية مستويات التعاون السياسي والاقتصادي و الأمني لنصل نقطة (الوحدة الاقتصادية).. فما المانع؟! كنا دولة واحدة بجنيه واحد قبل (6) سنوات، بينما تتعامل اليوم (28) دولة أوربية بـ(يورو) واحد!!.
الفهم الإستراتيجي الذي يطوِّر الدولتين ولا يحوِّجهما لمعونات أمريكية أو أوربية أو عربية وأفريقية أن يعمل الاقتصاد في البلدين عبر صناديق وآليات موحَّدة، وصولاً لمرحلة (العملة الواحدة).. جنيه السودان وجنوب السودان، وهو أمر أيسر مما حدث في أوربا التي توحَّدت فيها عملة “ألمانيا” الأغنى مع عملة “اليونان” الفقيرة!.
ينبغي أن يستوعب قادة جنوب السودان درس السنوات الست الماضية، التي ما جنت منها الدولة المستقلة سوى المزيد من الخراب والضياع وقتل الآلاف وتشريد ملايين الجنوبيين لاجئين في السودان أو نازحين داخل حدود الجنوب .
لا حل أمام قيادة الجنوب سوى تغيير العقلية والسياسات التي كانت تدير بها علاقاتها مع السودان .
مرحباً بالرئيس “سلفاكير” ووزرائه في وطنهم الأول والثاني .. مرحباً بهم في خرطومهم.. بين أهلهم وأحبابهم .
رحلة موفقة..

المجهر

Exit mobile version