رغم ارتباط اسم حاضرة ولاية الجزيرة مدينة «ود مدني بالجمال الساحر والنظافة» الا انها عانت من الاهمال مؤخراً فسارت مدني على خطى الخرطوم فيما يتعلق بسوء التصريف وتراكم النفايات ،فظل فصل الخريف ضيفاً ثقيلاً على الولاية طيلة السنوات الماضية خاصة في ما يخلفه من اضرار بالغة نتيجة سوء التصريف الذي سببته وضعية «الانترلوك» ذو اللون الابيض والاسود الذي انتظم غالبية شوارع المدينة وكان نقمة بدلاً من نعمة في قائمة التنمية لدي حكومة الولاية، الامر الذي أدى الى اغلاق تام لجميع قنوات تصريف مياه الخريف سرعان ما تحولت شوارع الاسفلت الى برك للمياه الراكدة مما يشير الى ان الطرق الداخلية رصفت من دون استصحاب خطط ميدانية للتعامل مع فصل الخريف الذي تكثر معاناة المواطنين وتنشط فيه الحكومة بوضع تحسباتها لاستقبال الضيف الثقيل «الخريف» بيد ان السلطات في غياب تام عن مسرح الاحداث على رأسها الوالي المتواجد للاستجمام خارج الولاية.
سباق مع الزمن
دخلت ولاية الجزيرة ممثلة في حكومة الوالي محمد طاهر ايلا في سباق مع الزمن في العام 2016 حينما قرر رئيس الجمهورية زيارة الولاية سرعان ما رفعت الحكومة المحلية من وتيرة رصف الطرق والانترلوك التي سادت غالبية احياء المدينة دون مراعاة لطبيعة التضاريس ودراسة ميدانية لمنافذ تصريف مياه الأمطار خاصة في فصل الخريف الذي ظل يحرج العديد من حكومات الولايات ،فـ«الصحافة» كانت حاضرة ووقفت على تلك المأساة التي اضرت بالعديد من المواطنين الذين تحولت سوح منازلهم لاحواض سباحة وبرك للمياه الراكدة بسبب الانترلوك الذي وضعته حكومة الولاية باطراف الشوارع والطرقات فكان سبباً في حبس المياه عن المصارف فولد حالة من الاستياء من قبل المواطنين وعدم رضاء.
جولة ميدانية
تجولت «الصحافة» في معظم شوارع حاضرة الولاية المتمثلة في أحياء « اركويت – بانت – المنيرة – جزيرة الفيل – الزمالك – المطار- العشير -ود كنان – المكي – دردق»،فمياه الأمطار كانت سيدة الموقف فتوسدت تلك الشوارع يمنى ويسرى مما يبين سقوط المدينة في امتحان الأمطار التي هطلت في الفترة الماضية سرعان ما تحولت الشوارع الى برك لتراكم المياه فاستغلها البعض كمياه لغسيل الركشات خاصة في حي اركويت ،بجانب «مسار السكة حديد» الذي تراكمت المياه فيه على مد البصر بينما احتل الطين بوابة المعهد الحرفي بمدني الذي يقع بالقرب من استاد ود مدني ،فيما تبلل سور المستشفى التعليمي بالمياه الراكدة التي انقلب لونها الى الازرق الممزوج بالاخضر الذي تنبعث منه روائح كريهة ظلت لا تفارق انوف مرافقي المرضى بالمستشفى من الاتجاه الشمالي ،ولكن اكثر هذه الشوارع التي ظلت محتفظة بمياه الأمطار «شارع السكة حديد» علي مساريه اليمين واليسار ولم يسلم منها حتي ميدان نادي النجوم الذي احتلت مياه الخريف ارضيته الامر الذي يتطلب عدة اشهر حتى يجف ليكون صالحاً لاستضافة «تمرين» اذا لم تهطل أمطار جديدة .
نفايات متراكمة
قضية النفايات اصبحت بمثابة لغز صعب على السلطات المسؤولة حله فآخر تصنيف للعواصم القذرة احتلت فيه الخرطوم مركزا متقدما فانتقل ذات الداء الى الولايات المختلفة فقضية النفايات ظلت تهزم كل من يتولى أمرها ،فمدني ايضاً دخلت في سباق عواصم الولايات المتسخة من اوسع الابواب فمناطق «السوق الكبير – السوق المركزي – الشعبي » فاضت بالنفايات، وبعض شوارع المدينة من بينها الطريق المؤدي من أمام مدرسة السيد الحسن الميرغني بالاضافة الى الروائح الكريهة الخارجة من مجاري الصرف الصحي التي تجعل المارة مرغمين لسد انوفهم ، فالوضع في السوق «الكبير- المركزي» بودمدني لا يقل بؤساً من تلك الطرق المغطاة بمياه الأمطار ذات الرائحة الكريهة اذا شرعت في التجوال في هذه الاسواق عقب هطول الأمطار يصعب عليك الثبات والاستمرار في السير بسبب الطين الممزوج بالاوساخ والروائح في ظل غياب تام لكافة السلطات المعنية على رأسها الوالي الذي يستجم هذه الايام خارج الولاية عن الوضع الكارثي الذي يتسيد المشهد ،اما السوق الشعبي الذي يستضيف الميناء البري يفوق الجهات التي ذكرناها مجتمعة من حيث النفايات وتراكم المياه التي يصعب التحرك فيها فالمسافرون يبذلون مجهودا جبارا حتى يصلوا للبصات لان الطين والنفايات عرقلت كافة أرجاء الميناء مما جعل الوصول للبصات امرا في غاية الصعوبة بينما اكتفى اصحاب البصات بوضع «الكراتين» في الممشى المؤدى الي مقاعد الجلوس داخل البص لامتصاص الطين الملتصق باحذية المسافرين.
أخطاء هندسية
بالمقابل قال عضو المجلس التشريعي بولاية الجزيرة محمد مصطفى أجعص لـ«الصحافة » ان مياه الأمطار التي غمرت الطرق الداخلية بود مدني نتيجة لاخطاء هندسية ارتكبتها الشركة المنفذة للطرق والانترلوك لانها لم تراعي لمواقع التصريف وتعمد اغلاقها.
وحمل أجعص وزارة التخطيط العمراني مسؤولية هذه الاخطاء التي وصفها بالفادحة، وابان ان حكومة الولاية سابقت الزمن في انفاذها لهذه الانشاءات بغرض تجهيزها للتدشين بواسطة رئيس الجمهورية خلال زيارته للولاية العام الماضي بيد انه قطع بان الغرض كان انشاءات مظهرية وليست انشاءات تعمير وبناء طويلة الامد،وقطع بان التنمية في الولاية ليست متوازنة نسبة لتركيزها على الطرق والانترلوك واهمال بقية المشاريع الحيوية الاخرى.
مأساة مواطن
المراقب للانترلوك الذي رصفته الشركة امام المنازل وعلى طول الطرقات تختلف وضعيته في كل حي عن الاخر ،مثلا في حي بانت تجد مستوى المنزل منخفضا عن ارتفاع الانترلوك بينما ميلان الانترلوك يكون عكس المنزل فبدلاً ان يكون للخارج يوضع مائل للداخل مما يجعل خروج المياه من المنازل امرا في غاية الصعوبة الامر الذي تستغله المياه الراكدة في الشوارع فرصة لاقتحام البيوت عبر هذا الميلان العكسي كما حدث بمنزل العم حافظ يوسف بحيري ذو الـ«82» عاما الذي يسكن بحي القسم الاول ظل يعاني من اقتحام المياه لمنزله عبر الانترلوك سرعان ما ينخرط بجسده النحيل الذي لا يحتمل اقل جهد في غرف المياه من داخل المنزل لكي يخرجها خارج منزله بيد ان تلك المسألة ارهقته فلجأ الى شراء موتور بتكلفة بلغت 1200 جنيه من دون الملحقات الاخرى من «خراطيش وغيرها « حتى يتمكن من شفط تلك المياه الى الخارج .
مدني :محمد آدم /محمد عبدالله
الصحافة