التحرش الجنسي من الأمور التي لا يستطيع الأطفال التعبير عن تعرُّضهم لها، ففي دراسة أعدها المركز القومي المصري للبحوث الجنائية أن 85% من حالات التحرش التي تحدث في مصر سنوياً تحدث للأطفال.
ويُقصد بالتحرش الجنسي أي قول أو سلوك له دلالة جنسية ظاهرة أو مستترة، بشرط أن يكون غير مرغوب فيه من الطفل الواقع عليه الاعتداء، وعادةً ما يكون الفاعل طرفاً ذا سلطة وقادراً على تهديد الطفل الضحية، ويمكن أن يكون المتحرش من الجنس ذاته.
ولتبسيط التعريف، فإن إلقاء نكتة ذات دلالة جنسية، أو إرسال صور غير لائقة عبر الإنترنت، أو إطالة النظر تجاه جزء معين من جسد الطفل – تعد أنواعاً من التحرش ولا يقتصر التحرش على الشكل الصريح المتعارف عليه لدى الآباء والأمهات.
وبينما يحاول المتحرش الحفاظ على سرية العلاقة؛ لضمان استمراريتها، فهناك العديد من التغيرات التي قد تشير إلى تعرُّض الطفل للتحرش الجنسي، مع التنبيه على أن هذه التغيرات لا تعني حتمية الحدث.
1- علامات جسدية
وجود كدمات/سحجات بالمناطق السفلية من الجسد.
التهابات بكتيرية وفطرية متكررة بمجرى البول أو بفتحة الشرج.
لزمات عصابية كمص الأصابع/ لزمات بالعين أو تلعثم بالكلام بشكل مفاجئ.
2- تغيرات سلوكية ونفسية
– فقدان التحكم في عملية التبول أو التبرز بشكل مفاجئ.
– تدهور دراسي غير مبرر وبشكل سريع ومفاجئ.
– صعوبات بالنوم؛ كوابيس وفزع ليلي.
– الإطالة بدخول الحمام أو رفض الدخول إليه بشكل غير معتاد من الطفل.
– نوبات غضب متكررة، ردود فعل مبالَغ فيها وغير معتادة وسلوكيات عدوانية.
– سلوكيات جنسية مع الذات (مداعبة الأعضاء الجنسية) بشكل مبالَغ ومتكرر.
– سلوكيات جنسية مع أطفال آخرين أو إظهار سلوكيات ذات دلالة جنسية مع البالغين.
– رفض الذهاب إلى أماكن بعينها أو الذهاب لأشخاص بعينهم.
في حقيقة الأمر، لا توجد طريقة واحدة أو طريقة مثلى للتعامل في حالة التأكد من التحرش الجنسي بالطفل؛ لأن كل موقف له ظروفه المحيطة وكل طفل له شخصيته التي تحدد طريقة التعامل معه، ولكن إجمالاً يمكن سرد بعض الخطوط العريضة التي تسهل ذلك، ومنها:
– تحدَّث مع ابنك أو ابنتك باهتمام، دون عتاب أو لوم، وأظهِر علامات التعاطف معه واستعدادك لمساعدته وحمايته.
– لا تسترسل في الحديث عن تفاصيل الواقعة واترك ذلك للطبيب المختص.
– تجنَّب التشكيك في روايته وتحرِّ الدقة قبل اتخاذ أي إجراء تجاه الشخص المتهم، مع تأكيد حماية الطفل من تكرار الأذى.
– إبلاغ الجهات المختصة (خط نجدة الطفل) إن لزم الأمر؛ لحماية طفلك وأطفال آخرين.
توجَّه بطفلك لأقرب طبيب نفسي متخصص في علاج الأطفال والمراهقين؛ وذلك لأن الطفل المعتدى عليه يكون أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلق، والاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة، وتعاطي المواد المخدرة والاضطرابات الشخصية فيما بعد.
ولأن الوقاية خير من العلاج، فهناك بعض النصائح والخبرات الحياتية التي قد تقلل من فرص تعرض الطفل للتحرش؛ منها:
– تعليم الأطفال من عمر مبكر خصوصية الجسد (بدءاً من سنتين)، وذلك من خلال تحديد شخص أو اثنين على الأكثر(يفضل أن يكونا الوالدين) يمكنهما الاطلاع على عورته خلال الاستحمام أو الاهتمام بالنظافة الشخصية.
– التأكيد على الطفل من خلال الممارسة وسرد الحكايات والقصص بضرورة عدم كشف عورته على الآخرين إلا للضرورة وبعد استئذان الأم، على سبيل المثال، عند الذهاب للطبيب.
– الاهتمام بالحفاظ على وقت يومي للعب والترفيه مع الطفل، مع تأكيد ضرورة تعليم الطفل كيفية التعبير عن مشاعر، وشعور الطفل بالأمان والاكتفاء العاطفي يعطيه مساحة أكبر للتعبير عن مشاعره، كلما اقتربت من طفلك حميته من خطر التحرش.
– “لا”.. من الهام جداً أن يعبر الطفل أحياناً عن رفضه بعض الأمور أمام والديه، وأن يتسم الأهل ببعض المرونة التي تسمح بأن يكون هذا الرفض في محله ومفيداً للطفل، فقد تكون هذه الكلمة في يوم ما حاميةً له من التحرش.
– عند عمر 3 سنوات، نبدأ بتوعية الطفل بأن هناك نوعين من البشر (ذكر وأنثى) من خلال تعريفه بالفرق بين الأب والأم، كذلك يمكن عمل ذلك من خلال اللعب بمجسمات الحيوانات (الذكر والأنثى). ومع تطور إدراك الطفل المعرفي والنفسي، يمكن توعيته ببعض الفروق في شكل الجسد ما بين الذكر والأنثى.
– حين يسأل الطفل عن شيء له مغزىً جنسي، يُفضَّل عدم الارتباك أو السخرية والإجابة بإجابة قصيرة مناسبة لهذا العمر، فكثيراً ما يستغل المتحرش رغبة الطفل في معرفة المزيد للإيقاع به، لا يمكن الإجابة عن سؤال مثل: كيف جئت؟ بضحكات وهمس؛ بل إجابة واضحة وصريحة ومناسبة لسنّه مثل: “تزوجت أنا ووالدتك”.
– إعطاء المعلومات الجنسية المناسبة وفقاً للمرحلة العمرية الخاصة بالطفل. هذه المعلومات تشمل أسماء العورة، والمناطق المسموح لشخص ما بالاطلاع عليها، والمناطق المحظور على الآخرين لمسها أو رؤيتها، وتشمل أيضاً الأشخاص المسموح لهم مثل (الأب والأم والجدة).
– عند البلوغ، يقترب الولد من أبيه والبنت من أمها؛ لانتمائهما إلى الجنس نفسه، ويمكن إعطاء المعلومات الجنسية المناسبة لهم من خلال إعطائهم بعض الخبرات الحياتية أو إرشادهم إلى بعض القراءات التي تساعدهم في تخطي هذه المرحلة.
وفي النهاية، وجب التأكيد أن لكل فرد دوره في حماية أطفالنا من التحرش الجنسي، بدءاً من الطفل ذاته، والأسرة والعائلة والمجتمع المحيط، وأن وجود قوانين مجتمعية رادعة يحدّ كثيراً من هذه الظاهرة.
العربي الجديد