السودان «تحت بندين» .. جزرة أم عصا

بعد عقدين من معاناة الشعب السودانى جراء العقوبات الإقتصادية المفروضة عليه من الإدارة الأمريكية ، رفعت الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية عن السودان بعد أن تبين لها أن السودان قام بإجراءات ايجابية، تمثلت فى التعاون الخارجى فى معالجة الصراعات والنزاعات الإقليمية ومحاربة الإرهاب والإتجار بالبشر ،علاوة على وقف الأعمال العدائية فى مناطق النزاع فى السودان وتحسين المساعدات الإنسانية ، ورغم اعتراف الولايات المتحدة بدور السودان فى مكافحة الإرهاب وإحرازه تقدم وتعاون فى هذا المجال إلا أنه ظل مدرج تحت قائمة الدول الراعية للإرهاب وصنف من الدول غير المتعاونة فى محاربة الإتجار بالبشر، فهل تريد الولايات المتحدة الامريكية بذلك أن تمارس سياسة الجزرة والعصا مع السودان ؟
خاصةً وأن رفع العقوبات الاقتصادية لايعنى الانفتاح الكامل على العالم الخارجى دون رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب .

سياسة تحفيزيةدرجت الولايات المتحدة منذ الحرب الباردة على ممارسة سياسة التحفيز مع دول مختلفة ،وظلت تمارس تلك السياسة لتأكيد هيمنتها على دول العالم وفرض سيطرتها ،وهذا ماذهب إليه مدير مركز العلاقات الدولية الدكتور عادل حسن بأن سياسية أمريكا مع السودان تذهب فى هذا الإطار ولاتمنح كامل رضاءها لدولة دون الاحتفاظ بنقطة سوداء لتلك الدولة، بمعنى آخر كلما صدر قرار إيجابى يتبعه قرار سلبى وهذا ماحدث فبعد أن تم رفع العقوبات الاقتصادية اُدرج السودان مع الدول غير المتعاونة فى محاربة الإتجار بالبشر رغم تقييم المؤسسات المعنية بدور السودان الإيجابى .

وأضاف عادل أن القرار الأمريكى يخضع لكثير من المؤثرات ،وهنالك عدة أطراف تتعارض مصالحها مع السياسة الأمريكية تجاه السودان ولم تكن حول مسألة رفع العقوبات إجماع أمريكى لذلك دائمآ تميل الإدارة الأمريكية الى شئ متوازن فى قرارتها ،وقال إن السودان سوف يظل تحت المراقبة بحيث إذا حدث أي تراجع أو انتكاسة فيما التزم به من شروط رفع العقوبات ربما يتعرض لمزيد من العقوبات وممارسة عقوبات ذكية تركز على القيادة ولا يتضرر منها الشعب ، وأوضح بأن سياسية أمريكا التحفيزية ستظل مستمرة ولاتبقى على وتيرة واحدة وأن الإدارة الأمريكية تتجه نحو المصالح الاقتصادية وترى أن هنالك مصالح مع السودان .قرار غير مكتملووصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة بحرى محمد الشقيلة قرار رفع العقوبات بأنه خطوة جيدة ،ولكنه لن يكتمل إلا بإزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، والمعروف بشكل عام أن الدول الغربية دائماً ماتستخدم مسائل الإرهاب وحقوق الإنسان خارج دولها ككروت ضغط على دول أخرى ، وقال الشقيلة المناخ السياسي السائد يصب فى مصلحة الحكومة السودانية، وعليها أن تكثف من مساعيها لرفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والوقت مناسب لذلك خاصة مع اعتراف الإدارة الأمريكية بتعاون السودان فى مكافحة الإرهاب .

وأوضح أن برفع السودان من قائمة الإرهاب لن تكون هنالك مساحة لإعادة فرض عقوبات عليه مجدداً لأن فرض العقوبات الاقتصادية جاء نتيجة التعامل مع السودان كدولة راعية للإرهاب ،وقال مواصلاً حديثه :
إن رفع العقوبات الاقتصادية لايمكن وحده أن يساعد السودان أو أن يستفيد منه كثيراً فى علاقته الاقتصادية طالماً اسمه مدرج مع الدول الراعية للإرهاب لوجود تحفظات من المؤسسات الدولية فى التعامل مع السودان . ودعا إلى ضرورة استغلال الفرصة والظروف لإيجاد تسوية سياسية لملف المحكمة الجنائية .صك الغفرانوبالمقابل أوضح المحلل السياسي صلاح الدومة أن قرار رفع العقوبات وقرار وضع السودان تحت قائمة الدول الراعية للإرهاب ،قراران منفصلان فالقرار الأول يعتبر قرار تنفيذى ووضع السودان فى قائمة الإرهاب قرار تشريعى فرضته السلطة التشريعية ولايتم رفعه إلا بواسطة الكونغرس ولابد أن يسبقه قرار رفع العقوبات الاقتصادية وتختلف أسباب القرارين .

بينما قال المحلل السياسي الطيب العباسي إنه لايمكن لأمريكا أن تتعامل مع السودان بالصورة المتوقعة وتمارس عليه سياسة الجزرة والعصا ،الإبقاء من ناحية والضغط من ناحية أخرى ،وتعتبر نفسها وصية على المجتمع الدولى ، ولعدم ثقتها فى الدولة أبقت عليها فى القائمة ولمصالحها فى السودان كان لابد لها من إيجاد وسيلة ضغط عليه ببقاءه تحت بند الإرهاب والإتجار بالبشر حتى يظل يهفو وراءها من أجل منحه صك الغفران .

تقرير:ناهد عباس
صحيفة آخر لحظة

Exit mobile version