هل وجد حزب المؤتمر الشعبي وأمينه العام الدكتور علي الحاج فراغاً سياسياً فملأه بنشاط متصل وحيوية فائقة ..؟ أم أن هناك شعوراً متنامياً لدى المؤتمر الشعبي بضرورة البحث عن حلفاء آخرين
مستيئساً من بطء تنفيذ مخرجات الحوار وهو في مراجعات لتقاربه مع المؤتمر الوطني الذي لا يلقي بالاً للحب من طرف واحد في أكثر الأحوال كما يعتقد رهط من قيادات الشعبي؟
> ما يدور هذه الأيام يثبت أن المؤتمر الشعبي حزب قادر على المبادأة السياسية ويتحرك بوعي كامل ليصنع لنفسه هوامش المناورة السياسية التي يريدها، ففي أقل من عشرة أيام يجتمع إلى أركان الأحزاب المعارضة ويطرح مبادرات بشأن الحرب والسلام، وهو بحر يجيد الدكتور علي الحاج السباحة فيه، وتقريباً بلا منافس في هذه الأمواج العاتية، وفتح علي الحاج شهية الأحزاب والقوى السياسية لجدالات واسعة، وفتق أذهان الناشطين السياسيين إلى أهمية التفاكر الحر والحوار غير المقيد والخيارات ذات الأبعاد المختلفة التي من يأخذ بأيم منها وجد مبتغاه وصاد صيده.
> مقابل هذه التحركات وحيوية الدكتور علي الحاج، يجلس المؤتمر الوطني مطمئناً عاقداً يديه تحت ذقنه يراقب، هذا اللاعب السياسي الماهر يسخن ويتجهز لجولة سياسية مقبلة في عام 2020م، فثقة المؤتمر الوطني الزائدة في نفسه قد ترسل رسائل غير دقيقة لغيره من شركاء الحوار ومنهم المؤتمر الشعبي، فقد كان واضحاً من فترة ليست بالقصيرة أن المؤتمر الشعبي مقتنع حتى الثمالة بما قاله أمينه العام من قبل بأن مشاركتهم في الحكومة الحالية هي مشركة رمزية، فهو ــ أي الحزب ــ يريد من السلطة أكثر مما أُعطي، ويبتغي دوراً في الحياة السياسية ومعالجة قضايا البلاد تناسب تأثيره وقدراته التنظيمية ورؤاه الفكرية، ولذا توجب عليه أن ينظر إلى ما وراء الحكومة الحالية إلى عام 2020م، فالاستعداد للانتخابات المقبلة وبناء محاورات جادة قد تفضي إلى أشكال من التفاهمات والتحالفات، ربما تكون إحدى المركبات الفضائية التي سيركبها الدكتور علي الحاج وحزبه للعبور عبر بوابة الزمن إلى المرحلة المقبلة في العشرية الثالثة من القرن الحادي والعشرين.
> ومن الضروري أن نفهم أن الطريقة التي يفكر بها المؤتمر الشعبي ويتحرك على ضوئها وإشاراتها، تختلف عن الطريقة التي يفكر بها المؤتمر الوطني وبقية حلفائه في السلطة، ويجب أن نعترف بأن وزراء المؤتمر الشعبي في الحكومة ونوابه في البرلمان ليس هناك ما يدعوهم للتماهي والاندغام في المؤتمر الوطني، بدليل طريقتهم في الإيحاء باستقلاليتهم وأنهم جزء مختلف في النشاط السياسي العام للحكومة وتجليات أعمالها، ففي البرلمان يصر نواب الشعبي على الدق بقوة وحماس في طبل الحريات خدمةً لشعارات الحزب وهي مازالت طازجة لم تتيبس، وبقيت كصدى من فيه مطلقها الراحل الدكتور الترابي، وكذلك ينتهج وزراء الشعبي نهجاً غير مكلف سياسياً، فهم صامتون في القضايا ذات السنان الحادة التي يمكن للساحة السياسية أن تختلف حولها، أو مخالفون في القضايا التي لا تتفق مع خط حزبهم المعلن.
> أما لماذا ترك المؤتمر الوطني الساحة فارغة من أي نشاط يؤبه له، للدكتور علي الحاج يتحرك فيه كماء يشاء خاطفاً الأضواء، متأنقاً بعبارات وتعبيرات سياسية جاذبة لأسماع الجماهير..؟ فهو سؤال متروك لقادة المؤتمر الوطني وهم يبتسمون تارة ويهزون الرؤوس تارة أخرى، ظانين أن الشعبي مهما فعل وعلي الحاج مهما تحرك، فذلك لا يشكل خطراً على الحزب، لكن منطق السياسة مختلف وتغير في عالم اليوم، فليست هناك معادلات ثابتة ولا قواعد مقدسة في هذه اللعبة، شيء بفنون الرياضة من يلعب يكسب ومن يحرص يفوز.
> إذا استمر الدكتور علي الحاج في لقاءاته جاذباً بمجاله المغنطيسي الاهتمامات السياسية ومخاطباً الرأي العام بهذا الخطاب السياسي الواضح المباشر، فسيحدث أمر واحد فقط, سيتذكر المؤتمر الوطني الطعن كما في المثل العربي (ذكرتني الطعن وكنت ناسياً)، ويقوم من هدأته ومرقده ليلقف كعصا موسى ما ألقى سحرة السياسة من أمثال علي الحاج.. ربما!!
الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة