لم يعد المغترب مكان إحتفاء ، فقد مرت مياه كثيرة تحت الجسر ، وصاحبنا المغترب يغدق العطاء بفرح غامر ، وينثر السعادة في الحضر والبندر ، لم تفتر له همة ، تعرقل تواصله مع محيطه وأسرته الممتدة ، فهو يقوم بواجباته كاملة ، خلال سنوات مضت ، وفي خضم ذلك لم ينتبه بل لم يفكر مليا في المستقبل.
نعم لم يفكر في تدبير كثير من الامور، طالما الصحة لاتزال على ما يرام ، والعمل يتواصل بترقياته وعلاواته بل وبنسب أرباحه السنوية .. وفجأة أطل يوم لم يك في الحسبان ، فالمملكة العربية السعودية التي تستضيف نحو مليون مغترب ، بحسب الاجتهادات ، حيث لأيملك “جهاز المغتربين” أو وزارة العمل إحصائية حقيقة !.. فقد أصدرت سياسات “سيادية” لايقوى أغلب المغتربين للتعاطي معها ، لأنها ببساطة فوق “إمكانياتهم” التي أرهقتها سنوات العطاء على أسرهم الممتدة .
قلنا لم يعد المغترب مكان إحتفاء ، لأنه بين ليلة وضحاه أصبح مغلوب على أمره ،وقد أنفض من دائرته الواسعة كثير من الذين جمل لياليهم هذا المغترب الذي لم يقصر حتى تجاه الدولة من خلال ضرائب مباشرة وغيرها.. هنا نحن نتحدث عن فرض رسوم مالية كبيرة ، حيث يدفع أي من أفراد العائلة ولو كان رضيعا 100 ريال شهريا تتصاعد لتبلغ 400 ريال ، فيما يدفع رب الأسرة 400 تتضاعف لتبلغ 800 ريال ، بحلول 2020م .
المختصر المفيد.. البعض أصبح ينظر للمغترب على أنه عبء وجهاز المغتربين ،يكثر من الوعود بلا أمل .. وبقية معشر المغتربين سيصلون تباعا ، طالما السعودية ماضية في تحصيل الرسوم.. لتبقى مجالس المدينة تكتظ بالأحاديث عن المغتربين الذي عادوا صفر اليدين بعد سنوات طوال من الغربة .. وحتى الذين عادوا بقليل من المال فهم غير مؤهلين للجلوس مع سماسرة الأراضي طالما الحديث في السودان أصبح بلغة “المليارات” .
سنظل ندافع عن قضايا المغتربين ، من واقع المعايشة ،والاحساس بالظلم الذي يتجلى الان حتى عن سداد رسوم التسجيل في الجامعات حتى للمقبولين من بوابة القبول العام ، حيث تصر كثير من الجامعات وفي مقدمتها جامعة الخرطوم على أن تسدد بالدولار وليس بالجنيه السوداني !!. وهو واقع يجعلنا نتساءل “المغترب نحروه أم أنتحر؟.
الملف لن يغلق مالم تنصف الدولة المغتربين.
مصطفى محكر ” الصحافة ” .