أخيرا الرئيس في (كلمة) و (شطايا) .. شكك البعض خلال الأيام الماضية ان تتم جولة المنطقتين وانجرف البعض الى أنها ستكون مستحيلة, فيما تداعى آخرون للحديث عن اعتراضات وتظاهرات ضد الزيارة نفسها بينما ـبدت قلة من الناس استغرابهم من جرأة الوالي آدم الفكي لهذه الخطوة ضمن برنامج زيارة الرئيس الاستثنائية للولاية.
ولكن تبدد كل ذلك حينما عايشنا على الواقع ونحن نرافق المشير البشير في جولته لكلمة وشطايا ونشهد استقبالات أهالي المنطقتين التي طغت عليها الحفاوة وأكدت بما لا يدع مجالا للشك ان (شيطان) الحرب قد ودع الإقليم الذي عانى من آثار الحرب التي اندلعت في سنوات خلت وأعاقت دوران عجلة التنمية ليصبر عليها اهل دارفور صبرا كبيرا توج بأن عم السلام ربوع المنطقة خلال العامين الاخيرين, وكسرت القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والامن والقوات النظامية شوكة التمرد لتخطو بعدها الحكومة في قرار جمع السلام الذي شغل الأوساط خلال الشهرين الاخرين, وكان لافتا ان الرئيس ذكرها في أي خطاب جماهيري.
واكتسبت زيارة رئيس الجمهورية المشير عمر البشير اهمية كبيرة لولاية جنوب دارفور, لزيارته المعسكرين لجهة انهما كانا من مناطق التمرد منذ اندلاع التمرد وهو ما جعل زيارة البشير محط اهتمام اخذت أبعادا إقليمية ودولية .
مشاهدات
منذ وقت مبكر من الصباح استعد الوفد الإعلامي لتغطية الزيارة ، وفي حوالي السابعة صباحا تجمع الجميع في بهو فندق الضمان الحالي والكورال سابقا ، تحلق الجميع في شكل دوائر على شاي الصباح وهم يتسامرون ويسردون توقعاتهم لزيارة (كلمة) ذلك المعسكر الذي لطالما يصور للناس بانه منبع التمرد وسيطرت على عقول الناس انها منطقة مختلفة عن باقي المناطق. عبارات على شاكلة (أول مرة أزور كلمة ، فرصة ما بتكرر بالساهل ، هي آمنة ولا لا… الخ …) كانت تصدر من الذين سيتوجهون لتغطية الحدث الاستثنائي ، وفي حوالي التاسعة والنصف صباحا تحركنا صوب مطار نيالا لننتظر حتى نغادرها في العاشرة صباحا عبر مروحيات خصصت لنقل الوفود ، دقائق وهبطت بنا المروحية في ( كلمة) . هبطنا من الطائرة وألجمتنا الدهشة من الحشود الجماهيرية الضخمة التي جاءت تستقبل الرئيس وهي تردد وتنشد (سلام سلام كلمة سلام) ، حشود شعبية ورسمية ، الأطفال والنساء والشيب والشباب والخيالة والجمالة وغيرهم كثر .
الرئيس لأهالي كلمة : طلباتكم أوامر
رئيس الجمهورية بدا سعيدا وهو يخاطب أهالي كلمة وقال : ( زيارتكم رغبة قديمة وهدفنا الأساسي حل مشاكلكم ونعيد حياتكم زي ما كنت في الماضي) ، واسترسل : طلباتكم أوامر وسنعمل على تنفيذها مركزيا وولائيا وجاهزين لتوفير أي خدمات من تعليم وصحة ومياه. ودعا البشير المواطنين الى العودة الطوعية وقال: عايزين العودة الطوعية لبيوتكم ومزارعكم والحكومة مسؤولة تسلمكم الأراضي وتوفر التقاوي والشتول المحسنة .ولفت الى ان أهداف القرى النموذجية تكريس الاستقرار وإقامة مدارس نموذجية للجنسين . وزاد المشير قائلا : الشباب عايزين الزواج الجماعي, ونوجه الوالي بإقامة زواج جماعي في شهر اكتوبر المقبل لكل النازحين والقرى ، وأضاف الرئيس بان بركات السماء نزلت عليكم حينما استجبتم لخيار السلام وتخليتم عن ظلم الإنسان لأخيه الإنسان.
ونوه الرئيس الى ان الأمن استتب وأصبح حقيقة واقعة , مؤمنا على ضرورة العمل على ربط المنطقة بالطرق والكباري.
وحيا الرئيس الإدارة الأهلية وسلطان الداجو, وقال ان سلطنة الداجو من أقدم الممالك في دارفور وكانت ممتدة حتى جبال النوبة. وشكرهم على استقبال النازحين من المناطق الأخرى في محلية بليل.
كما طالب البشير بضرورة ان يكون التوجه العام تعمير الأراضي والعودة للقرى والزراعة والانتاج. وقال (الداير يقعد هنا الوالي يخطط ليه والخدمات بتجيه والأمن مسؤوليتي شخصياً) كما وعد بتوفير الكهرباء والخدمات والمعدات الزراعية ,معتبرا أن مطالبهم هي خدمات لبرنامج الدولة في الأساس مؤكداً التزامه به.
الرئيس لم ينس التطرق الى موضوع جمع السلاح. وقال انه قرار نهائي, معتبرا ان دارفور اليوم آمنة. وقال : ( ما في زول تاني بشيل حقو بيدو والذي لديه مظلمة يأتي للقانون والحكومة(.
دعم أهالي المنطقة
فيما تقدم الوالي آدم الفكي بالشكر الجزيل لرئيس الجمهورية واعتبر ان زيارته لـ كلمة تأتي ضمن اطار مسؤولياته عن مواطنيه . وسخر آدم ممن سخروا بأن البشير لن يزور المنطقة ، آدم لم يطل بالحديث وقال ( أنا ما عايز اتكلم كتير وأقدمكم ليكم الرئيس) .
فيما أبدى ممثل الإدارة الأهلية بالمعسكر رجب عبد الرحمن آدم ابو, سلطان الداجو سعادته بزيارة الرئيس للمنطقة, واصفا اياها بالتاريخية, ومتمنيا نجاح حملة جمع السلاح .
مساعي السلام
بينما طالب معتمد محلية بليل آدم عبد البنات الرئيس بتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين الراغبين بالعودة الطوعية ,وفي مقدمتها الأمن والصحة والتعليم والمياه والقرى النموذجية ، واستيعاب ابناء النازحين بالشرطة لتأمين قرى العودة وإكمال طريق السلطان سفروك الذي يربط نيالا ببليل, وإدخالهم تحت مظلة الدعم الاجتماعي, اضافة الى توظيف الخريجين وحملة الشهادة السودانية من ابناء النازحين ، ودعم النازحين في حكومة الوفاق الوطني بالتمويل الأصغر وتخصيص بنك لهم وإقامة برنامج الزواج الجماعي للشباب والشابات بالمعسكر , وتوفير الرعاية الصحية الأولية وتدريب القابلات ودعم الأرامل والأيتام والمعاقين والحرفيين.
وجدد عبد البنات دعم ووقوف أهالي المنطقة لقرار جمع السلاح ضمن توجهات رئاسة الجمهورية. كما استعرض جهود محليته في استضافة النازحين والذي بلغت 300 ألف ، وأثنى كذلك على دور سلطان الداجو في تماسك النسيج الاجتماعي . من جهته قال ممثل نازحي معسكر كلمة ابو بكر ابو عبد الله ان زيارة الرئيس جاءت في ظل الأمن الذي شهدته دارفور مؤخرا خاصة بعد قرار جمع السلاح . وزير الصحة بحر إدريس طالب في تصريحات صحفية، طالب النازحين بضرورة تخطيط المعسكر بمناطق بديلة تتناسب مع تقديم الخدمات وذلك بالانتقال الى المناطق المقترحة .
واعتبر ان المماطلة بعدم التحول للمواقع المقترحة من قبل سلطات الولاية ستكون لها عواقب وخيمة خاصة على النطاق الصحي من واقع البيئة السيئة التي يعيشون فيها حالياً.
رسائل من شطايا
وعاد رئيس الجمهورية الى مطار نيالا في حوالي الحادية عشرة ليغادرها في الثانية عشرة الى محلية شطايا والذي استقبلته على ذات نهج (كلمة).
وقال البشير خلال مخاطبته لمواطني شطايا إنهم متسامحون وأقوياء وضربوا أروع الامثال للتسامح للعالم اجمع, وشدد البشير على اهمية السلام الداخلي,واصفا اللقاء بانه بمثابة رسالة لكل العالم ليسمع ويشاهد بان دارفور تعافت وتعيش استقرارا كبيرا في كل المناحي. ودعا الرئيس أهالي شطايا للعودة الطوعية وعدم التعامل مع الإغاثة وذلك من واقع الخيرات الكثيرة بالبلاد ,متعهدا بإكمال جميع الخدمات لاهالي المنطقة من المياه والصحة والانارة والطرق. كما اشاد بقوات الدعم السريع التي ظلت تدافع عن الوطن ,وقال انها قوات وطنية ظلت تدافع عن الوطن , موجه بإدخال قوة من شباب شطايا للدعم السريع التي أصبحت قوات قومية تدافع عن الوطن في جميع جنباته, مشيرا الى أن دارفور ستعيد سيرتها الاولى. وجدد رئيس الجمهورية حديثه بان الدولة ستمضي في قرار جمع السلاح, وذلك حرصا منها على السلام والاستقرار, وان السلاح يجب ان يكون في أيدي القوات النظامية فقط. وأضاف مخاطبا المواطنين :حضرنا إلى شطايا يوم الجمعة وتزامن خطابي مع صلاة الجمعة وهذا يعود لبركات أهل شطايا. وزاد : الصلح الذي عملتوه أجره على الله وأنتم أنموذج ومثال يحتذي به في كل السودان. مشيدا ايضا بأهالي المنطقة الذين قاموا بحل النزاعات. الى ذلك أكدت قيادات شطايا وقوفها مع الرئيس المشير البشير, وقالت إنه يحب المساكين والوقوف معهم, مرددين عبارات (سلام سلام شطايا سلام).
وفي سياق آخر شهد رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد , ظهر أمس بمحلية شطاية نفرة الخير التي تنفذها أمانة زكاة ولاية جنوب دارفور, ضمن زيارة للولاية. من جانبه كشف الأمين العام لديوان الزكاة الأستاذ محمد عبد الرازق مختار أن التكلفة الكلية لنفرة الخير للعام 2017 تشمل محليات شطاية، قريضة، بليل معسكر كلمة بتكلفة إجمالية وقدرها 2،312،000 جنيه بدعم اتحادي بمبلغ 1،686،000 جنيه ودعم ولائي وقدره 626،000 جنيه استفاد منها عدد 5،526 مستفيداً لتشمل مواد غذائية ومواد إيواء إضافة لمشروعات إنتاجية وزواج جماعي.
زعماء الداجو والفور يشاركون
طالب زعماء الفور والداجو في اللقاء الجماهيري بمنطقة شطاية بجنوب دارفور، بترشيح الرئيس البشير لدورة رئاسية جديدة من أجل المحافظة على السلام والاستقرار وتحقيق التنمية.
وأكد الشرتاي عمر آدم أحمد (قدولي) الذي تحدث إنابة عن زعماء المنطقة، أن الرئيس البشير مازال قادراً على العطاء، وأن جولته في ولايتي غرب وجنوب دارفور أظهرت الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها، باعتباره صمام الأمان والاستقرار الذي تنعم به دارفور. وأضاف أن المواطنين بعد تحقيق السلام في دارفور ينتظرون من الرئيس تحقيق وعده بالتنمية، وكلهم ثقة في أن الرئيس سيوفي بوعده في تحقيق التنمية. ويرى مراقبون أن المطالبة بمنح الرئيس دورة رئاسية جديدة قد تكررت في عدد من اللقاءات الجماهيرية.
جنوب دارفور: محمد جمال قندول
الانتباهة