ما ان أعلنت الحركة الشعبية قطاع الشمال بقيادة عبدالعزيز الحلو عن ترتيبات لانعقاد المؤتمرالعام وصفته بالاستثنائي، يحدد مستقبل ومسار الحركة اختير له اكتوبر المقبل موعداً لقيامه، تناقلت وسائل الاعلام ترتيبات اخرى يقودها رئيس الحركة المُقال مالك عقار والامين العام الاسبق ياسر عرمان توطئة لإقامة مؤتمرعام مواز ما ينذر ببوادر ازمة جديدة تعمق جراح (الشعبية) على نحو يجهض كل محاولات رتق الفتق بين رفقاء السلاح.
القت ازمة المؤتمر العام المرتقبة بظلالها السالبة على مستقبل الحركة الشعبية قطاع الشمال ، ويبدو انها ستتمدد على مستقبل التفاوض بينها وبين الحكومة ولم تجد الوساطة الافريقية بدا من رفع جولات التفاوض الى اجل غير مسمي اغسطس الماضى لعدم توصل الطرفين الى صيغة مرضية تضع حدا للاقتتال ،ليزيد بعدها الخلاف المفاجئ بين قيادات الحركة الشعبية قطاع الشمال (طينة الازمة بلة) لرفض ذات الوساطة الافريقية اعتماد فريقين فى ملف التفاوض.
الوساطة الافريقية وسعيا منها لاحتواء الازمة داخل قطاع الشمال جلست الى طرفى الازمة كل على حدة وكان اخر لقاءاتها بقيادات الحركة الشعبية جناح عبدالعزيز الحلو الشهر الماضى بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا ،تسلمت فيه رؤيتهم حول مستقبل التفاوض الذى اكتنف مصيره الغموض فى ظل اصرار الطرفين على كسب الشرعية من منصة مؤتمر عام يحدد تفاصيله كيفما شاء.
وعلى هذا يطل سؤال حول جدوى الخطوة وتأثيرها المحتمل على الحركة الشعبية قطاع الشمال من جهة وملف التفاوض مع الحكومة من جهة اخرى.
ما وراء التحركات
ويبدوا واضحا ان ملف التفاوض مع الحكومة لم يكن بعيدا عن تحركات (عرمان) و(عقار) حول إقامة مؤتمر مواز لها دوافع اخرى خاصة في ظل الخلافات التي عصفت بالحركة وضربت اسفينا بين قيادتها عطفا على قرار مجلس جبال النوبة القاضي بإعفاء الامين العام ورئيس الحركة ،ويتسق الامر مع قرار الالية الافريقية الرافض لوجود وفدين للتفاوض مع الحكومة.
مصادر (الصحافة) كشفت عن سعى (عقار ) و (عرمان) الى عرقلة جهود الحل فى السيطرة على مقاليد الامور فى الحركة الشعبية والتى تجلت بشكل واضح فى التغييرات الاخيرة التى اجراها فى جسد الحركة والدفع بعناصر الى سدة السيادة عرفت بعدائها للرجلين.
واكدت المصادر ان عقار شرع فعليا فى الاتصال بالمنشقين بالنيل الازرق لترجيح كفة القيادة السابقة لترجيح كفة مؤتمرهم العام على حساب مسعي (الحلو).
ولكن القيادي أسامة دوجو توقع عدم نجاح مساعي القيادة السابقة المتمثلة في الرئيس المُقال وامينه العام في الوصول الى إحراز نتائج متقدمة تمكنها من عقد المؤتمر لجهة ان التفاوض مبني على عدة التزامات أبرزها تحديد مناطق التواجد العسكري وهذا ما تفتقده القيادة السابقة .
جولة في علم الغيب
حالة من الحيرة تخيم على مستقبل الحركة الشعبية شمال فيما يتعلق بكيفية الاتفاق على وفد تفاوض مشترك مع اصرار الالية الافريقية على وفد واحد مشترك يمثل كافة الاطراف للجلوس مع الحكومة في جولة التفاوض المقبلة.
ممثل الاتحاد الافريقي بالخرطوم السفير محمود كان عزز هذا الاتجاه بقوله انهم لن يقبلوا بوفدين للتفاوض من قبل الحركة ،مشيرا الى ان الاتحاد الافريقي امهل الحركة لانتخاب وفد مشترك حتى تتضح الرؤية عقب اخطار الحركة للاتحاد الافريقي بأن لديها مؤتمرا للوحدة في أكتوبر المقبل .
وفق حديث ممثل الاتحاد الافريقي بالخرطوم بأن اطلاق الجولة المقبلة مرهون بوحدة اطراف الحركة الشعبية شمال بشكل مباشر.
السفير كان قال ان المفاوضات ستنطلق فور توحد الاطراف بيد انه عاد واكد بأنه في حال عدم حدوث ذلك عندها سيتخذ الاتحاد الافريقي ما يراه مناسبا للتعامل مع الملف ، رافضا الخوض في وحل التكهنات فيما يتعلق بمستقبل ما يحدث بشأن التفاوض داخل الحركة،مؤكدا حرصهم على حضور كافة الاطراف وقطع بأن التفاوض لن يكون مع عبدالعزيز الحلو ويتجاوز عقار وعرمان او العكس.
ومضى كان الى ان انهم ابدوا رفضهم التام لمقترح تقرير المصير الذي تبناه الحلو اخيراً ونقلوا له ذلك وكان الحلو صادقاً في تراجعه عن القرار عقب ان اقنعناه بأن المجتمع الدولي لن يقبل بأي استفتاء حول تقرير المصير في أي بقعة من بقاء السودان مجدداً وفق ما آل اليه جنوب السودان عقب الانفصال .
البحث عن (سودان جديد)
بالمقابل يرى القيادي بمجلس تحرير جبال النوبة عمر الطيب ابوروف في حديثه لـ(الصحافة) متى ما اجتمعت الاطراف فإن الناتج سيكون ايجابيا ، وقال ان خطوة عرمان تلمح بأن هناك في الافق بوادر ازمة جديدة ستلحق بالحركة بيد انه طالب قيادات الحركة بالنظر في رؤية السودان الجديد،واشار الى امكانية مجلس تحرير جبال النوبة لحسم القضية وكشف عن رؤية لجمع الاطراف المتصارعة وتقييم وضعها للوصول لوفد موحد يمثل الحركة للجلوس مع الحكومة في طاولة المفاوضات ،وحذر ابوروف من خطوة عرمان وعقار وعدها بمثابة «فرق تسد»،وغير المفيدة للاطراف المتصارعة وتمثل دليل ضعف على الحركة.
خطوة استباقية
ولكن المحلل السياسي د.عبدالله آدم خاطر ذهب في اتجاه نقيض مؤكدا ان مساعي عرمان وعقار بشأن الاعداد لمؤتمر عام استباقي لا تعد امتدادا لازمة الحركة بقدر ما هي تنافس حول رئاسة الشعبية ووصفه بالعمل المشروع بيد انه لفت الى ان ما يحدث داخل ردهات الحركة ،لا قيمة له في الواقع ،مبيناً ان الحلو يمثل جبال النوبة وعقار يمثل النيل الازرق لكنهما فشلا في تكوين جسم واحد ولكن التنافس سيكون وفق ما تراه الالية الافريقية التي تقبل من لديه جيش اكثر وقبول شعبي اكبر على صعيد المنطقتين.
رؤية المحلل السياسي عبدالله ادم خاطر يبدو انها تتوافق مع رأي عضو وفد التفاوض دكتور امين حسن عمر بقوله ان الحكومة (ستفاوض الميدان) في إشارة الى من يستحوذ على الميدان مما يرجح كفة الحلو في الوقت الراهن وان لم تحسم ملف الخلاف.
الخرطوم : محمد آدم
الصحافة