قبل خمسة عشر شهراً, كانت آخر زيارة لرئيس الجمهورية لولاية غرب دارفور قبل انطلاقة الاستفتاء الإداري لولايات دارفور، وكانت تلك الزيارة هي البداية الفعلية لحملة جمع السلاح والعربات غير المقننة ,
لتشهد الساحة بعد تلك الزيارة العديد من الأحداث التي نتجت من مخرجات زيارة الاستفتاء، وأمس وسط أجواء ربيعية, هبطت طائرة المشير البشير في مطار الشهيد صبيرة بالجنينة وسط استقبال رهيب وترقب كبير من قيادات الولاية التنفيذية والتشريعية والأهلية، غابت شمس الجنينة الطبيعية أمس واختفت وسط السحب, بينما سطعت شمس التنمية والعلم التي أعجبت الرئيس ورسمت على وجه ابتسامة خفيفة أظهرت مدى الرضا والقبول على الأقل من الذي تم في الأشهر الماضية، وبالقرب من مدرج الطائرة الرئاسية, كان جميع ألوان الطيف السياسي والشعبي تصطف لاستقبال رئيس الجمهورية في أول زيارة له بعد الاستفتاء الإداري. وما يميز هذه الزيارة عن غيرها اولاً الرئيس سيقوم اليوم الأربعاء بزيارة لمحلية فوربرنقا الحدودية في أول زيارة لها لمسؤول رئاسي , ثم الحضور النوعي الكثيف الذي جاء من مختلف القطاعات ووسط هولاء الحضور كان رئيس نادي الهلال د. أشرف الكاردينال حضوراً بأناقته وكسكتته المميزة. ففي هذه الزيارة كان افتتاح أستاد الجنينة في حلة زاهية الى جانب العديد من المشروعات التنموية التي شكلت إضافة لولاية غرب دارفور بصورة عامة والجنينة على وجه الخصوص, وهي تسلم راية عاصمة الثقافة الى الولاية الشمالية.
*استقبال الورود وحكام تشاد
قبل أن يخرج موكب الرئيس من المطار , كان الى جانب المستقبلين وفد عالي المستوى من الجارة تشاد, ممثل في ثلاثة من حكام الأقاليم المجاورة مما شكل لوحة تعايشية بين الجنينة وجارتها تشاد. أما في الطريق من مطار الجنينة الى وسط المدينة اختلفت لوحة الاستقبال من صفوف القيادات التنفيذية والأهلية الى ورود أطفال المدارس وعامة المواطنين، وساعد على اصطفاف الأطفال وطلاب الثانوي الأجواء الربيعية التي منعت الشمس من البزوغ على الأقل في صباح ذاك اليوم. حسنا وقف الطلاب والشباب والرجال والشيوخ على جنبات الشارع وهم يهتفون للرئيس، وأكثر ما أعجب هؤلاء المواطنين هو تلقائية الرئيس والارتياح الذي بدا على وجهه، وهو يرى عملا واضحا على أرض الواقع في هذه المدينة الاكثر أمناً واستقراراً منذ سنوات عديدة
.
*افتتاحات لها ما بعدها
قبل أن يصل الرئيس ووفده الذي ضم كلاً من وزراء المالية والصحة والحكم الاتحادي ,قبل ان يصل الى ساحة المستشفى حيث اللقاء الجماهيري, كان افتتاح العديد من المشروعات والتي تقدمها ثلاثة كباري في كل من أردمتا والنسيم والسلام, مما أحدث تغييرا كبيرا في شكل المدينة, والى جانب افتتاح الكباري كان افتتاح مشاريع هبة التعليم والتي كانت في مدرسة اردمتا الأساسية , وفي وسط المدينة كان افتتاح ميناء بنك السودان ومبنى ديوان الزكاة والأكاديمية الصحية, ثم كانت الافتتاحات المهمة لمشروعات الجنينة عاصمة الثقافة والتي شملت المكتبة الثقافية ومتحف السلطان عبدالرحمن بحر الدين والقصر الرئاسي الذي صمم على أفخم وأروع تصميم.
*معرض التأمين والفقراء
التأمين الصحي بالولاية كان له دور فاعل وسط المجتمع , جعل جميع القيادات التنفيذية والأهلية تبدي إعجابها بهذه الإدارة ، ومن خلال زيارة رئيس الجمهورية للولاية شاركت الادارة التنفيذية للتأمين الصحي بمعرض يحتوي على تدشين المبادرة الاجتماعية لـ 27500 أسرة فقيرة بدعم من وزارتي الماليه الاتحادية والولائية في إطار سعي الدولة لتخفيف حدة الفقر, وكذلك شمل المعرض إنجازات النصف الأول للعام 2017م
* بين جمع السلاح والكهرباء
في اللقاء الجماهيري بساحة مستشفى الجنينة , لم يبق موضع قدم فامتلأت الساحة عن آخرها وهم يستقبلون رئيس الجمهورية ووفده الميمون. فقدم معتمد الجنينة محمد عبدالرحمن محمد أحمد كلمة ترحيبية رصينة, ونقل شكر مواطني الجنينة للبشير. وتحدث المعتمد عن الحوار الوطني ومخرجاته وعدد من المواضيع , ولكن ما ألهب الحضور وجعلهم يصفقون للمعتمد هو البرقيات التي بعث بها للرئاسة وحوت عددا من المطالبات المشروعة, ونقل للرئيس هموم أهل الجنينة ممثلة في جمع السلاح وحصره في أيدي القوات المسلحة. وأعلن المعتمد ان محليتهم جمعت 2500 قطعة من السلاح بيد أنه ناشد الرئيس بدعم القوات المسلحة. فيما كانت البرقية الثانية حول الخدمات التي قدمت وقال ان المواطنين يطالبون بتوسعة شبكة الكهرباء لتغطية المزيد من المواطنين.
*طريق الإنقاذ وارتفاع السلع
وما أن ذكر معتمد الجنينة ارتفاع تذاكر السفر للخرطوم, حتى ارتج الصيوان تصفيقاً , وقدم المعتمد شكوى المواطن من تكلفة السفر للعلاج ويرجون تكملة مستشفى الجنينة المرجعي. وتطرق المعتمد الى المبادرة المجتمعية ومشروع هبة التعليم وجهد الوالي في ذلك. وقال ان هبة التعليم نفذ خمسين فصلا والحاجة الفعلية الى مائتي فصل للعشرة أعوام المقبلة. ونقل المعتمد مطلب أهل الجنينة بإنشاء قناة فضائية تحمل همومهم وتتصدى للمتربصين والمرجفين, وقال ان من المشروعات المهمة جدا هو توسيع شبكة المياه واستئناف العمل في المدينة الرياضية. وقدم المعتمد آخر برقية وتمثلت في ضرورة إكمال طريق الانقاذ الغربي لتخفيف معيشة المواطنين بعد ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية.
*قلب الرجل الواحد وتقنين العربات
فيما أشاد ممثل مجلس أحزاب الوفاق الوطني مبارك حسن بشارة, بخطوات جمع السلاح والعربات غير المقننة مما أحدث المزيد من الأمن. وقال اليوم نحن في مجلس الأحزاب على قلب رجل واحد من أجل المزيد من الاستقرار, وسنعمل على مساعدة الأجهزة في جمع السلاح بالحسنى, وسنظل شركاء لجعل شعار المبادرة المجتمعية ثقافة لأهل الولاية ، وأوضح مبارك ان هذه الحشود جاءت لتقول لكم شكراً سعادة الرئيس , وان الحوار الوطني الذي أصبح وثيقة هي من فضائل الأعمال. وقال نحن في المجلس شركاء في تنفيذها ونحمد الله على نعمة الامن. وأكد حسن ان قرار تقنين العربات في محله, ولكن نتعشم في تخفيض الرسوم وتقسيطها في ولايتنا حتى تسهم في معاش الناس مع شظف العيش. وقدم رجاء للرئاسة في استثناء العربات الصغيرة.
*وثيقة من الإدارة الأهلية للبشير
وسلم السلطان سعد عبدالرحمن بحرالدين رئيس الإدارة الأهلية بولاية غرب دارفور وثيقة عهد وميثاق للمشير عمر البشير رئيس الجمهورية, تتضمن إعلاء مبدأ سيادة حكم القانون ودعم ومناصرة حملة جمع السلاح ومنع ارتداء الكدمول واستخدام عربات الدفع الرباعي. وقال السلطان ان الولاية شهدت نهضة عمرانية وذلك لسياسة الرئيس الرشيدة. وشكر البشير على استقرار الأمن واهتمامه بالنازحين واللاجئين. وأكد ان الولاية آمنة ومستقرة وتعيش تجانساً بين القبائل المختلفة وجاء ذلك بجهد والي الولاية مما انتفت كل الظواهر السالبة بالولاية. واكد ان كل المهددات الأمنية زالت ولن تعود. وأكد دعمهم لجمع السلاح. وأشار للعودة الطوعية واستقرارهم رعاة ومزارعين مما خلص لموسم زراعي ناجح.
*القوات المشتركة ونزع السلاح
فيما أكد رئيس المجلس التشريعي بالولاية الامير جعفر إسماعيل, تعافي الولاية تماماً من الحرب, وذلك عبر المبادرة المجتمعية التي هيأت التعايش بين مكونات الولاية المختلفة.وقال جعفر ان القرارات الشجاعة حول جمع السلاح خلفت أثرا طيباً في المجتمع. وناشد رئيس الجمهورية ببداية مرحلة نزع السلاح فور انتهاء المرحلة الاولى من تسليم السلاح. وأكد الامير ان المبادرة المجتمعية حققت شعارها بالأمن والتعايش والتنمية , وقال الآن ننفذ برنامج الرئيس الانتخابي ونقول لك الآن عايزين المزيد من البنى التحتية والتنمية. وقال جعفر ان المرحلة المقبلة هو تعزيز الأمن والتعايش والمحافظة على اللحمة ونسعى وندعم جهود حكومة الولاية في المزيد من التنمية. مشيراً الى ان القوات المشتركة مع تشاد ساعدت في ضبط الحدود بين الولايتين.
*ما بين الهجا وجمع السلاح
ما أن صعد والي غرب دارفور فضل المولى الهجا فضل المولى منصة الخطابة, حتى بدأ الجميع في التهليل والتكبير, وبدأ الهجا خطابه حماسياً حاول تحريك الجمهور للمزيد من التفاعل وظل يقول نعم للأمن ويردد خلفه الحضور. نعم للتعايش..لا للحرب..لا للتفرقة.. وخلال ذلك أخطأ الهجا بقوله لا لجمع السلاح فضحك الجميع وكذلك الرئيس قبل ان يعدل الهجا خطأه غير المقصود بنعم لجمع السلاح, وأكد الهجا حرص حكومته وجديتها في المشاركة بفاعلية في حملة جمع السلاح من أجل إشاعة الأمن والسلام والاستقرار في كافة ربوع وأصقاع غرب دارفور.
وقال إن القرارات الأمنية التي اتخذتها حكومته لاقت استحسانا وقبولا من كل المكونات المجتمعية بالولاية, مما انعكس إيجابا على حالة الأمن والتعايش الذي تعيشه الولاية حاليا , وأضاف ( غرب دارفور ودعت الحرب تماما ) مشيداً بالتجاوب الكبير من قبل الفئات المختلفة بغرب دارفور مع خطط وبرامج حكومة الولاية. وأوضح أن مشروعات حكومته الخدمية تمضي بخطى حثيثة خاصة في مجالات التعليم والصحة والطرق والشباب والرياضة.وقال الهجا انه جاء للولاية قبل ثلاثة عشر شهراً بالضبط, وكان حريصا منذ قدومه على فرض هيبة الدولة وبسط الأمن, وأضاف ان هذا العمل وجد تجاوبا كبيرا من المواطنين مما أسهم بصورة كبيرة في التنمية . وتطرق الهجا للمبادرة المجتمعية التي وجدت تجاوبا كبيرا والتي أفرزت مشروعات عديدة منها هبة التعليم وتوطين المعلمين والمدارس وإكمال مشروعات الجنينة عاصمة للثقافة حتى التي ستسهم بصورة كبيرة في محو آثار الحرب الى جانب الاهتمام بالرياضة والرياضيين الذين شهدوا افتتاح استاد الجنينة, وقال الهجا انه بالرياضة سنحارب المخدرات وجميع الآثار السالبة. واضاف اهتممنا بالمياه والطرق والرحل.
*الذكرى الجميلة وعودة الأمن
بدأ رئيس الجمهورية المشير عمر البشير كلمته في اللقاء الجماهيري, بتذكير اهل الجنينة بآخر زيارة له للولاية إبان الاستفتاء الاداري , وقال لهم اليوم أتينا لمعرفة ما نفذ من المشروعات التي وعدناكم بها , ووجدنا الكثير منها نفذ وستستمر التنمية في غرب دارفور. ودعا البشير مواطني ولاية غرب دارفور الى رفع شعار ولاية بلا نازحين أو لاجئين. وقال الرئيس انه قبل تعيين الهجا قلب كافة الأوراق وبحث طويلا حتى اهتدوا لتعيين الهجا والياً لغرب دارفور لإحداث الحراك التنموي المطلوب. ووجه البشير والي الولاية بعمل خطة إسكانية لاستيعاب المستحقين من المواطنين والنازحين. وطالب البشير أهل الولاية بالاهتمام بالرياضة وقال “نريد فريق من الجنينة في الممتاز وسندعمه”. وجدد مضي الدولة في بسط الأمن وجمع السلاح وتقنينه والعمل على رتق النسيج الاجتماعي والتعايش السلمي, وتعهد رئيس الجمهورية بفرض هيبة الدولة وتقنين العربات غير المرخصة وإكمال المشروعات التنموية والخدمية, معلنا دعم الولاية بـ ٣ حفارات للمساهمة في حل مشكلة المياه بالولاية ضمن برنامج زيرو عطش. وامتدح الرئيس البشير تجربة القوات المشتركة السودانية التشادية, وقال إنها أنموذج في إرساء الأمن والاستقرار علي طول الحدود بين البلدين.وأشاد البشير بجهود الرئيس التشادي ادريس ديبي في تمتين أطر التعاون بين الخرطوم وإنجمينا. وأكد رئيس الجمهورية في حديثه لمواطني دارفور عامة وغرب دارفور بوجه خاص, ضرورة العمل على بناء السودان ولعن الشيطان حتى تعود دارفور سيرتها الأولى. وقال انه أول مرة جاء الى الجنينة كان قبل خمسين عاماً, ولم يكن هناك نهب مسلح ولا سرقات ولا قتل, ولكن الشيطان دخل بينكم مما جعل دارفور تتحول للحرب والآن بدأت في العودة لعافيتها.
الجنينة – باعو: محيي الدين
الانتباهة