قراءة أولى
بعد أيام، بعد أيام قليلة فقط سوف تندلع مفاجأة، وسوف تكتشف الولايات المتحدة الإمريكية أن علبة الصلصة التي كانت تركلها دوما للإمام، وتلهث خلفها الإنقاذ اصطدمت بالجدار، أخيراً حانت لحظة المكاشفة، لا شئ يعادل صفقة أن ترمي دولة نفسها في حضنك العاري، دون أن يقض مضجعها صوت حميد (مافي فرق في الوقت الراهن بين واشنطون والخرطوم ﺃﻧﺎ ﻣﺄﺯﻭﻡ .. ﻣﺄﺯﻭﻡ )
سوف تنبت كثير من الوجوه والمزاعم في الساعة المواتية، كل يدعي أنه كان وراء قرار رفع العقوبات، كل يدعي أنه أحق بالتكريم والذكر، سوف ترسم صحف الخرطوم مئات البروتريهات، من يرتدي عمامة ومن يرتدي نياشين ومن يرتدي ربطة عنق، لكن الرجل الذي فعل كل شئ سوف يكتفي بالضحك، وسيعود الفريق طه على ظهر موجة عاتية ليطبع صورته على جدار القلعة الحمراء، في الظاهر طبعا، واللواء يحي حسين والعميل السابق كلونان وقوش وقطبي والسفير الإماراتي يوسف العتيبة، ومحمد بن سلمان، والبروف، وعطا تحديداً ليقول أن التطبيع كان مخابراتي محض .. مؤتمر سيسا والصفح عن مروة التجاني وخبر مزمل فقيري كلها رسائل إلى الخارج.
الدكتور علي الحاج سيتخفف كثيراً من الأعباء الظاهرة، سيكون قريباً من القصر، أقرب من السنوسي، وسوف يحاول اقناع الرئيس بالترشح لدورة رئاسية جديدة، لأنه لا يعقل أن يحكم المشير السودان في أيام الحصار وعندما يأتي الفرج يبتعد، وسيكون محور الحديث تلك الجملة (نريدك بطلا للعبور) لأنها ستطرب البشير ومن حوله، نافع سيقترب من المؤتمر الشعبي.. وسوف تنتقل الحملة الانتخابية إلى شارع أوماك عوضاً عن شارع المطار، ولا يخفى أن جولة مؤذن جامعة الخرطوم في ولايات السودان، كانت لصالح الرجل الأول في الدولة، واللقاء الذي جمع بينهما في القصر، ولم يتسرب منه شئ، أحكم لحلقة جديدة، سيما وأن علي الحاج كان مرشحا لمنصب النائب الأول بعد استشهاد الزبير محمد صالح، قبل أن ترجح كفة علي الأخر، واليوم يبدو الوقت مناسباً لتحقيق رغبة الشيخ الراحل، لأنه كان دائماً يعتقد في قدرات علي الحاج
سيهبط الدولار قليلاً، وسيتأرجح ما بين (15 إلى 18) جنيها، الدولة ستمنع هبوطه أكثر حتى تجنب ناسها فادح الخسارات، وستهب عاصفة من الاستثمارات، أمريكا ستنكب على البترول والذهب، والخليج في الزراعة، وستكون مهمة تحقيق السلام والاستقرار في الجنوب هدف أمريكي صريح، سيهبط سلفاكير المقرن بلا قبعة ليحتضن مشار، وسيتمكن فريق جديد من الدولة، يعمل بجهد على ترتيب الأولويات، وستكون الحاجة كبيرة لقرارات اقتصادية وجراحة عميقة، لتنقذ المستقبل، لأن رفع العقوبات بدون عمل داخلي حقيقي مثل عدم رفعها.
على كل لن يكون الحال بعد أقل من شهر تقريباً على ما هو عليه، كل شيء سيتغير، كل شيء، حتى شكل الخطاب والبرلمان والوزراء والسكرتارية، والمراسم .. الحكومة تعيش فترة أقرب للتطهر من أثقال الماضي، وسوف تكتفي فقط بالتوقيت القديم من تلك الحقبة، تبتسم القارة العجوز كقطة صغيرة بلا أنياب، تضغط أعجبني؛ وتمضي الخطة .. لا تساهل مع جيش الرب، السلام للجنوب، عرمان مطلوب كرئيس حزب بالداخل، فتح المسارات الإنسانية، اغلاق معابر اللجوء التي تقض مضجعهم .. تهدأ أنفاس المجتمع الدولي المتلاحقة، تقفز الخرطوم تحت مظلة الدول الصديقة، وتحظى بدلال يثير رعب وغيرة الدول المجاورة، وسيكون الجمع أيضاً على أهبة التوقيع على صفة كبرى، أديس تحتضن الخرطوم في صالة كبار الزوار، أديس هى مجرد رحم مستأجر لمولود أسمر تتعهده أمريكا وتباركه أسرة السيدين المحتشدة في القاهرة، وينتظره الملايين بالزغاريد وعلب الحلوى.
بقلم
عزمي عبد الرازق