بعد اعلان الولايات المتحدة الاميركية يوم الجمعة الماضي رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان ، والتي استندت في قرارها علي خطوات حكومة الخرطوم في تحسن ملفات اوضاع حقوق الانسان ، اضافة الي ان لها دورا اقليميا في محاربة الارهاب ، وذكر مصدر في الادارة الامريكية ان رفع العقوبات المفروضة علي السودان منذ عام 1997 ، والتي شملت الجانب المالي ليتضرر منها الجهاز المصرفي بجانب عدم تمكن المواطن السوداني من الحصول علي حتى قطع غيار الآلات وماكينات المصانع التي توقفت واثرت في المستوي المعيشي ،
فيما اثبت ان الرفع الجزئي للحظر الامريكي كشف عن مستقبل عملية التبادل المصرفي في زيادة حجم التسهيلات البنكية بالاضافة الي خفض المضاربات في النقد الاجنبي التي ادت الى رفع سعر صرف الجنيه امام الدولار الى اكثر من 15 جنيها للدولار فيما قفز في سابق الايام وحتي علي مستوي السوق الموازي الي 22 جنيها وبدا يتراجع حتي اللحظة .
مشروعات اقتصادية
واكدت وزيرة الدولة بالتعاون الدولي الدكتورة سمية اكد ان الدولة لها مشروعات جاهزة لتقدمها للمجتمع الدولي ، بعد رفع الحظر الاقتصادي الذي كان عائقا في تمويلها ، واضافت عليه ان يظهر جديته في التعامل معها بعد ان ابدى السودان تعاونه التام في عدد من الملفات .
وقالت اكد في تصريحات « للصحافة « ان عدم شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب يؤثر علي قضية الديون الخارجية ، مبينة ان الوزارة تعمل بالتنسيق مع وزارة المالية والجهات ذات الصلة لنجاح الخطوة .
واضافت ان وزارة التعاون الدولي هي بوابة السودان في كيفية استغلال دعم مؤسسات المجتمع الدولي ، لافتة الي انه قبل الحظر كان يوجه العون بدون استشارة للحكومة لكن الان سيوجه للاولويات ولصالح استغلال الموارد في تمويل القطاع الخاص في قطاعات الزراعة والصناعة ، مؤكدة ان دور الوزارة يقتصر في تقديم الدعم الفني باعتبارها حلقة وصل .
وقالت وزيرة التعاون الدولي ان تدهور العلاقة بين حكومة السودان والادارات الامريكية السابقة حرم السودان دخول عدد من منظمات المجتمع الدولي ، مما اوقف عملية الاستثمار في البلاد ، معتبرة ان قطاع التعاون الدولي هو الاكبر تضررا ، مؤكدة استغلال رفع العقوبات لتحقيق نهضة الاقتصاد السوداني في شتى المجالات .
سياحة علاجية
وكشفت عن مجهودات قامت بها الوزارة مطلع العام الحالي في عملية لترتيب البيت الداخلي علي حد وصفها لاستغلال القرار بتوجيه الدعم الخارجي لقطاعات الزراعة والثروة الحيوانية في انتاج الامصال بتشجيع الصناعة الوطنية بجانب إنشاء المسالخ ، اضافة الي دعم الصناعة والتعدين انجاح البرنامج الخماسي ودعم البنية التحتية ، واكمال مشروع الربط الشبكي للكهرباء مع دولة اثيوبيا ، وتنفيذ مشروع زيرو عطش .
واكدت التزام الدولة بتطوير قطاع الصحة بتوفير الادوية والتركيز علي فتح الاستثمارات في إنشاء المراكز والمستشفيات الحديثة بهدف دعم السياحة العلاجية بالبلاد ، بجانب ايقاف هجرة علاج السودانيين في الخارج ، بالمقابل شددت علي بناء قطاع تعليمي بجودة عالمية اضافة الي إنشاء عدد من مدارس الاساس في مدن السودان المختلفة ، اضافة الي ضمان تدريب وتأهيل المعلمين .
وقال وزير التجارة حاتم السر ان الحظر ادى الي اغلاق الاسواق الغربية في وجه الصادرات السودانية ، وبالغائه يمكن للصادرات السودانية النفاذ الي امريكا والاتحاد الاوربي ، بجانب فتح اسواق جديدة امام سلع الصادر السودانية التى كانت محظورة وممنوعة من دخول هذه الاسواق ما عدا الصمغ العربي مما ادى الي تدنى الصادرات السودانية الي امريكا والاتحاد الاوروبي بسبب الحظر من 65% عام 1996م الي حوالى 4% حاليا مما ادى الي خسائر في التجارة الخارجية ، مضيفا لدينا برنامج عاجل قابل للتنفيذ يهدف الي ترقية الصادرات السودانية مستهدفين به اسواق امريكا والاتحاد الاوروبي وامريكا الشمالية والجنوبية وذلك لانعاش الاقتصاد والتجارة بالسودان.
مستقبل اقتصادي
يؤكد خبراء ومراقبون اقتصاديون ان فائدة وثمار رفع العقوبات الاقتصادية مرهونة برفع السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب لاستغلال التدفقات الاستثمارية الامريكية والقروض الدولية من صندوق النقد والبنك الدوليين فضلا عن اعفائه من الديون الخارجية.
وقال رئيس اتحاد الغرف الصناعية نائب رئيس اتحاد اصحاب العمل معاوية البرير ان انعكاس القرار كبير وايجابي علي الزراعة والصناعة وللمنتجين وعلي المستهلكين ، وان القرار يعتبر اساسيا واستراتيجيا لنقلة ايجابية للاقتصاد الوطني ، مشيرا الى تزامن صدور القرار والبلاد علي بداية موسم زراعي مما يتيح فتح اسواق جديدة وسهولة فتح اجراءات الاعتمادات والحصول علي التمويل وبالتالي تدفقات مالية للصادرات .
لافتا الى اسهامه فى تقليل تكلفة الانتاج ، مؤكدا ان القرار سيحدث وبصورة تلقائية تعديلا وتصحيحا للعديد من المسارات والاثار السالبة التي برزت خلال فترة العقوبات فيما يلي الانشطة التجارية كبروز ظواهر السماسرة والمضاربات والحصول علي التمويل دون اعباء اضافية فى تكلفته، داعيا الى ضرورة تكاتف الجميع للاستفادة من الخطوة لاحداث نهضة اقتصادية كبري تتنزل خيرا وبركة علي البلد والمواطن.
توقع المحلل الاقتصادي وعضو هيئة المستشارين بمجلس الوزراء الدكتور هيثم محمد فتحي دخول شركات اميركية وعالمية للاستثمار في السودان بعد قرار الغاء العقوبات ، خصوصا ان الولايات المتحدة تعتبر مستهلكا جيدًا للمنتجات السودانية ، مثل الصمغ العربي الذي يصدر اليها .
واضاف القرار سيعمل على تحسين مؤشرات الاستثمار وفقًا للمعايير العالمية مما يمكن من الحصول على التقنيات واستقطاب رؤوس الاموال من جميع انحاء العالم .
واعتبر ان البلاد بعد رفع العقوبات تتوفر لها فرصة الاندماج في المنظومة العالمية للاقتصاد بجانب جذب استثمارات اجنبية وعودة الشركات الاميركية العاملة في مجال النفط والزراعة وتعزيز البنية التحتية التي تضررت بفعل العقوبات ، وتدفق الاستثمارات الاجنبية التي كانت تتخوف من ضياع اموالها في بلد محظور ماليا خشية ان تطالها عقوبات اميركية في حالة تعاملها مع السودان مصرفياً ، معتبرا ان فك الحظر سيعمل على تحقيق تحول كبير في سياسات الدول حول العالم تجاه البلاد ، التي كانت ، لا سيما قطاع الاتصالات والمواصلات والسكك الحديدية .
مخاوف بنكية
فيما اكد محافظ بنك السودان المركزي حازم عبدالقادر ان رفع العقوبات الاقتصادية جاء نتاج تضافر الجهود الاتصالية للدولة مجتمعة ، واضاف القرار يعني عودة الجهاز المصرفي السوداني للاندماج مرة اخرى في الاقتصاد العالمي ، بجانب تسهيل انسياب وزيادة موارد النقد الاجنبي والاستثمارات الاجنبية بالبلاد ، اضافة الي تخفيض تكلفة التمويل والمعاملات الخارجية ، مما ينعكس ايجابا على الاقتصاد السوداني ، معلنا جاهزية الجهاز المصرفي السوداني للمرحلة القادمة .
وفيما اكد وزير المالية والاقتصاد وشؤون المستهلك بولاية الخرطوم عادل محمد عثمان وزير الالتزام التام بالقوانين واللوائح المنظمة للعمل المالي والحسابي ، اضافة الي اظهار بيانات الاداء .
ويقول الخبير الاقتصادي التجاني حسين دفع السيد انه عندما اتخذ الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما قرار رفع العقوبات الاقتصادية والتجارية علي السودان ، وابقي علي ماهو متعلق بوجود اسم السودان في قائمة الارهاب ، واعطي مهلة 6 شهور للرفع الكامل للعقوبات كان من المتوقع ان تقوم كل المصارف في العالم باستئناف مراسلاتها مع المصارف السودانية ، ولكن هنالك العديد من المصارف كانت في انتظار الرفع الكامل للعقوبات وبعد مد الفترة انتظرت الي الرفع الكامل في بداية اكتوبر .
وتوقع التجاني استئناف البنوك العالمية بما فيها الامريكية مراسلاتها مع المصارف السودانية ، كما ان تستأنف الشركات الاخري علاقاتها الاقتصادية مع البلاد ، وقال انه سيكون هنالك انفتاح اكبر مع الاقتصاد السوداني ، لافتا الي ان هذه الخطوة ستنعكس ايجابيا علي التخفيف في مشكلة الدولار ، مما تجعل وفرة « نسبية « تمكن في تجاوز المضاربات في الدولار التي تؤدي باستمرار الي ارتفاع اسعاره ، الاانه رجع واستدرك ان العامل الحاسم في معالجة مشكلة سعر الصرف في السودان هو زيادة الانتاج والانتاجية في الصادرات السودانية ، لتعمل علي تغطية احتياجات البلاد من العملات الحرة ، مؤكدا انه اذا لم تتواجد انتاجية ، تتجدد المخاوف الحقيقية بمعاودة الدولار ارتفاعه مرة آخري الي مدي لا يستطيع التنبؤ به اي اقتصادي .
منافذ للتمويل
واوضح الامين العام للغرفة القومية للمستوردين باتحاد الغرف التجارية علي صلاح علي فى تصريح صحفي ان القرار سيعمل على اختفاء ظاهرة السماسرة والمضاربين التي برزت خلال فترة العقوبات فى مجالات الانشطة والمعاملات التجارية ويسهم فى اعطاء فرصة للقطاع المصرفي فى تقديم المزيد من التسهيلات والحصول على تسهيلات للتمويل الخارجي خاصة في مجال السلع الاستراتيجية بجانب توافر فرصة استخدام وسائل الدفع المختلفة المعمول بها عبر المصارف العالمية، والتي تسهم فى بقاء الكتلة النقدية بالنقد الاجنبي بالمصارف وتقليل وخفض الطلب على الدولار.
واشار صلاح الى التوقعات بانخفاض فى سعر الدولار والذي قد يستمر لفترات فى الهبوط وتحسين الميزان التجاري بتنشيط الصادرات ، وصفا القرار بانه يعتبر عاملا مباشرا لفتح منافذ للتمويل ، لافتا الى التنامي الاخير الذي شهدته البلاد في زيادة عدد الشركات الراغبة في الاستثمار فى السودان خلال الفترة الاخيرة التي اجرت فيها العديد من الاتصالات بالقطاع الخاص والاجهزة المختصة بالاستثمار، مبينا ان المناخ مهيأ بصورة كبيرة الامر الذي يمهد لتنفيذ اسرع للمشروعات الاستثمارية .
فيما دعا رئيس الغرفة القومية للمصدرين وجدي ميرغني محجوب الي تعاون وتكاتف كافة الجهات من الجهات الرسمية ورجال الاعمال والقطاع الخاص لبذل كل الجهود لتقصير فترة الاندماج فى الاقتصاد العالمي بحيث تكون فى اقرب فرصة حتي نتيح الفرصة لضخ الدماء فى الاقتصاد الوطني وان ننتهز هذة السانحة لتحسين الاداء فى الاجهزة الاقتصادية وقطاعات الاعمال .
واضاف ان رفع العقوبات تمثل عبئا لما هو مطلوب للتغلب علي العبء الاكبر المتمثل فى كيفية العمل لتهيئة البلاد للعودة الى الاقتصاد العالمي عقب استطالة فترة العقوبات التي غاب عنها السودان فى الاقتصاد العالمي بسبب العزلة التي عاني منها طوال فترة العقوبات .مشيرا ان الى الفرصة سانحة للاستفادة من التجارب السابقة لنحسن الاختيار للاندماج فى الاقتصاد العالمي بتجاوز السلبيات الاقتصادية وعبر عن تفاؤله بتحقيق نجاحات خلال المرحلة المقبلة نظرا لوجود قاعدة انتاجية وامكانات اقتصادية وموارد ضخمة بالسودان تمكنه من الانطلاق من خلال الاهتمام الانتاج الذي وصفه بانه يمثل المعالجة الاولي والاخيرة لكل ما يعتري الاقتصاد من علل .
جذب استثماري
وقطع رئيس الاتحاد العام لاصحاب العمل السوداني سعود مامون البرير ان القرار يسهم بصورة مباشرة فى احداث استقرار طبيعي لسعر الصرف عقب زوال الكثير من المسببات التي اسهمت فى عدم احداث الاستقرار المطلوب له خلال الفترات الماضية ، لافتا الى اتجاه عمل الاتحاد خلال المرحلة المقبلة وفق خطة للاستفادة من القرار ، لتحقيق وتأسيس شراكات اقتصادية بين قطاعاته المختلفة وقطاعات الاعمال بالدول الاخري فى اطار الجهود المبذولة لجذب الاستثمارات، مشيرا الى زيارات العديد من الوفود وممثلي الشركات الاجنبية خلال الفترة الماضية لبحث فرص الاستثمار بالبلاد واستئناف البعض لانشطتها التجارية والاستثمارية التي توقفت بسبب العقوبات بالسودان .
فيما يري رئيس الاتحاد العام لاصحاب العمل السوداني سعود مامون البرير ان القرار جاء مبشرا للقطاع الخاص وسيكون له دون شك اثارا ايجابية واضحة ومباشرة علي مسيرة واداء الاقتصاد الكلي وعلي قطاعات الاعمال بصورة مباشرة الى جانب الاثر الايجابي فى التجارة الخارجية بانتفاء كثير من تفاصيل التعقيدات التي صاحب اداء الاعمال طوال العشرين عاما الماضية مبينا الاثار الايجابية التي يتيحها القرار باستئناقف نشاط المراسلين الخارجيين للمصارف وسهولة التعامل مع مؤسسات وصناديق التمويل الاقليمية والعالمية .
الخرطوم :محمد عبدالله
الصحافة