أثارت تصريحات نائب رئيس البرلمان بدرية سليمان موجة عارمة من الغضب وسط المعلمين، لجهة اتهامها لهم بالتورط في حوادث إغتصاب التلاميذ داخل المدارس، بينما أعلنت النقابة العامة لعمال التعليم عزمها في تحريك إجراءات قانونية في مواجهة بدرية، وأفصحت النقابة في تعميم صحفي لأمين الإعلام بالنقابة حازم سليمان عزمها على اتخاذ خطوات كفيلة تحفظ للمعلم هيبته ووقاره، وتردع كل من تسول له نفسه المساس بكرامة المعلم، وأضافت أن شرف المعلم لا مزايدة عليه
*حوادث اغتصاب:وكانت نائب رئيس البرلمان، قد كشفت عن تعرض طلاب مرحلة الأساس الأصغر سناً لحالات اغتصاب وتحرش من بعض زملائهم المراهقين الأكبر سناً، بل حتى من المعلمين، وأضافت أن وضع طفل مع مراهق أكبر منه في مدرسة يمثل اشكالية كبيرة، دون أن تحدد مدارس بعينها لدى مخاطبتها ورشة عمل (تعزيز وضع الطفل في التشريعات السودانية)، التي نظمتها لجنتي التشريع والعدل والشؤون الاجتماعية بالبرلمان الاسبوع الماضي، وبدرية لم تكن هي البرلمانية الأولى التي اتهمت المعلمين باغتصاب تلاميذهم، فقد سبقتها رصيفتها نائبة رئيس البرلمان عائشة صالح مماثلة لها في نوفمبر الماضي، وأكدت تورط البعض في حوداث اغتصاب، وزادت أن التعليم أصبح مهنة من لا مهنة له، ودخلت حينها في مواجهة مع نقابة المعلمين التي رفضت تصريحات النائبة، واعتبرت حديثها إساءة للمعلمين، وهددت باتخاذ اجراءات قانونية في مواجهتها، وطالبت برفع الحصانة عنها، إلا أن رئيس البرلمان البروفيسور ابراهيم أحمد عمر أنقذ الموقف، وقدم الاعتذار الى نقابة التعليم بالنيابة، ولكن عادت بدرية لتطرق على القضية من جديد، الأمر حرك الهواجس والقلق لدى الأسر، وربما يلقي بظلاله على سير العملية التربوية والتعليمية بالبلاد، ويبرز العديد من الأسئلة حول صحة الاتهام، والى ماذا استندت قيادة البرلمان فيما ذهبت إليه؟
*خطف الأضواء:الخبير التربوي الأستاذ الهادي السيد عثمان شكك في مصداقية الاتهامات التي وجهتها نائب رئيس البرلمان إلى قبيلة المعلمين، وأضاف أن هذه الاتهامات خطيرة، وستؤدي الى كارثة في مجال التعليم، لجهة حالة انعدام الثقة التي ستتولد بين المعلمين وأولياء الأمور، بناءً على تصريحاتها، وأردف أن بدرية بخطوتها هذه نسفت دعوات رئيس الجمهورية الخاصة بإلزامية التعليم..
وشن الهادي هجوماً على بدرية وقال: أرادت أن تخطف الأضواء بحديثها غير المسؤول ونفض الغبار في (الحيطة القصيرة)- شريحة المعلمين- بحسب وصفه وتابع بالقول (حقوا لو كان في قضية زي دي) فيجب أن تناقش داخل الأضابير التعليمية، من خلال الوقوف العلمي على الظاهرة، والتقصي حول مسبباتها، وإيجاد الحلول الناجعة لها، وليس توجيه السهام جزافاً الى كافة المعلمين والمعلمات المنتشرين في بقاع البلاد المختلفة، والذين يقومون بواجباتهم بكل قدسية وإنسانية وشرف.
*التعميم مخل:وحول إمكانية تحريك النقابة الى اجراءات قانونية في مواجهة بدرية.. مضى الخبير القانوني وجدي صالح الى القول بأن عضو المجلس الوطني محصن بموجب القانون من المساءلة عن كل مايدلي به من آراء أو نقد يحدث داخل قبة المجلس، وأردف: هذه الحصانة تشمل بدرية وتجعلها ذات خصوصية أكثر من النواب العاديين، باعتبار أنها تشغل منصب نائب رئيس البرلمان، مؤكداً في الوقت ذاته أن تعميم الاتهامات يمس كرامة كل المعلمين، إلا أنه عاد وأكد وجود بعض الحالات الفردية لاغتصاب معلمين لتلاميذهم، وتابع لا يقتصر الأمر في مثل هذه الجرائم على المعلمين فقط، وهناك منسوبون لمهن أخرى يرتكبون مثل هذه الجريمة التي وصفها بالبشعة، وأكد أن الاتهام للمعلمين جاء في سياق طبيعة المهنة التربوية والتعليمية، والتصاق منسوبيها بالتلاميذ والتلميذات إلى فترات طويلة في اليوم.
*مواجهة مكتومة:فيما يرى المحلل السياسي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية د. راشد التجاني ضرورة مناقشة قضية اغتصاب التلاميذ يجب أن تناقش داخل الأطر التربوية الرسمية، وليس عبر الاتهامات التي توجه الى المعلمين في الهواء الطلق، وتابع حتى الشواهد والوقائع الموجودة يمكن معالجتها بعيداً عن وسائل التشهير التي تسعى الى القدح في سمعة ومكانة المعلم السوداني في نفوس تلاميذه، وطالب راشد بدرية سليمان بتوخي الحذر قبل أن تمضي الى تعميم الاتهام في مواجهة كل المعلمين.. مشيراً إلى أن هذه الواقعة تعد بمثابة مواجهة مكتومة بين النقابة والنائبة، غير أنها مواجهة ليست في محلها، لافتاً إلى أن سن التشريعات التربوية المتعلقة بأخلاقيات المعلمين خصوصاً الذين في مداخل الخدمة، من شأنه أن يكون بمثابة الترياق الواقي لوقوع مثل هذه الحوادث والظواهر.
تقرير:أيمن المدو
اخر لحظة