ضياء الدين بلال: جلست إلى الدبلوماسي واستمعت إلى روايته وقلت له طالما تملك هذه الثقة في براءتك، عليك أن تدلي بإفادتك للرأي العام

الغلو في التجريم
-1- اطلعت مثل كثيرين على رواية فاجعة عن رجل أعمال متهم بممارسات جنسية شاذة متعلقة بهتك عذرية فتيات صغيرات في العمر.
ما لفت نظري ورود اسم الوزير أحمد سعد عمر كضامن للشخص وفي بعض الروايات كمتدخل لإطلاق سراح المتهم تمهيداً لهروبه.
بحاستي وخبرتي الصحفية اشتبهت في الرواية وأجريت اتصالات واسعة للتأكد من صحتها.
-2-
وجدت هنالك قضية متعلقة بممارسة الدعارة ولكنها ليست بالتفاصيل التي وردت في الرواية الإسفيرية.

الوزير أحمد سعد عمر نفى أن تكون له علاقة من قريب أو بعيد بالقضية من حيث الضمانة أو الاتصال وشرع في تحريك إجراءات قانونية وفق قانون المعلوماتية ضد المواقع التي تداولت القصة ناسبة إليه التدخل.
الناشطون في بث الشائعات بإمكانهم فبركة أي قصة أو إضافة معلومات و(توم وشمار) لقصة موجودة.
هنالك من يفعل ذلك على سبيل شهوة الإثارة الشريرة وبعض آخر يأتي بتلك الفعلة الشنيعة بغرض الكيد وإلحاق الأذى بسمعة عدو أو منافس.
– 3-
ارسل رسالة تحوي ما هو مثير؛ شتائم لشخص أو سيرة مزيفة أو شائعات محكمة الصياغة.

ارسلها إلى شخص خارج الحدود أو داخلها، أو ضعها خلسة على قروب واتساب واكتب عليها (منقول)، ستسري سريعاً على الشبكة العنكبوتية لتصل إليك!

الواتساب أصبح دائرة مغلقة بإحكام. نقطة النهاية هي ذاتها نقطة البداية ، المرسل هو ذاته المستقبل.
-4-
المعلومات المغلوطة، أو الشَّائعات المُخْتلقَة أو المُحوَّرة، تكتسب قوةً وصلابة مع مرور الزَّمن، وكثرة التكرار واعتيادية التَّرديد، حتى تصبح أقوى من الحقائق، بل قادرة على هزيمة الحقائق في لحظات المواجهة.
المعلومات النَّاقصة وغير المُتماسكة، والتي بها ثغرات، تُمثِّل خطورة أكبر من الشائعات؛ بل إنها من الممكن أن تُعطي الشَّائعات قوةً، وتزيد من رَواجِها، ولا يُجدي بعد ذلك تصويبٌ أو توضيح أو حكم محكمة.
-5-
شعرت بحرج لاعتبارات عديدة في تناول قصة الدبلوماسي الشاب الذي أدين إعلامياً واجتماعياً بالتحرش.
أعرف هذا الشاب وأسرته بحكم انتمائنا لمدينة واحدة، قلت إن شهادتي ستكون مشتبه فيها ومجروحة بحكم علاقة المنطقة.

ولكن بعد اطلاعي على الإساءات البالغة والأذى الجائر الذي لحق بأسرته وجدت في الصمت عاراً وجبناً لا يليق بي وكتماناً للشهادة.
-6-
الشاب ينتمي إلى أسرة كريمة معروفة بالشرف وحسن الخلق ونظافة السيرة والمسيرة الاجتماعية.
شقيقه الأكبر إمام مسجدنا وفي دروسه تعلمنا التجويد وقراءة القرآن.
والدبلوماسي الشاب طوال معرفتنا به منذ الصغر لم نسمع منه أو عنه إلا كل خير، تميز ونباهة وحسن خلق.
-7-
نعم كل ذلك لا يؤهلني لتبرئته أو الدفاع عنه من منطلق الحمية المناطقية.
كلمة الحق التي يجب أن تقال: من الظلم والجور والعدوان أن يحكم عليه بالإعدام اجتماعياً وأخلاقياً قبل اكتمال التحقيق أو صدور حكم قضائي يؤكد الوقائع ويثبت التهمة.
مع احتمال صحة الواقعة بالتفاصيل التي جاءت في الصحيفة الأمريكية يجب عدم إسقاط احتمال الكيد والمؤامرة والافتراء.

-8-
جلست إلى الدبلوماسي الشاب واستمعت إلى روايته وقلت له طالما إنك تملك كل هذه الثقة في براءتك من تهمة التحرش، ليس أمامك سوى أن تدلي بإفادتك للرأي العام وأن تمثل أمام القضاء الأمريكي ولو بعد حين، لتثبت براءتك للتاريخ أمام الجميع .
-أخيراً-
للأسف مجتمعنا أصبح له نزوع خطير لتداول الفضائح المالية والجنسية بتلذذ وتصديق يقيني، دون تحقق أو إثبات، يكفي أن تتهم فقط حتى تصبح مداناً ومحكوماً عليك بالإعدام المعنوي والاجتماعي.
لا أحد يَضعَ نفسه أو يُوضَع قريبٌ له في هذا الوضع حتى يشعر بمرارة الظلم وقسوة الافتراء.

بقلم
ضياء الدين بلال

Exit mobile version