– 1- شعرت بحاجتي إلى الضحك، حينما اطلعت على مقال أخ كريم وهو يقترح إبعاد الوالي محمد طاهر إيلا من ولاية الجزيرة، حتى تعود وحدة بنيها وتماسكهم!
ما لا يعرفه الزميل كاتب المقال أن اختيار إيلا جاء لإنهاء النزاع المتطاول بين مراكز القوى الذي أقعد بالولاية تنموياً وأضعف حزب المؤتمر إلى حد الهوان، وهذا ما كشفت عنه نتائج الانتخابات الأخيرة والصراعات القبلية الغريبة عن سماحة مواطني الجزيرة الذين لا يعرفون انتماءً سوى للأرض والمياه والسماء والسودان العريض .
-2-
بعض الذين يقفون ضد إيلا من الزملاء لم تمكنهم الظروف من المقارنة بين أوضاع الجزيرة ما قبل الرجل وما بعده، كيف كانت الأوضاع وكيف أصبحت الآن؟!
ومع أن الظروف لم تمكنهم من ذلك كنت أتمنى أن يكلفوا أنفسهم رهق يوم وليلة بزيارة الولاية واستنطاق أهلها من المواطنين، لماذا يخرجون في المدن والقرى لاستقبال الوالي والهتاف باسمه وتسمية أبنائهم ومحالهم التجارية عليه، وترديد مقولة:( بلد ما فيها إيلا يا حليلها)، هل هم مكرهون على ذلك بجبروت السلطة أم مستجلبين بإغراءات المال؟!
-3–
صحيح الأوضاع ليست مثالية تماماً، فالجزيرة التي أهملت لعقود وأهدرت أموالها في العبث السياسي وكشوفات الموتى وامتيازات المنتفعين بخيرها، لا يمكن أن يستقيم حالها ويعتدل قوامها في عامين من حكم الرجل، بعد أن تحطم مشروعها بسوء السياسات.
لا تزال الجزيرة في حاجة لكثير من الخدمات الضرورية.
-4-
مصدر التأييد الجماهيري الذي يجده محمد طاهر إيلا لأنه أشعل شموع الأمل بعد ظلام دامس وأعاد الدماء لشرايين أصابها اليباس والحياة لقرى سكنها الخراب ولمدن أقعدها الإهمال .
-5-
لا مصلحة شخصية لي في دعم إيلا ولا عداء لي مع مخالفيه، بل البعض أحسبهم من الأخيار وإن اختلفت التقديرات وتباينت المواقف، كل ما في الأمر أنني مثل كثيرين وجدته يفعل ما لم يفعله سابقوه الذين أهدروا أزمنة وإمكانات الجزيرة في الصراع وتحقيق المصالح الخاصة على ركام الفشل العام، وقناعتي حتى إذا ذهب إيلا اليوم أوغداً، لن ينتهي الصراع سيشتعل بصورة أكثر شراسة بين مراكز القوى المتعددة التي لم يضنيها الاعتراك على المناصب ما قبل إيلا وما بعده.
-6-
اتفق مع البعض كان يمكن لجم هذا الخلاف و إيقافه قبل أن يتسع الفتق ويصل الأمر إلى ما وصل إليه.
إيلا رجل يخطط وينفذ بصورة تكاد تكون معدومة لدى غالب التنفيذيين، فقط يحتاج أن يدير معاركه وفقاً لقواعد الاشتباك السياسي عبر الأدوات الناعمة حتى تتحقق إحدى الحسنيين إما إقناع المناوئين أو وحدة الصف على الحد الأدنى من الاتفاق .
ربما غلبته الحيلة عن فعل ذلك، فصعب عليه احتمال الاستفزازات فأراد بخطوته تلك البلوغ بالصراع إلى منتهاه.
-7-
إيلا لم يحرض الجماهير على احتلال المجلس كما حاول أن يروج البعض لذلك، ولكنه حذر من حدوث السيناريو الأسوأ وطلب من مخالفيه وضع ذلك في الاعتبار.
دعوة البعض لإخراج إيلا ومناوئيه من الجزيرة دعوة أشبه بنصيحة بعض المدربين في كرة القدم للاعبين لا يجيدون سوى العنف إعاقة لاعب ماهر( زي التش مثلاً )حتى يخرج بالإصابة ولو كان مقابل ذلك خروج المعتدي بالكرت الأحمر.
-أخيراً-
الاختيار الآن أمام القيادة ليس بين إيلا والمجموعة المعارضة له، ولكن بين كسب رضا مواطني الجزيرة باستمرار ما بدأه إيلا أو الاحتفاظ بالمجموعة التي بعض قادتها لا يجيدون غير صراعات الوحل ولم تشفهم الأيام من إدمان الفشل.
ضياء الدين بلال