في وقت سابق كان طلاب جامعة الخرطوم القادمين من ولايات السودان المختلفة يجدون سكناً مميزاً بداخليات البركس، دون أن يدفع أي طالب مبلغاً مالياً نظير سكنه، والجامعة وقتها كانت تدلل الطالب وربما تدفع له إعانة شهرية، إضافة إلى هذا السكن، ولكن نظراً لقلة الجامعات وقلة عدد الطلاب لم ينتشر السكن بالصورة التي نراها الآن، فالصندوق القومي لرعاية الطلاب، الذي يقف على رأسه البروفيسور “محمد عبد الله النقرابي” استطاع خلال فترة الخمسة والعشرين عاماً فترة التوسع في التعليم العالي استطاع أن يقيم صرحاً من المباني التي عرفت بالمدن الجامعية، وقد احتفل العام الماضي باليوبيل الفضي أي خمسة وعشرين عاماً من الإنجازات في هذا المجال، مما دعا رئيس الجمهورية أن يمنحه نجمة الإنجاز، بناءً على المجهود الكبير الذي قام به في صمت، ولو كان الرجل محباً للإعلام والفرقة والشوفانية، لوصل صيته إلى عنان السماء،
ولكنه يعمل في صمت، والذين يعملون في صمت هم الذين يحققون الإنجازات، فالمدن الجامعية في عهده هذا وصلت إلى 160 مدينة، بولايات السودان المختلفة، وستشهد ولاية جنوب دارفور، نيالا الأسبوع القادم افتتاح أحدث مدينة تضاف إلى بقية المدن المميزة، وقد حققت المدن الجامعية ما بين الأكاديمي والخدمي، فقد استطاع الصندوق أن يوفر بيئة صالحة للطلاب الذين يسكنونها، بالإضافة إلى المناشط المختلفة التي تضمها تلك المدن من أدب وشعر وفنون مختلفة ومسرح وغيرها من الأعمال التي يجيدها الطلاب، وأقيمت لها مسابقات سنوياً مع المشرفين المختصين في ذلك، والطالب الذي يقطن تلك المدن لم يستفد من السكن فقط، فقد منحه الصندوق سلفية تقدم له حسب الكلية التي يدرس بها، تساعده في دفع المصروفات الدراسية،
ويرد المبلغ دون أي زيادات أو ضرائب كما يحدث عند السلفة من البنوك، وقد استفاد من ذلك ما يقارب العشرة آلاف طالب من بين العدد الكلي الذي يسكن تلك المدن، والمقدر ب162 ألف طالب، تمت كفالة العديد منهم، والمدن موزعة على ولايات السودان المختلفة، أي ان الطلاب الذين يسكنون تلك المدن يختلفون عن الطلاب الذين كانوا يسكنون البركس في وقت مضى، فاليوم يختلف عن الأمس، رغم الدلال الذي وجده طالب الأمس، البروفيسور “النقرابي” يمتاز بالهدوء والعمل الجاد، ولذلك كسب ثقة رئيس الجمهورية، الذي أصدر مرسوماً جمهورياً لتوسعة عمل الصندوق حتى يتمكن من العمل في مجال التعليم العام والتقني والتقاني الذي لم يجد فرصة خلال الفترة الماضية، لأن نهضة التعليم لا تتجزأ فهي متكاملة، وقد منح البروف “النقرابي” والصندوق فرصة التدخل من اجل مصلحة التعليم بالبلاد، خاصة أن هناك مناطق تواجه إشكالات مثل النزاعات والفقر والحروب، ولذلك جعل لها خصوصية وبعد الانحسار في مناطق النزاعات سيقوم الصندوق بإنشاء مدرسة ثانوية نموذجية بمنطقة الجبل، وقد انشأت الفترة الماضية مدينة جامعية بوسط دارفور (زالنجي)، وهي آخر المدن التي أنشئت قبل افتتاح المدينة الجامعية بنيالا الأيام القادمة،
البروفيسور “النقرابي” قال بعد التوسع الذي حدث في التعليم العالي سيتدخل الصندوق في التعليم التقني والتقاني، ولم يكن عمل الصندوق قاصراً على ذلك أو مختصاً بالطلاب، بل لقد كانت هناك توصية من رئيس الجمهورية، للمساهمة في قيام مساكن للأساتذة على أن تمنح الولايات أراضي يقوم الصندوق ببنائها من اجل راحة هؤلاء الأستاذة، الذين يقومون بالعملية التعليمية، ولولا هم لما نهضت الأمم، فهم أساس التنمية والنهضة في كافة المجالات وإن التعليم هو أساس مسيرة التنمية ولذلك نجد أن هناك فرقاً كبيراً بين الطلاب الذين سكنوا البركس بجامعة الخرطوم في القرن الماضي، وما يقوم به صندوق دعم الطلاب الآن وما قام بإنشائه من الكم الهائل لتلك المدن، ولولا هذا الرجل “النقرابي” لما شهدت تلك المدن هذا التوسع الكبير.
صلاح حبيب – لنا راي
صحيفة المجهر السياسي