قلب الوالي ..!!

والي الخرطوم، في لقاء تفاكري مع الإعلام ، يصرًح بان قلبه يتمزق حًزناً حين يرى بائعة شاي تعمل طوال اليوم ، ويدعو إلى التعاطي بإنسانية مع قضية (13 / 14 الف) بائعة شاي في الخرطوم..ويقول بالنص (رفقاً بهؤلاء الأخوات)، ويتعهد بإيجاد بدائل تليق بكرامتهن..ثم طالب بإجراء دراسة حالة لكل بائعات شاي، وتخصيص (أكشاك) لمن يرغبن العمل في هذه المهنة ..!!

:: وعليه، فان موقف والي الخرطوم – في قضية بائعات الشاي – يتناقض مع مواقف المعتمدين بمحليات الخرطوم، وهم الذين يصلون بائعات الشاي سعيراً ..عفوا، ليس كل المعتمدين.. معتمد بحري نموذج مشرق في حماية هذه (الفئة الضعيفة)، إذ رفع أثقال الرسوم وهراوات الشرطة عن بائعات الشاي بمحلية بحري، ليعملن أو إبتزاز وضيع .. !!

:: ولكن بالمحليات الأخرى، تجد أحدهم من القادرين على هدم الجبال، وعندما تسأله عن مهنته يُجيبك بلا حياء : ( أنا متعهد ستات الشاي).. فالمحلية تتعاقد مع هذا المتعهد على تحويل أوضاع بائعات الشاي إلى ما تشبه ( حال الجواري).. يستأجرن منه الكراسي والترابيز بالإكراه وبالأسعار الملزمة.. ولو فكرت إحداهن على استخدام كراسييها وترابيزها بدلا كراسي و ترابيز المتعهد، تصادرها سلطات المحلية ولا تعيدها إلا بعد الغرامة والإلتزام بأن تستأجر من العاطل المسمى بالمتعهد..!!

:: بائعات الشاي اللائي يمزقن قلب الوالي بالحزن، يصفهن البعض بانهن يقبحن وجه العاصمة بمنظرهن (غير اللائق)، وكأن اللائق هو حبسهن لحين الموت جوعاً.. ويتهمهن البعض بترويج المخدرات والرذيلة، وكأن الرذيلة تمارس تحت سمع وبصر الناس، وليست في البنايات الفارهة بالأحياء المسماة بالراقية .. أو كأن بائعات الشاي هن من يستوردن المخدرات بالحاويات عبر ميناء بورتسودان، ثم يهربن من العدالة ..!!

:: هكذا يحاكم البعض الساذج بائعات الشاي بعاصمة مسماة – لفظا – بالحضارية، وكأن الحضارة هى أن تدفن آبارالعامة المعطلة تحت قصور الفئة المشيدة ..وبالأحكام الظنية – الجائرة – يضايقون نساءً رمتهن ظروف الحياة وقسوتها في قارعة الطريق ليبحثن عن العيش الكريم والرزق الحلال.. تلك أحكام قاسية و مؤلمة لايحتملها من يرى في بائعة الشاي بعضا من أمه الكريمة أو اخته الشريفة أو حرمه المصون.. !!

:: ولكن نفر من العامة وبعض المسؤولين تسئ ظنونهم شريحة ان هى أرادت بيع الهوى لما أرهقت نفسها بافتراش الأرض وغبارها تحت وطأة الأنظار في سبيل لقمة غذاء وجرعة دواء ومتر كساء.. وكان، ولايزال، المشهد منافياً للانسانية وكل الديانات الداعية اليها، ذاك الذي يظهر فيه موظف المحلية متأبطا شرطيا يفرغ كل طاقاته ومهاراته وخبراته في امرأة جريمتها فقط تريد أن تعيش بستر الحال، بحيث لاتمد يدها للمارة أو تفتح بيت دعارة ..!!

:: تأبى المحليات سترها لحالها، وتطاردها بالعسس..وكل هذا الجبروت، لا لتنظيم العاصمة كما يزعمون ولكن لتحقيق الربط المقدر لخزائن المحلية و الولاية.. أي انهم يكشفون حال النساء ليستروا – بالمقابل – حال الخزائن..وهي خزائن – كاحواض الرمال – لا تمتلئ ابداً.. فلا الزرع يستر حالها ولا الضرع يسد عجزها، ولا هى بالمانحين والقروض تكتفي..ولذا تطارد المحليات النساء وتذلهن أمام أطفالهن لتحقيق ( الربط المقدر)، وهذا ما يجب أن يمزق قلب الوالي، وليس مشهد العمل ..!!

الطاهر ساتي

Exit mobile version