مصيرك غير محدد مسبقًا، وعليك أن تقرر إلى أي مدى ستقحم نفسك وتبذل من جهود لتحقيق ما تريد في هذا اليوم. بدلًا من أن تقول “حسنًا، سنرى ما سيحدث”، عليك أن تقول بكل قوة وعزم “اليوم، سأحقق ذلك”. عندما تذهب إلى صالة الألعاب الرياضية، يعود لك القرار في تحديد قدر التمارين والتدريب الذي ستقوم به، لكن هناك شيء واحدٌ مؤكد، ستشعر بالراحة أكثر بكثير في حالة استمرارك في التمارين لمدة 30 إلى 60 دقيقة زيادة عما خططت له سابقًا، وبذل كل ما لديك من جهد. الشيء نفسه ينطبق على مسار ونشاطات يومك.
يكون عدم العمل والتقاعس في بذل الجهود في واقع الأمر أكثر إرهاقًا من القيام بها. إن الجلوس في صراع داخلي ومحاولة تبرير تقاعسك يستنزف الكثير من الطاقة بالمقارنة مع الانخراط في هذه النشاطات. وقال ستيفن بريسفيلد، “معظمنا يعيش حياتين: الحياة التي نعيشها والحياة المعطلة بداخلنا والتي لم نعشها، وبين الاثنين، تبرز المقاومة”.
إذا شعرت أنك لم تعد تستطيع السيطرة على حياتك وأنها أصبحت غير متوازنة، فمن المرجح جدًا أنك ستتجنب القيام بالشيء الذي يتوجب عليك تحديدًا القيام به، في حين قيامك بذلك الشيء هو وحده الذي سيعيد لك التوازن والسلام، أما التملص منه، يؤدي حتمًا إلى الانشغال العبثي وملهاة النفس.
الفرق الخفي عندما تعيش بشكلٍ كامل
عندما أنجز كل شيء أثناء العمل، أشعر بأنني شخص مختلف. أكون أكثر سعادة. يكون العالم من حولي مكانًا أكثر رحابًة وجمالًا، يمر الناس بجانبي أثناء سيري في الطريق ويبتسمون لي دون حتى أن تكون لدي أي فكرة لماذا. في الأيام التي أنجز فيها كل ما عزمت إنجازه، يبدو لي وكأن عددًا أكبر من الناس ينظرون إلي ويحدقون في وجهي، ويبتسمون لي كلما تقاطعت طرقنا، وأنا على يقينٍ بأنني لست البادئ بتلك الابتسامات، ومع ذلك، عندما أتلقى واحدة من تلك الابتسامات، وأنظر إلى الشخص المبتسم في وجهي، لبضع لحظات حتى بعد انصرافهم بعيدا عني، أشعر بالحب تجاههم وأتمنى لهم السعادة في حياتهم.
وعلاوة على ذلك، في الأيام التي أعيش فعلا وفق إرادتي ورغبتي، أغادر مكان عملي أكثر قوة ونشاطًا مما كنت عليه قبل مباشرة هذه الأعمال، وعندما أصل عتبة باب منزلي، غالبًا ما يركض أطفالي ويعانقونني، ويطلبون مني اللعب معهم، وعندما أنظر في مثل تلك اللحظات، كل ما أراه هو الكمال لا غير، الحب يملأ قلبي وأشعر بإحساسٍ غامر من الامتنان والتواضع لما أنعم به في حياتي، بحيث أرى مناسبًا اقتباس مقولة من غوته التي تقول “الطريقة التي ترى من خلالها الطفل هي الطريقة التي تعامله بها، والطريقة التي تعامله بها تسهم في النموذج الذي يصير عليه “.
وفي الصورة المعاكسة، في الأيام التي أقضي فيها وقت عملي في اللهو والتخريب الذاتي، أعود إلى البيت في صراع مع نفسي وبشعور الشخص المحتال، ورغم استمرار تدفق مشاعر الحب من أفراد أسرتي، إلا أني أجد صعوبة كبيرة في منحهم الاهتمام والحب الذي يستحقونه ويحتاجون إليه. في الأيام المهدرة والمعطلة، أجد نفسي في نهاية المطاف أمتص الكثير من الطاقة من المحيطين بي من أفراد أسرتي، مما أحمله بداخلي، ولا أرى سوى المشاكل في أطفالي، مع الشعور المفرط بالضيق والعصبية. ولا يمكنك عندئذ رؤية حقل الطاقة من حولك، رغم وجوده القريب منك.
يمكنك تحقيق التحوَل
التشدد في تأنيب الذات ليس هو الغرض، يجب أن تكون على بينة من كيفية سير الأمور، فالوعي يساهم في التمكين من أجل التغيير
أن سبلاش
أدرك طبيعة شعور المرء الذي يرى نفسه عالقًا يراوح مكانه من دون أي طاقة تدفعه إلى الأمام. يمكنك أن تشعر بالعجز التام وأنك غير قادر على تغيير حياتك وظروفك. ولكن هذه كذبة كاملة. إنها قمامة. أعلم أنها تبدو أكثر واقعية من أي شيء آخر. لكنها ليست كذلك. الشعور بالذنب في كل الوقت الذي أهدرت لن يساعد في شيء. إذا أدخلت بعض التعديلات على مقاربتك في الحياة، ستفاجأ بمدى سرعة تغير تصورك للعالم ولنفسك. ومع تغير تصورك، كل شيء من حولك سيتغير. ولا حرج أن تكون البداية متواضعة. حاول في البداية بشيء أو شيئين مما يلي، وشاهد ماذا سيحدث:
1. نظم لنفسك دورة أسبوعية للتفكير والتخطيط
يقول جون وودن: “الفوز باللعبة أو خسارتها، يتم قبل حتى أن تبدأ”. خصص لنفسك مدة 10-30 دقيقة في يوم من أيام الأسبوع (أفضل يوم الأحد)، للتفكير في أيامك الستة الماضية. كيف انقضوا؟ حاول أن تسأل نفسك الأسئلة التالية:
– من هم الذين لم أقابلهم ھذا الأسبوع وكان یجب علي مقابلتهم؟
– ما هي الأمور التي لم أفعلها؟
– ماذا افتقدت؟
– ما هي الأمور التي تتطلب حزمًا أكبر إزاءها؟
التشدد في تأنيب الذات ليس هو الغرض، المقصود هو أن تكون على بينة من كيفية سير الأمور. الوعي يساهم في التمكين من أجل التغيير. بعد تقييم مجريات أسبوعك السابق، ضع خططًا أفضل للأيام الستة المقبلة، ثم في الأيام الستة التالية، افعل نفس الشيء مجددًا. وهذا الأمر لا ينبغي أن يستغرق وقتًا طويلًا، لكنه يمكن أن يحسن بشكل كبير من جودة أسابيعك وأيامك خلال تلك الأسابيع.
2. الأهداف الأسبوعية.. قائمة المهام اليومية
“معظم الناس يبالغون في تقدير ما يمكنهم القيام به في يوم واحد، ويقللون من شأن ما يمكن القيام به في شهر، ونحن نبالغ في تقدير ما يمكننا القيام به في عام، ونقلل من شأن ما يمكننا إنجازه في عقد من الزمان”
(ماثيو كيلي)
وبقدر زيادة نضجك فيما يخص اهتمامك بوقتك ونتائجك، بقدر تناقص رؤيتك للأشياء بشكل منعزل. في الواقع، من السهل جدًا قضاء يوم جيد، ولكن من الصعب قضاء أسبوع جيد، وشهر جيد، أو سنة جيدة. ومع ذلك، معظم الناس يفضلون التفكير في فترات زمنية أقصر. لماذا؟ لأن معظم الناس تخونهم الثقة في النفس التي تسمح لهم بالتفكير بعيد المدى والإنجازات الأكبر حجمًا، يفضلون جرعة الدوبامين المحفزة للقيام بأشياء كثيرة، حتى عندما لم يحققوا أي تقدم.
ولهذا السبب، معظم الناس يركزون على الكمية أكثر من الجودة، يفضلون مثلا كتابة 5 مدونات متوسطة المستوى في أسبوع واحد بدلًا من تحرير مدونة واحدة جيدة أو اثنتين، ويفضلون القيام ب 5 أو 6 تدريبات متواضعة بدلًا من عدد قليل يسهم فعلًا في تعزيز قوتهم على المدى الطويل أو قدرتهم على التحمل. ومع ذلك، فإن السبيل الوحيد لتحقيق تقدم كبير هو التفكير في الفترات الأطول أجلًا، من الأفضل لك بكثير محاولة القيام بشيء معتبر في غضون أسبوع، من مجرد العمل بشكل متقطع يوم بعد يوم، لا بد من تخطي الأسوار، والمخاطرة، وحاول اختبار طاقتك إلى أبعد حدودك.
في كل أسبوع، يجب أن تحاول أن تفعل شيئا لم تفعله من قبل. يجب أن ترفع من سقف اللعبة، ولا ينبغي أن تبدو هذه اللعبة هي نفسها كما في الأسبوع الماضي ولهذا السبب تكتسي جلسات التخطيط الأسبوعية أهمية بالغة، فما الذي تنتظره من هذا الأسبوع، من شأنه أن يغير اللعبة بالنسبة لك؟ هل تقوم بتجارب ميدانية، أم تكتفي بالنظر إلى الاقتراحات؟ هل تخوض غمار المخاطر بشجاعة متحديا المخاوف؟ هل تنتهج بتواضع مزيد من مسالك التعليم؟ إن لم تقم بذلك، فإنك في حالة ركود تراوح مكانك، وفي نواح كثيرة، لا يهم حقًا ما تفعله بأيامك، يمكنك أن تفعل الشيء نفسه كل يوم، دون أن يتحسن وضعك مطلقًا.
3. دورات طاقة لمدة ثلاثة أشهر
عندما يتعلق الأمر بمستقبلك، لديك ثلاث وجهات نظر.
– رؤيتك (لماذا): 10-25 سنوات المقبلة
– أهدافك على المدى الطويل (بعبارة أخرى تخمينك الواسع): 36 شهرا المقبلة
– أهدافك الفعلية (أي خطتك الواقعية): 90 يوما المقبلة
حياتك هي حديقتك الخاصة، اعتن بها وخلصها من الأعشاب الضارة بشكل دوري، راجع وحسن كيفية استخدام وقتك.. أعد النظر وتقييم علاقاتك بالآخرين
أن سبلاش
في القرن العشرين، جرت العادة على انتهاج ممارسة قوية، تقوم على وضع خطط لتحقيق أهداف لمدة خمس سنوات. وكانت الأمور أكثر استقرارًا في ذلك الوقت، أما اليوم، الأمور تتغير بشكل مفاجئ جدًا بحيث يصعب تحديد واقعيًا ما الذي يمكن أن يقع في غضون خمس سنوات.
تمنحك صياغة أهدافك لفترات تستغرق ثلاثة أشهر الفرصة للركض نحو مستقبل واضح وواقعي. وحتى إن كانت هذه الأهداف تقوم على خطتك للأهداف على المدى الطويل، فإن دورات تحقيق الهدف التي تستغرق 3 أشهر تشكل أهم نقطة محورية بالنسبة لك. تماما مثل جلسات التخطيط الأسبوعية الخاصة بك، من المفيد لك أن تقضي في غضون كل ثلاثة أشهر بضع ساعات أو حتى يوم كامل للتفكير بشأن الأشهر الثلاثة السابقة، وقم بإدخال أي تعديلات تحتاجها وضع خططًا أفضل للأشهر الثلاثة المقبلة.
4. نظم نفسك
“السعادة تكمن في رعاية الحديقة”
(فولتير)
حياتك هي حديقة، قم برعايتها. نظم نفسك. قم بتخليص حديقة حياتك من الأعشاب الضارة. لا يهم كم من الوقت يستغرق الأمر. قيامك برعاية حديقتك والعناية بها، يكفي لبعث الحياة فيك وينشطك، ولن تنتهي من هذه المهمة، لكن، يمكنك في كل يوم، وأسبوع، وسنة، إضفاء المزيد من الجمال على حديقتك، وتكثيف ثمارها.
لا تقلق بشأن النتيجة عندما تحاول بناء الزخم، استعد فقط للقيام بأي شيء تشعر أنك بحاجة إلى القيام به، سوف تشعر بالأمل والتفاؤل عند الانتهاء من ذلك (أن سبلاش)
راجع تسيير أموالك.. راجع وحسن كيفية استخدام وقتك.. أعد النظر وتقييم علاقاتك بالآخرين.. اعتن برعاية حديقة حياتك. قم بذلك، بأقساط متواضعة لكن بانتظام وفي كل يوم، وبمجرد مباشرتك لعملية تنظيم شؤونك، تتحسن تربة حياتك وتكون أكثر ملاءمة لاستقبال ما تزرعه فيها.
5. اختر دائمًا الحق الأصعب أو “الطريق العالي”
الكمال ليس هو الهدف، لكن الاستمرار في اتخاذ أفضل الخيارات هو السبيل الوحيد للحصول على الزخم، والزخم هو بالضبط ما تحتاجه. إذا بقيت تراوح مكانك، يعمل الزخم لغير صالحك. إن ضخ المياه من الآبار يتطلب بذل بعض الجهد، لكن الأمر يستحق ذلك العناء، ولا يتطلب الأمر سوى يوم عظيم واحد لجعل الماء يتدفق.
وبهذا تكون على بعد يوم عظيم واحد لتحقيق هذا الإنجاز. يقول ستيفن بريسفيلد عن “مقاومة” ما كان يريد القيام به لسنوات. ثم في يوم من الأيام، أجبر نفسه على الكتابة. وألقى كل شيء كتبه ذلك اليوم في القمامة، لم يكن أي مما كتب جيدًا في نظره، لكنه عندما أنهى دورة العمل تلك، توجه لتنظيف كومة من الأطباق المتراكمة في الحوض، وشعر بتغير في حالته، وقال “شعرت بدفء الماء” وأدرك أنه حقق إنجازًا فعلًا. هذا كل ما تحتاجه.
مهما يكن، لديك ما يبرر عيش حياتك على أكمل وجه، حتى وإن كنت لا تدري بالضبط ما هو السبب، لكنك ستجده بلا شك بمجرد أن تتحرك
لا تقلق بشأن النتيجة عندما تحاول بناء الزخم، بدلًا من ذلك، استعد فقط للقيام بأي شيء تشعر أنك بحاجة إلى القيام به. بغض النظر عما تشعر به خلال التجربة، سوف تشعر بالأمل والتفاؤل عند الانتهاء من ذلك. يمكنك بلوغ الهدف الذي حددته لنفسك بوعي من خلال الخيارات القوية في كل حالة من الحالات التي تعترضك. (الاتساق = الثقة.. الاتساق = الزخم)
الخلاصة
عندما استيقظتَ اليوم، كيف شعرت أن يومك سيكون؟ وأتحداك بأن تستيقظ غدًا بهذا الشعور وتقول لنفسك “اليوم يمكن أن يكون عظيمًا تمامًا مثلما أريده أن يكون”. مثل هذا الشعور لن يأتي من عدم، بل يتطلب منك الارتقاء بنفسك والاستعداد لاستقبال هذا الشعور، وإعداد النفس لهذا الغرض ليس صعبًا مثلما قد يتصوره المرء، وقد يكون بسيطًا، مثل قضاء دقيقتين في الليلة السابقة، لكتابة خطة. وقد يتطلب قضاء 15 دقيقة يوم الأحد قبل رسم خطة.
مهما يكن، لديك ما يبرر عيش حياتك على أكمل وجه، حتى وإن كنت لا تدري بالضبط ما هو السبب، لكنك ستجده بلا شك بمجرد أن تتحرك. ومن المرجح جدًا أنك ستدرك أن كل شيء في حياتك هو في الواقع أكثر جمالًا مما كنت تتصوره سابقًا. ومن هذا المستوى من الفرح وتحديد الهدف، ستجد القدرة الكافية التي تسمح لك بكل وعي ببناء مستقبل أنت جدير به.