* اختفى رغيف الخبز لأيام، واصطفت طوابيره أمام الأفران لساعات في عدد من ولايات السودان وحتى مدن العاصمة الخرطوم طالها الشح في سلعة الرغيف التي يعتمد عليها المواطن بشكل ثابت في غذائه اليومي.
* هذا الشح والأزمة في رغيف الخبز وضع حداً لمسلسل (السلفقة والاستهبال) الذي تمارسه الحكومة باستمرار عندما تنوي إنهاء صفقة (سمينة) لصالح جهات أو أشخاص نافذون، أو عندما تود أن تشغل بها المواطن.
* فقبل أقل من عام، ﻛﺸﻔﺖ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺷؤﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ ﻋﻦ ﺗﻌﺎﻗﺪ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋلى ﺍﺳﺘﻴﺮﺍﺩ (ﻣﺨﺒﺰ من ﺭﻭﺳﻴﺎ) ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻁ، فهل منكم من رأى أو سمع بهذا المخبز وهذا الرغيف الروسي؟.
* ولأن القصة في مجملها لا تخلو من تدخل جهات نافذة كما ذكرت، وربما شخصيات لها ثقلها في هذا القرار وفتح النوافذ والأبواب للسماسرة وتجار الكوميشنات، فقد استعجلت (وزارة المالية) غير المختصة بهذا النوع من الأخبار وأعلنت بأنها في انتظار ﻓﺘﺢ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩﺍﺕ ﻣﻦ ﺑﻨﻚ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻻﺳﺘﻜﻤﺎﻝ إﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﺳﺘﻴﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﺨﺒﺰ، أي أنها أعلنت استيراده وهي لم تستلم بعد اعتمادات بنك السودان.
* الخبر الذي أثار ضجة وقتها أكد أنه (وبعد ﺍﺳﺘﻜﻤﺎﻝ) ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺳﻴﺘﻢ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﺘﻜﻠﻔﺔ ﻭﺍﻟﺮﺑﺢ ﻭﺗﻮقع أﻥ أﺳﻌﺎﺭ ﻗﻄﻌﺔ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﻟﻠﺪﻗﻴﻖ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻁ ﺗﻜﻮﻥ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺳﻌﺮ ﻗﻄﻌﺔ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻤﺢ ﺍﻟﺼﺎﻓﻲ، وأن ﺍﻟﻤﺨﺒﺰ ﺳﻴﻨﺘﺞ ﺣﻮﺍلي 2 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻗﻄﻌﺔ ﺧﺒﺰ.
* أين هذا المخبز الآن، وأين المليون قطعة خبز ناهيك عن 2 مليون؟
* ولماذا الأزمة في رغيف الخبز متزايدة وأسعار الرغيف في ارتفاع مستمر ليصل سعر الرغيفة الواحدة صغيرة الحجم الى جنيه؟
* هكذا تدار شؤوننا وهكذا هو حال اقتصادنا، والمثير في الأمر هو إشارة ذات الوزارة إلى أﻥ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﻟﻠﻘﻤﺢ ﺑﻠﻐﺖ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ 1.5 ﻣﻠﻴﺎﺭ ﺟنيه، باعتبار أن دعم الحكومة لاستيراد القمح 2 مليار دولار، ﻭﺗﻮﻗﻊ أﻥ ﻳﺒﻠﻎ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ 2.4 ﻣﻠﻴﺎﺭ ﺟﻨيه وهو ما يعني أن ﻨﺴﺒﺔ الزﻳﺎﺩﺓ 57% ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ، وباعتراف الوزارة نفسها ﺑأﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺗﺴﺘﻬﻠﻚ ﺣﻮﺍﻟي 30 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻗﻄﻌﺔ ﺧﺒﺰ ﻳﻮﻣﻴﺎً.
* إذاً لماذا التعب وصرف ملايين الدولارات في استيراد المخبز الروسي الذي لا نعرف إن كان (اسكراب) أم لا، طالما أنه ينتج 2 مليون رغيفة بينما استهلاك الخرطوم وحدها 30 مليون رغيفة يومياً؟ أم إنهم يريدون لروسيا أن تأكل من قفانا والسلام؟!
* ولماذا روسيا تحديداً التي أطلت برأسها فجأة وصارت هي قبلة حكومتنا في كل شئ ابتداءً من الذهب، مروراً بالدبابات، ثم الطائرات المتهالكة التي تسقط على رؤوسنا كل يوم وأخيراً جداً فاجأتنا بالمخابز؟!!.
* يستحي الإنسان عندما يسمع أن الحكومة تقتات من عرق شعبها، أو أن تجعله فأر تجارب في كافة المجالات، فيكفيه ما يؤخذ منه من ضرائب (غير منظورة) وجبايات مختلفة الأنواع والمسميات.
* أرضنا خصبة يا سادة، وزراعة القمح فيها من أسهل الأشياء متى ما توفرت المعينات وصفيت النوايا ونضفت الأيادي، وإدخال أحدث التقنيات لزراعة القمح، ومبلغ الـ2 مليار دولار الذي يدفع سنوياً لاستيراد القمح من الممكن جداً أن يكون مليار فقط ويكفي حاجتنا المحلية ويفتح لنا أبواب التصدير، ويوفر لخزينة الدولة ملياراً آخر، وينعش آمال الشباب في إيجاد فرص العمل.
بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة