دار جدل ولغط كبير حول رفع الحصار على البلاد والذي استمر لمدة عشرين عاماً، الظاهر للناس أن هناك عملية اختراق للأمريكان من أجل فك الحصار، ولكن من هم أولئك الجنود الذين غابت أسماءهم من المشهد قبل وبعد رفع الحصار؟ الجنود المجهولون رفضوا الظهور على المسرح باعتبار ما قاموا به عمل دولة مشترك، فلا يريدون أن ينسبوا الفضل لهم، بينما هناك لاعبون جُدد ظهروا على المسرح وكأنهم هم الذين قاموا بكل شئ.
بالأمس ولأول مرة منذ أن غادر منصب محافظ بنك السودان دون ضوضاء أو الإدلاء بأي حديث أو تصريح للإعلام زرته أمس بمنزله، فالأستاذ “عبد الرحمن حسن” المحافظ السابق الذي يُعد من الأطهار جلست معه لبضع الوقت، كنت أعلم أنه واحد من الذين قامت على أكتافهم مع الآخرين عملية رفع الحصار، حدثني كثيراً عن كيف تم الحصار وكيف تعاملوا مع هذا الملف منذ أن بدأ الحصار، وما هو الدور الذي لعبته البنوك الأخرى مع السودان خلال فترة الحصار، وما هو دور بعض البنوك السعودية وكيف كانوا يتعاملون في عملية النقد الأجنبي، لقد كان صادقاً في كل كلمة قالها، ولم احس أنه حاول أن ينسب أي فضل له، وإلا لظهر للإعلام منذ أن أعلن رفع الحصار، قال لقد كنت خارج البلاد عندما أعلن رفع الحصار، فأول شئ قمت به بعد سماعي للنبأ المفرح أن سجدتُ لله شكراً وحمداً له، وهذا يدل على أن الرجل يتابع بدقة العملية وأثبت وطنيته ولم يعلن تمرده أو يلعن البلد بعد أن ترك البنك والطريقة التي خرج بها منه، فالوطنيون قلة ولذلك أمثال هؤلاء يفترض أن تقام لهم التماثيل لما بذلوه من جهد ومن عمل لا يدركه الكثيرون، إن رفع الحصار ليس أمراً سهلاً ولا الولايات المتحدة الأمريكية رفعته عشان سواد عيونا وإنما هي المصالح، فالأستاذ “عبد الرحمن” قال لي إن الفضل في عملية الرفع التناسق والتناغم بين الدبلوماسية السودانية، ورئاسة الجمهورية فقد لعبا دوراً هاماً في ذلك..
كما أثنى على البروف “غندور” الذي تحمل الكثير في هذا الملف.. واحتفظ بكثير من الأسرار، وقال إن اللجنة الخماسية استطاعت أن تقود الأمور إلى بر الأمان، الأستاذ “عبد الرحمن” متفائل جداً على تحسن الوضع الاقتصادي خلال الفترة القادمة والتي حددها بالستة أشهر أو العام، وقال إن أسعار العُملات الأجنبية وعلى رأسها الدولار ستشهد انخفاضاً لأن الأسباب التي منعت المغتربين الفترة الماضية من تحويل أموالهم إلى الداخل قد انتفت، فالآن سيتم التحويل المباشر من كل البنوك الخارجية دون الحاجة إلى الوسطاء كما كان يحدث إبان فترة الحصار، قال من أراد أن يحول دولاراً واحداً سوف يتم تحويله مباشرة إلى داخل البلاد وبنفس القيمة دولار، إن المخاوف التي أبداها البعض على الاستقرار الاقتصادي خلال الأيام القادمة، قال إن البنوك التي كانت تتخوف من أمريكا إبان الحصار وعدم تعاملها مع البنوك السودانية لا توجد الآن، وقال إن كثيراً من الدول سوف تدفع بأموالها إلى السودان قريباً مثل اليابان وكوريا وحتى الدول العربية وأمريكا نفسها التي أحست بالاستقرار السياسي والأمني في السودان، وهذا واحد من العوامل التي جعلت أمريكا ترفع الحصار عن البلاد، وأمريكا تنظر إلى مصالحها خاصة وإن منطقة الشرق الأوسط تموج بالصراعات والحروب وعدم الاستقرار الأمني، أمثال ليبيا وسوريا واليمن مما دفعها للتعامل مع السودان، إن الأستاذ “عبد الرحمن حسن” محاقظ بنك السودان السابق واحد من منظومة استطاعت أن تقوم بعمل وطني كبير من أجل الوطن.
صلاح حبيب – لنا راي
صحيفة المجهر السياسي