ما أن يذهب العبدلله إلى أي بلد خارج الوطن ويجلس إلى أي مجموعة من السودانيين حتى يرموا له بسؤالين أحدهما قبل (السلام ذاتو) وهو :
أخبار خط هيثرو شنووو؟
أما السؤال الآخر فيطرح غالباً بعد أن يبدأ الجميع في مناقشة أحوال الوطن وما يجرى فيه وملخص السؤال هو :
البلد دي ماشة وين؟
وهنا دائماً أتذكر مقولة الكاتب المصري الساخر (جلال عامر) الذي سأله أحدهم (مصر رايحة فين؟) فأجابه : «مش كنت تسأل قبل ما تركب»
السؤال يوضح مدى الخوف الذي يتملكهم مما يجرى، والحيرة التي تملأ جوانحهم حيال ما سيأتى ، فمن زياراتي ولقاءآتي مع مختلف شرائح المهاجرين والمغتربين السودانيين فى معظم بلاد الدنيا أجزم بأن لديهم حساسية بالغة إزاء ما يحدث فى البلد، ويحرصون كل الحرص على متابعة مجريات الأحداث فيها ومعرفة كل ما يطرأ في حياة المواطنين ربما أكثر من الذين يعيشون فيها، وهذه عادة كل سوداني ينتمي إلى هذا الوطن العملاق الذي يظل مرتبطاً به حتى وإن وجد في مهجره ما وجد من أسباب الدعة و(الراحات) .
دأئماً أقول لمن يسألون إلى أين يسير بنا (الأخوان) ، وفى صراحة تامة: أن المسؤول ليس بأعلم من السائل، وأنه بعد هذا التدمير (الممنهج) الذي لم يسلم منه مرفق من المرافق والفشل التام الذي لازم كل السياسات والفساد الذي أصبح (بالمفتشر) فإن الرؤية تصبح ضبابية وغير واضحة المعالم وتحتاج إلى (معجزة إلهية) لكنهم سرعان ما يبدأون فى طرح أسئلة تفصيلية عن كل شىء، وتنتقل نقاط الحوار من السياسة إلى الاقتصاد إلى الأمن، ثم الثقافة ثم أحوال المجتمع، ويدلو جميع الجالسين بدلوهم وغالباً ما تختلف الآراء حول التفاصيل، لكنها جميعهاً تتفق بأن الوطن أمام مشكلة عويصة (خالص)، تتسع وتتعمق و (تتشربك) يوماً بعد يوم ، وتبدو العقول والأفهام عاجزة عن الوصول إلى إجابة شافية كافية تكون بمثابة خريطة طريق تعيد البلاد إلى سيرتها الأولى قبل أن ينقذها هؤلاء القوم .
لا شك أن الجميع يتمنون من كل قلوبهم أن يدرا الله الفتن عن البلاد ما ظهر منها وما بطن وأن يجنب الله البلاد والعباد الشرور والإحن غير أن طرح هذا السؤال (طوااالي) وبصورة مستمرة في كل مناسبة تجمع السودانيين في أي مكان وزمان شيء يبعث على القلق، ويوضح بأن البلاد تسير في طريق (من غير ملامح) وينبه إلى أن هناك خطراً كبيراً يواجه البلاد لا بد من تفاديه، فالناس إن سألوا، فعلى أهل الحكم أن يعلموا بأن سؤالهم مشروع ينبع من خوفهم على وطن أيل للسقوط (بكل المقاييس) إن لم يتدارك أمره الجميع .
لابد أن يعلم من بيدهم مقاليد الحكم أنه لم يعد هنالك ما يطمئن الناس على مستقبل البلاد، وأن ما نراه يتخذ من قرارات، ويتبع من سياسات، وينفذ من إجراءات، يصب كله في مسألة توطيد الحكم لا الخروج بهذا الوطن إلى بر الأمان وليس أدل على ذلك إلا تلكم المسرحية (البايخة) التي تسمى (بالحوار) الذي لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى .
إن طرح السؤال (البلد دي ماشة وين؟) هو بلا شك مؤشرً على موقف الناس من الحكم، وخوفهم على ما يجرى في بلادهم من إستباحة معدومة المثيل لأرضه وخيراته ، كما أن تكرار التساؤل في كافة المحافل والبقاع ومختلف الخلفيات المهنية والثقافية لهو بلا شك استطلاع رأى (يومي) عن رأى الناس فى أهل الحكم وكيفية إدارتهم لهذه البلاد .
سوف يظل السؤال الذي يكرره يوميا أهلنا المغتربين الذين تتعلق قلوبهم وعقولهم ببلدهم العملاق الذى يتمنون له كل خير هو (البلد دي ماشة وين؟) ، وسوف يظلوا يرفعون أكف الضراعة لله سبحانه وتعالى كى يُفرِّج عن هذا البلد كل كرب، ويقيه من أى مكروه ، واضيف لهم من عندي (الناس الجوه ذااتم ما عارفين) !
كسرة :
بعد القصة حصلت (بتدقا يا عبدلله) ما ظنيت الأمور تاني تستعدل !!
•كسرة جديدة لنج : أخبار كتب فيتنام شنو(و) يا وزير المالية ووزيرة التربية والتعليم شنو(و) … (ليها شهر)
• كسرة ثابتة (قديمة): أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 90 واو – (ليها سبع سنوات وسبعة شهور)؟
• كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 49 واو (ليها أربعة سنوات وشهرين)
ساخر سبيل – الفاتح جبرا
صحيفة الجريدة