فيسبوك تحت مرمى الحظر الروسي

عام 2014 وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قانونا يفرض على شركات الإنترنت العالمية تخزين البيانات الشخصية للمستخدمين الروس في خوادم محلية داخل البلاد، وفي حين استجابت شركات مثل غوغل وعلي بابا، فإن شركات أخرى، مثل تويتر، طالبت بوقت إضافي لتقييم الجدوى الاقتصادية من تنفيذ ذلك، في حين أُغلقت شركات لم تستجب للقانون، مثل لينكدإن.
ومن بين الشركات الكبرى التي تُسلط عليها الأضواء حاليا فيسبوك التي تملك أكثر من ملياري مستخدم نشط شهريا، فقد هددت روسيا بحجب الخدمة في البلاد إن لم تستجب للقانون بحلول العام القادم، وفقا لروسكومنادزور، وهي الخدمة الاتحادية للإشراف على الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ووسائل الإعلام في روسيا.
ووفق رئيس تلك الهيئة ألكساندر زاروف فإن “القانون إلزامي للجميع” حيث يجب على شركات الإنترنت الأجنبية الانصياع أو المخاطرة بوقف أعمالها في البلاد.
ورغم أن زاروف يقر بالشعبية الكبيرة لفيسبوك في روسيا لكنه مع ذلك يؤكد بأن “الخدمة ليست فريدة” في إشارة منه إلى خدمات محلية أخرى منافسة تستقطب أعدادا أكبر بكثير من المستخدمين الروس مثل خدمتي “فكونتاكتي” و”أُدنوكلاسنيكي”.
وأكد زاروف أنه “عام 2018 سيتم التشديد في كل شيء” مضيفا أن الحكومة الروسية وضعت موعدا نهائيا لفيسبوك كي تستجيب للقانون، لكنه لم يذكر متى هذا الموعد.

تملك فيسبوك أكثر من ملياري مستخدم نشط شهريا (رويترز)
ويقول المسؤولون الروس إن القانون إجراء وطني للحماية من التهديدات الخارجية، لكن دعاة حقوق الإنسان يرونه جزءا من حملة لزيادة الرقابة على الإنترنت وتقييد حرية المعلومات. كما جادل معارضون للقانون مرارا بأنه جزء من طموح الحكومة لإلغاء مجهولية الإنترنت في إطار سعيها لكبح المعارضة.
وتم تبني القانون الروسي لتخزين بيانات المستخدمين الشخصية في خوادم فعلية محلية بالبلاد عام 2014 وتم العمل به منذ سبتمبر/أيلول 2015، ومنذ ذلك الحين عملت العديد من شركات التقنية الكبرى إلى نقل بيانات المستخدمين من مراكز بيانات خارجية إلى روسيا أو أعلنت نيتها القيام بذلك.
فتويتر على سبيل المثال، وافقت على نقل بيانات المستخدمين الروس إلى خوادم داخل البلاد بحلول منتصف 2018، وقالت شركة لروسكومنادزور في أبريل/نيسان الماضي إنها في خضم عملية تحديد نوعية المعلومات المتعلقة بالمواطنين والمنظمات الروسية ذات الصلة التجارية مع تويتر ويمكن تخزينها في الاتحاد الروسي.
أما غوغل فقد نقلت بالفعل منذ أكثر من سنتين بعض خوادمها إلى روسيا، وفقا لما أبلغت به شركة روستيليكوم الروسية للاتصالات الحكومة في أبريل/نيسان 2015، مشيرة في ذلك الوقت إلى أن غوغل بدأت بوضع بعض خوادمها في مراكز بيانات الشركة.
وحتى الآن لم تكن هيئة روسكومنادزور متشددة في المسألة، فعندما أمرت في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 شركات الاتصالات في روسيا بحجب خدمة لينكدإن بذريعة عدم استجابتها لقانون تخزين البيانات الشخصية، فإن ذلك القرار جاء بعد أكثر من عام من دخول القانون حيز التنفيذ، وبعد سلسلة من المناوشات مع الشركة وقراري محكمة.

قرار حجب لينكدإن جاء بعد أكثر من عام على دخول القانون الروسي حيز التنفيذ وبعد سلسلة من اللقاءات وقراري محكمة (رويترز)
لكن في حالة فيسبوك فإن الأمر قد يكون أكثر حساسية سياسيا واجتماعيا، فبعد ساعات من بيان زاروف (الثلاثاء 26/9/2017) ظهر أن مستشار الإنترنت الرئاسي جيرمان كليمنكو راغب في تهدئة الوضع حيث قال إنه ليس لدى روسكومنادزور خطط ملموسة لحظر فيسبوك “اتصلت بهم وأخبروني بذلك”.
وتسعى روسيا لفرض هيبتها على الشركات الأجنبية في خضم توترات سياسية مع الولايات المتحدة، وعكفت على تطوير “ماسنجر آمن” ليحل محل واتساب للمسؤولين الحكوميين، وحاولت جعل الإنترنت في البلاد أقل اعتمادية على شركات التقنية الأجنبية.
ويقول بعض المحللين إن القانون الروسي سيكون صعب التنفيذ لأنه سيكون على شركات التقنية العالمية تتبع أي البيانات الشخصية قادمة من روسيا، فشركة إيباي للتجارة الإلكترونية يتوجب عليها مثلا البحث عن حل مثالي يوازن بين المتطلبات القانونية والتنظيمية مع مصالح عملائها، لكن في المقابل فإن تكلفة الاستجابة للقانون بالنسبة لشركة مثل غوغل محدودة نسبيا حيث ستستخدم خوادمها ويتبقى عليها استئجار مكان في مراكز بيانات لتركيبها.

تليغرام البديل الروسي “الآمن” لتطبيق واتساب (غيتي)
وتجدر الإشارة إلى أن روسيا ليست وحدها بين الحكومات التي تسعى إلى فرض مزيد من السيطرة على مكان احتفاظ شركات الإنترنت بخوادمها والبيانات الشخصية للمستخدمين، مع مقترحات مشابهة من أوروبا والصين تشترط تخزين البينات محليا أو قطع تدفق البيانات الشخصية.
وفي حالات عديدة، فإن السياسيين يقولون إن مقترحاتهم تلك تهدف إلى حماية مواطنيهم من الرقابة الأميركية الواسعة في أعقاب التسريبات الشهيرة للمتعاقد السابق في وكالة الأمن القومي الأميركي إدوارد سنودن، لكن المديرين التنفيذيين في شركات التقنية الأميركية يرون أن الدوافع تتراوح بين الحماية والمحافظة على الوصول للبيانات من أجل أجهزة الاستخبارات المحلية.
وجهة نظر فيسبوك حيال القانون الجديد كانت واضحة منذ البداية عندما قالت بعد اجتماع مع روسكومنادزور في أغسطس/آب 2015 إنها لا تعتبر أن من الضروري وضع بيانات المستخدمين الروس على خوادم روسية، وترى أن هذه الخطوة “غير مجدية اقتصاديا” كما أنها لا تنظر إلى حسابات المستخدمين بصفتها بيانات شخصية.
وتستند فيسبوك بذلك إلى قاعدتها الكبيرة من المستخدمين الروس التي تزيد على 23 مليون مستخدم، لكن مع وجود خدمات روسية بديلة أكثر قوة وتشدد روسي واضح فقد يتبدل هذا الموقف.

الجزيرة.

Exit mobile version