مابين مدينة وآخرى

* في مكتب أحد المحامين في العاصمة الخرطوم كان عدد من الناس على مقاعد الإنتظار وكل منهم يحمل أوراق قضية مختلفة ، يتربصون بالباب الذي يؤدي الى داخل مكتب ذلك المحامي المعروف بينما كنت ألتقط بعضا من ملامحهم القلقة مابين خروج شخص وولوج آخر ، لكن الذي شد إنتباهي حديث أحدهم عن إنطباعه عن الخرطوم وكم من السخف أن تصبح العاصمة والمدينة الأكثر تدليلاً ويظل يتهافت الجميع عليها بينما هي الأكثر قذارة وعشوائية ، وغلاء ، كان حديثه مؤلما الى حد بعيد فهو يتحدث عنها بكل إشمئزاز كأنما يتحدث عن جثة متعفنة نسى أهلها أن يواروها الثرى فملأت رائحتها النتنة المكان ، وكأننا أصبحنا نستمتع بتلك الروائح لدرجة أفقدتنا أحساسنا بالجمال والإنسانية ، وكيف أن الناس هنا يتناولون وجباتهم في أوقات خاطئة وأن قيمتها الغذائية ضئيلة الى حد إنعدامها أحيانا ، ثم طرح سؤلا مهما عن تجاهل القائمون على أمر العاصمة بالمظهر العام فالطرقات تزدحم بالمتسولين وقطاع الطرق وأصحاب المهن الهامشية، وهل حقا نستطيع ان نطلق عليها اسم عاصمة السودان ؟

بعد أن أكمل الرجل حديثه كان لابد لي أن أسأله من أي مدينة هو ، أجابني ونبرة الفخر والاعتزاز تعبئ كلماته : أنا من الأبيض عاصمة شمال كردفان وقد اتيت للخرطوم لمدة يوم واحد لاجراء قانوني ، فكم كنت مصدومة من التفاصيل التي سردها من خلال رحلته القصيرة وٍسألت نفسي عن إنطباع كل سائح يأتي الى الخرطوم من بلد آخر بعيدا عن خارطة السودان ولا أود أخباركم بما شعرت ساعتها ، لكن أدركت أننا حقا موغلون في الوحل فلا وجه مقارنة بين الخرطوم والعواصم الآخرى في العالم حتى على المستوى المحلي فهي تخسر الرهان بكل بساطة …

* قصاصة أخيرة
مدينتك تعكس ملامحك

قصاصات – آمنه الفضل
(صحيفة الصحافة )

Exit mobile version