تتجه انظار الساحة السياسية والإعلامية بشقف هذه الأيام لمعرفة مايدور داخل اروقة قاعات مجلس حقوق الإنسان الدولي التابع للامم المتحدة ، اذ يحظي السودان خلال الدورة الحالية للمجلس بتقريرين احدهما تقرير الخبير المستقل المعني بتأثير العقوبات القسرية المفروضة على السودان ادريس الجزائري وآخر يقدمة الخبير المستقل المعني بالسودان اريستسيد نونوسي يُتوقع فيه اصدار قرار بشأن السودان .
وقد درجت العادة أن تناقش هذه الإجتماعات تقرير الخبير المستقل عن أثر العقوبات الإحادية والتدابير القسرية علي أوضاع حقوق الإنسان بالسودان ، وتأتي الاجتماعات هذه المرة في وقت كثرت فيه توقعات الشارع العام برفع العقوبات القسرية خاصة بعد الشهادات المتكررة للمقرر الخاص بالعقوبات وتأثيرها علي الشعب السوداني.
وطالب الخبير المستقل ادريس الجزائري في تقريره أمام مجلس حقوق الإنسان برفع العقوبات الأميركية على السودان نهائياً ودعا لأن يكون يوم الحادي عشر من أكتوبر المقبل آخر أيام العقوبات المفروضة على السودان . ولفت إلى أنها أثرت سلباً على حقوق السودانيين مؤكداً أن الحكومة وضعت آليات جيدة لتحسين حقوق الإنسان في السودان . وامتدح ما انجزته الحكومة في خطة المسارات الخمسة ، ولم تكن مطالبة الجزائري برفع العقوبات كسابقاتها اذ انها جاءت في وقت تتوقع فيه الاوساط السودانية رفع العقوبات الاقتصادية بحسب الإشارات الإيجابية التى بدأت تصدر من الولايات المتحدة تجاه السودان.
وسبق ان وصف الجزائري لدى مخاطبته المؤتمر العالمي لمحاربة العقوبات المفروضة على السودان بالغباء. وقال: “هي عقوبات غبية لأنها لا تتأقلم مع التطور الإيجابي للأوضاع في السودان بالاضافة إلى أنها تؤثر سلباً على أكثر الناس فقراً وعلى الأطفال والنساء” ورأى إلى أن هناك حلولا أخرى بديلة غير العقوبات للتغلب على الخلافات بين الدول ، ودعا لإعادة تقييم الأوضاع بالسودان والتوصل تدريجياً الى اتفاق لرفع العقوبات بالتساوي مع التطورات الإيجابية في السودان. ودعا لحشد كل الطاقات وكسب الوقت لتفادي النتائج التي وصفها بالوخيمة على الشعب السوداني جراء فرض تلك العقوبات.
وجدت مطالبة الجزائري ارتياح الحكومة التى أولت منذ وقت مبكر إهتماما خاصًا بمسالة حقوق الإنسان ، ومنذ العام 1992 تم تكوين لجنة خاصة بالتنسيق بين اجهزة الدولة المعنية بحقوق الإنسان ، في نفس العام صدر القرار الجمهوري رقم 1013 لسنة 1992 والذي تم بموجبه إنشاء المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان برئاسة وزير العدل ، و وزير الخارجية نائبًا له ، حيث ضم المجلس ثلاثين شخصًا من كآفة الأجهزة الحكومية .
بحكم ولايتها ومسئوليتها أتبعت وزارة الخارجية ذلك القرار بتكوين ادارة خاصة بحقوق الإنسان تَعني بالتنسيق ، وتقديم النصح والمشورة للدولة في مجالات حقوق الانسان وذلك من خلال بعثاتها الدبلوماسية المتواجدة في نيويورك ، جنيف ، مقرر مجلس حقوق الانسان بجانب البعثات الدبلوماسية الاخري المنتشرة في بلدان العالم .
ومن المتوقع ان يتوجه وزير العدل خلال الايام القادمة الى جنيف لتمثيل السودان امام مجلس حقوق الأنسان مترأساً لوفد السودان برفقة عدد من الخبراء من وزارات الدولة المختلفة ، كما يتعين عليه تلاوة بيان السودان والذي من المفترض ان تتحدد ملامحة وفقا لمجهودات السودان في مجال تنفيذ الإتفاقيات وسن القوانين بما يتماشي مع التطورات الدوليه فيما يختص بملف حقوق الانسان.
ويري الجزائري أن الواقع أثبت عدم تأثير العقوبات سلبا على المسؤولين ولا على نخبة ما، وإنما أثرت كليا على المواطنين الأبرياء وعلى تعميق التفاوت في توزيع الدخل بين طبقات المجتمع السوداني وبين الأقاليم كما أدى إلى توسيع السوق السوداء وانفلات التحكم بالتحويلات المالية فخرجت الأخيرة من الشبكات المصرفية الرسمية مما شجّع تطوير اقتصاد موازي يتعرض لكل إمكانيات الاستغلال غير الشرعية.
وعلى الرغم من ان الجزائري قدم تقريراً يعتبر منصف من قبل الحكومة التى تري انه يتماشي مع التطورات الإيجابية التى بذلتها في ملف حقوق الإنسان الا ان عدد من المنظمات غير الحكومية تحاول تقديم تقارير مناهضة بغرض الخروج بقرار مشدد تجاه السودان الذي خاض معركة صعبة العام الماضي ابتعد فيها عن الرجوع الى البند الرابع والبقاء في البند العاشر .
ومابين الجزائري ونونوسي الذي سبق ان اشار الى التطورات الإيجابية التى احرزتها الحكومة في مجال حقوق الانسان مع بعض الملاحظات الى قال انها تشكل له قلقاً يبقي المراقب للساحة السياسة في انتظار ماسيقرره مجلس حقوق الانسان بشأن السودان.
رانيا الامين
(smc)