*كان حدثاً غير عادي في محيطنا الدراسي..
*وربما غير الدراسي أيضاً… ولكني أحكي عن الذي عايشته..
*أو ربما كانت لحظة تستحق تحليلاً نفسياً بما فضحت من مكبوتات دفينة..
*فضحتها غصباً… أو عمداً… أو صدفةً… أو لا شعورياً..
*وكان من بين المفضوحين ثلاثة من الذين كلفوا بمهمة ضمي إلى تيارهم (اليميني)..
*فقد كانوا الأكثر حرصاً على تكرار مشاهدة (السراب)..
*والأشد إعجاباً ببطلة الفيلم ماجدة الصباحي إلى درجة نعتها بالتي (يُخشى عليها)..
*يُخشى عليها ممن؟!… ومن ماذا؟!… هذا ما لا يحتمل الجهر..
*ولقي الفيلم رواجاً في المدينة وقراها وضواحيها….. وفي مدرستنا..
*وفي مدرسة أخرى تزامن مع عرض الفيلم حدث عجيب..
*حدث لو وقف عليه نجيب محفوظ لاستلهم منه مادة نفسية لفيلم مشابه آخر..
*لا نجيب دارس الفلسفة وحده… وإنما دارسو علم النفس كذلك..
*لاستلهموا منه ما يعضد نظريات لديهم… أو يرفدهم بنظرية جديدة..
*وكان لهذه المدرسة مسرح مثل مسرح مدرستنا… ولكنه (حي)..
*فرغم أن مدرستنا هي الأفضل تصنيفاً وتأسيساً وأثاثاً إلا أن مسرحها (ميت)..
*وعلى مسرح تلكم المدرسة تمخطرت حسناء ذات ليلة..
*كانت بطلة المسرحية؛ فسلبت العقول والقلوب والنفوس كحال ماجدة الصباحي..
*أو ما هو مخبوء داخل هذه النفوس… وكامن في ما وراء العقول..
*في العقل الباطن الذي هو مستودع (المخلفات)..
*مخلفات التجارب الإنسانية غير المرغوب فيها كما في حالة بطل السراب..
*وكما في حالة الذين تعاطوا مع بطلة المسرحية (حالة كونها ذكراً)..
*وكما في حالة الكثيرين من (مرتادي) السراب منا..
*فبطل السراب – نور الشريف – كان يعيش حياة جنسية (سرية) مع المومسات..
*فلما جاء أوان الحياة (العلنية) – الشرعية – أصابه العجز..
*ولم تجن منه عروسه سوى السراب بعد طول ترقب… ولهفة… وانتظار..
*وبطل مسرحيتنا دفع ثمن وضعيته الأسرية (وسط البنات)..
*ثمن (تدليله) كفتاة بين شقيقاته الخمس…. وثمن مبالغته هو في (الدلال)..
*ولا أقول ثمن ملاحته التي هي نعمة من الله..
*وعانى بعد ذلك مع مجتمعه المدرسي مثل معاناة بطل السراب مع عروسه..
*وانتبه إلى أنه (مشروع) مستقبلي لزوج ماجدة هذا..
*وكثير من أبناء دفعتنا كان السراب سبباً في اكتشافهم المخبوء في دواخلهم..
*اكتشافه في الوقت المناسب… قبل حلول أوان (المحك)..
*وتفاوت المخبوء ما بين لهو مع (مساكنة)… واطمئنان لخادمة… واستئناس بوافدة..
*وكل ذلك تحت سمع وبصر أسر لا ترى في الأمر بأسا..
*لا تراه بعين نجيب محفوظ الفلسفية… ولا عين سيغموند فرويد النفسية..
*فمعظم نار نفسيات الكبر من مستصغر شرر الطفولة..
*ومنها (جحيم السراب !!!).
صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة