مرض استقلابي يسببه نقص هرمون الأنسولين أو ضعف الاستجابة الطبيعية من خلايا الجسم للأنسولين الذي يُدخل السكر الموجود في الدم (الغلوكوز) إلى الخلايا، وفي كلتا الحالتين تكون النتيجة متشابهة، إذ ترتفع مستويات الغلوكوز في الدم فوق الحد الطبيعي، ويؤدي ذلك إلى تأثيرات سلبية على الجسم عاجلا وآجلا.
الأنسولين هرمون تصنعه خلايا “بيتا” في البنكرياس، الذي هو عضو يقع بين المعدة والعمود الفقري. ويفرز البنكرياس الأنسولين إلى مجرى الدم بعد تناول الشخص للطعام، وذلك استجابة لارتفاع السكر في مجرى الدم.
يشكل الغلوكوز الطاقة التي يتحول إليها الغذاء الذي يأكله الإنسان، ويفرز في الدم فتأخذه خلايا الجسم وتحرقه لإعطائها الطاقة اللازمة لعملياتها الحيوية. ولفعل ذلك فهي تحتاج لهرمون الأنسولين الذي يجعل الغلوكوز يتحرك من مجرى الدم إلى الخلايا.
كلما ارتفع مستوى الغلوكوز في الدم أفرز البنكرياس كمية أكبر من الأنسولين لخفضه. أما إذا انخفض مستوى الغلوكوز فإن البنكرياس يقلل أو يوقف إفراز الأنسولين، ويفرز الجسم بالمقابل أربعة هرمونات أخرى لرفع مستواه في الدم، وهي الغلوكاغون والكورتيزول والأدرينالين وهرمون النمو، والتي تجعل الكبد يطلق الغلوكوز إلى مجرى الدم.
في الأحوال الطبيعية يحافظ الجسم على مستوى الغلوكوز في الدم بنطاق يتراوح بين سبعين و120 مليغراما لكل ديسيلتر، وذلك عبر آلية تضمن الحفاظ على مستواه حتى لو صام الشخص فترة طويلة عن الطعام، أو بالعكس تناول كمية كبيرة منه. أما في داء السكر فيرتفع الغلوكوز فوق الحد الطبيعي.
أنواع مرض السكري
1- داء السكري من النوع الأول
يطلق عليه أيضا اسم السكري المعتمد على الأنسولين، وسكري اليافعين. وهو مرض مناعي ذاتي، إذ يقوم جهاز المناعة في الجسم بمهاجمة خلايا بيتا في البنكرياس ويدمرها، مما يؤدي إلى تراجع الكميات التي يفرزها البنكرياس من الأنسولين بشكل تدريجي. وتمتد عملية التدمير هذه شهورا أو سنوات، وفي النهاية تصبح كمية الأنسولين قليلة للغاية مما يؤدي لارتفاع الغلوكوز في الدم وظهور أعراض السكري.
يتطلب علاج النوع الأول من السكري إعطاء المريض الأنسولين بالحقن أو مضخة الأنسولين. ويؤدي ذلك إلى انخفاض الغلوكوز في الدم والسيطرة عليه. ولا يوجد علاج شاف من هذا النوع، ولكن يأمل العلماء تطوير آلية لإنتاج خلايا بيتا جديدة لدى الأشخاص المصابين بهذا النوع من السكري، من خلال أبحاث الخلايا الجذعية والطب التجددي.
حقائق عن السكري من النوع الأول
مستويات الأنسولين في الجسم تكون قليلة جدا أو معدومة.
يصيب الذكور والإناث بشكل متساو.
يتطور المرض قبل سن 35 عاما، وعادة تكون أعمار المصابين ما بين عشرة أعوام و16 عاما.
يشكل 5% إلى 10% من نسبة المصابين بداء السكري.
يعتقد أن مرضى هذا النوع لديهم استعداد وراثي للإصابة بأمراض مناعية ذاتية قد تحفزها بعض أنواع الفيروسات.
Play Video
2- داء السكري من النوع الثاني
يطلق عليه اسم السكري غير المعتمد على الأنسولين وسكري البالغين. وفيه تنخفض حساسية الخلايا للأنسولين، أي تقل درجة استجابة خلايا الجسم لهرمون الأنسولين، ويطلق على ذلك اسم “مقاومة الأنسولين”، فالخلايا تقاوم الأنسولين الذي وظيفته إدخال الغلوكوز إليها.
ففي الأحوال الطبيعية يلتصق الأنسولين بالخلية مطلقا إشارة داخلها تأمر نوعا من النواقل بحمل الغلوكوز من سطح الخلية إلى داخلها. أما في حالة السكري من النوع الثاني فتحدث مقاومة للأنسولين تتمثل في إعاقة الإشارة التي يرسلها إلى داخل الخلية، مما يؤدي لعدم دخول الغلوكوز وتراكمه وارتفاعه في مجرى الدم.
يعمل البنكرياس -لحل هذه المشكلة- على زيادة إنتاجه من الأنسولين، وذلك ليعاكس تأثير مقاومة الأنسولين، وقد يستمر ذلك أشهرا أو سنوات، ولكن في النهاية تتنامى مقاومة الأنسولين، كما يصاب البنكرياس بالإرهاق، وترتفع مستويات الغلوكوز في الدم.
يكون الأشخاص المصابون بهذا النوع عادة ذوي سمنة، ولذلك فإن خفض الوزن وتعديل النمط الغذائي هي أولى آليات العلاج، بالإضافة لأدوية بعضها يحفز إفراز الأنسولين من البنكرياس، وبعضها يزيد حساسية الخلايا للهرمون.
أما إذا لم يتجاوب مريض السكري مع التغييرات المطلوبة منه في الغذاء والحركة، أو بقيت مستويات الغلوكوز مرتفعة، فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم المرض مما يدفع الطبيب إلى الانتقال في مراحل لاحقة إلى العلاج بحقن الأنسولين.
النوع الثاني من السكري مثل الأول لا يوجد له علاج شاف، ولكن يؤدي خفض الوزن وتغيير نمط الطعام والحركة إلى تحسين ضبط مستوى الغلوكوز في الدم، كما قد يقلل حاجة الشخص إلى العلاجات كالأدوية الخافضة للسكر أو حقن الأنسولين.
حقائق عن السكري من النوع الثاني
مستويات الأنسولين في الجسم تكون طبيعية أو مرتفعة.
يصيب الأشخاص فوق سن الأربعين عاما عادة.
يشكل 90% من نسبة المصابين بداء السكري.
تساهم الوراثة في الإصابة به أكثر من النوع الأول من السكري.
تعد السمنة أهم عوامل الإصابة به.
3- سكري الحمل
يسمى أيضا مرض السكر الحملي، وترتفع فيه مستويات الغلوكوز في الدم لدى بعض النساء الحوامل، ويعود عادة إلى مستواه الطبيعي بعد الولادة. ويكون النساء اللواتي أصبن بسكري الحمل أكثر عرضة للإصابة بالنوع الثاني من داء السكري في المستقبل.
أعراض داء السكري
العطش الشديد.
كثرة التبول.
فقدان الشعور بالطاقة وتراجع الحيوية.
زيادة الشهية.
نقصان الوزن.
مشاكل في البصر تكون في البداية مؤقتة، لكنها قد تصبح دائمة إذا لم يتم ضبط الغلوكوز في الدم.
الارتباك وفقدان الوعي.
تراكم الأحماض في الدم وفقدان الوعي، وذلك لدى مرضى النوع الأول من السكري.
مضاعفات داء السكري
يؤدي ارتفاع غلوكوز الدم إلى آثار ضارة على الجسم، بعضها قصير المدى ومؤقت ويمكن وقفه بالعلاج مثل الأعراض السالفة، والأخرى طويلة الأمد ودائمة، وتشمل:
مشاكل العين، وتضم اعتلال الشبكية، وهي البطانة الحساسة للضوء الواقعة في الجزء الخلفي من العين. ويحدث الاعتلال عندما يدمر ارتفاع غلوكوز الدم الأوعية الدموية الدقيقة في الشبكية، وقد يقود ذلك إلى العمى، والمياه الزرق (الغلوكوما) والمياه البيض (الكتاراكت) وتحدثان لدى مريض السكري بمعدل 200% أكثر من الشخص غير المصاب.
مشاكل الكلى، إذ يؤدي إلى تلف خلايا الترشيح الدقيق في الكلى (النيفرونات)، ويفاقم ذلك إصابة الشخص بارتفاع ضغط الدم. وقد يؤدي الأمر في النهاية إلى الفشل الكلوي.
أمراض القلب والشرايين، إذ يزيد السكري مخاطر الإصابة بتصلب الشرايين والذبحة الصدرية والنوبة القلبية وهبوط القلب. ويجب على مريض السكري أن يسعى لضبط مستويات الغلوكوز في الدم بالإضافة لمستويات الدهون والكوليسترول لتقليل مخاطر المرض.
تلف الأعصاب، ويؤدي ذلك إلى تراجع إحساس المريض وشعوره بالخدر والتنميل، كما يقلل من سيطرة الجسم على وظائفه الذاتية، كالجهاز البولي والهضمي. ويقود إلى العنة (العجز الجنسي).
مشاكل القدمين، إذ ينتج عن تراجع الإحساس فيهما ونقص التروية الدموية زيادة مخاطر الإصابة بالجروح والقرحات، التي يمكن أن تلتهب وتتطور إلى غنغرينا (موت الأنسجة بسبب نقص التروية الدموية)، مما يقود إلى بتر القدم أو الساق.
ارتفاع مخاطر العدوى، وذلك ناجم عن حقيقة أن ارتفاع سكر الدم يقلل من كفاءة بعض خلايا الدم البيض. ولذلك فإن مرضى السكري بشكل عام هم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى الفطرية في الجلد والمهبل، بالإضافة للدمامل.
الجزيرة نت