“حسن إسماعيل” : أول دعوة جاءتني للانضمام للمؤتمر الوطني كانت في المعتقل

أثار تعيين الأستاذ “حسن إسماعيل” وزيراً في حكومة ولاية الخرطوم قبل عامين جدلاً كثيفاً في وسائط التواصل الاجتماعي لأنه كان حاداً في نقده للحكومة.. وبعد عامين قضاهما وزيراً للحكم المحلي ثم رئيساً للمجلس الأعلى للبيئة بولاية الخرطوم أصدر قراراً بمنع تصنيع الأكياس الخفيفة بولاية الخرطوم من أجل بيئة نظيفة.
وفي سياق مختلف، تغيرت نظرته للعمل المعارض الذي كان من نجومه وبعد دخوله الحكومة لم ير في المعارضة غير التشاكس وتكرار العبارات القديمة التي عفا عليها الزمن والتناقضات في المواقف.. (المجهر) استنطقت الوزير.. فإلى مضابط الحوار..

{ كنت ناشطاً سياسياً وحاداً في معارضتك.. كيف وجدت العمل في الحكومة التي كنت تنتقدها؟
_ تغيرت كثير من الحيثيات، أهمها أنا في داخلي، أولاً سقطت فكرة البديل المعارض عندي لأن المعارضة الحزبية التي بقينا فيها صادقين لتبشير الشعب السوداني لسنوات، الآن عيوبها عصية على الحل، وإذا أصررنا عليها فهذا معناه أننا نصر على خيار معطوب، فهي لم تتفق على شيء سوى معاداة الحكومة وعدم التجانس، فضلاً عن حجم التناقضات داخلها.
{ ما هي هذه التناقضات؟
_ التناقضات في الاستراتيجيات، مثلاً الحركة الشعبية كانت تعمل في التجمع الوطني الديمقراطي لكنها كانت تبحث عن البديل الموجود في السلطة، وفي النهاية اتفقت مع الشق الحكومي لكنها ساومت “قانون الانفصال مقابل قانون الاستفتاء”.. إذن نحن نكذب على بعضنا البعض وعلى الشعب السوداني.
{ إذن ما الذي تغير في المؤتمر الوطني؟
_ المؤتمر الوطني حدثت داخله تغييرات.. خروجه من المحور الإيراني، ولأول مرة تقبل الحكومة بحوار داخلي لأنها كانت حريصة على توقيع اتفاقيات في الخارج، ولكن بعد الحوار الوطني أصبح هنالك هامش قبول للآخر.
{ لكن الشعب بدأ يتململ؟
_ هذه العبارة ظلت تتكرر وهي شبيهة بعبارة المعارضة (نحن الآن في لحظات تاريخية حرجة)، وظللنا نستهلكها على مدار الخمسين سنة الماضية، والشعب يتطور، حتى الخيارات والتوجهات العامة للناس تغيرت، فمثلاً انتخابات 2015 أفضل من انتخابات 2010، و2020 ستكون أفضل من 2015م.. الآن هنالك تطور سياسي، و”نداء السودان” انقسم، وسنمشي حسب الحيثيات الجديدة.
{ أنتم إسلاميون داخل حزب الأمة؟
_ أنا يميني أصلاً، وحتى في جامعة الخرطوم اليسار يعدّني أقرب لليمين، لكني أنصاري أكثر من حزب الأمة ولا ننكر أننا يمينيون، لكن لا علاقة لنا بالإخوان المسلمين، وأنا ليس لي تواصل مع الإخوان، أؤمن بحق الآخر في التعبير، ولا أنزعج من أي خط سياسي.. فنحن يمينيون ديمقراطيون.
{ هل يتحد حزب الأمة؟
_ لا أتوقع الوحدة.. المساحات تباعدت داخل النفوس، وضعفت الثقة، والرأي السالب أكبر.
{ مقولة لن ينجح حزب للأمة بقيادة من خارج بيت “المهدي”؟
_ بيت “المهدي” مهم لأن (العضم) أنصاري، وهم يمثلون رموز، و(برضو آل “المهدي” خشم بيوت)، في ناس تم تجريدهم من بدري، ولا يعني هذا أن أي منظومة بدون آل “المهدي” تعني الفشل والعكس صحيح، لكن توجد اشتراطات في القيادة ان تكون منسجماً وعندك معلومات، والموازنة مطلوبة، لا يكفي فقط أنك من آل “المهدي” لتستطيع تسيير المنظومة.. دا ما شرط كافي.. والدليل التراجع الكبير لحزب الأمة القومي في الأداء وتزايد أعداد المنسلخين منه والفاعلين.
{ هل ينجح التوريث في حزب الأمة؟
_ الوضع الحاصل لا يبشر بذلك.. أنت إذا حاولت أن تفرض شخصاً غير مرغوب داخل الحزب فلن ينجح.. قبل كدا سيد “صادق” حاول فرض شخصيات لكنها فشلت.
{ التعامل مع المؤتمر الوطني؟
_ كل الطاقم الموجود تعاملت معه من قبل، مثلاً “مأمون حميدة” كان مدير الجامعة لما كنت طالباً، والعمل الآن في حكومة الولاية تيم مشترك، والوزراء يتشاورون في كثير من الملفات.
{ هل جاءتك دعوة للانضمام إلى المؤتمر الوطني؟
_ أول مرة كنت في المعتقل والمرة الثانية لما كنت في مجلس الصحافة والمطبوعات الصحفية، والآن تُقال في شكل مزاح لأننا نمثل أحزاباً.
{ هل فشلت تجربتك في وزارة الحكم المحلي وتم نقلك إلى المجلس الأعلى للبيئة؟
_ افتكر نقلي من وزارة الحكم المحلي إلى المجلس الأعلى للبيئة تم بحيثيات مختلفة.. عن السؤال، الأخ الوالي ذكر لي أنه بصدد إجراء تبديل لأربع شخصيات في المواقع الوزارية في التشكيل الجديد، وأنا ضمن الأربعة، وبعد نقاش قال لي الوالي “دي ملفات عاوز أحقق فيها نجاح ومن خلال متابعتي لأدائك في الحكم المحلي ونجاحك في بعض الملفات أريد تكليفك بملف البيئة لأنه ستكون له علاقة مباشرة مع المعتمدين”.. فكان النقل بحيثيات إيجابية وليس سلبية.
{ ولكن الحيثيات الإيجابية التي ذكرتها لم تظهر في الحكم المحلي إبان وجودك على سدته؟
_ واحدة من مشاكل الحكم المحلي الاختناق المالي في المحليات لأن مواردها قديمة وغير متجددة ولا تمثل عائداً كبيراً، وتوجد رسوم لا تستطيع المحليات جمعها لأن تكلفة جمعها أكبر من عائداتها، ونحن نبحث عن موارد جديدة بعيدة عن التصاديق والإتاوات.
المحليات نسبة تحصيل العوائد فيها لا تتعدى (50%) عدا التصاديق المؤقتة، تحصيلها فوري لكنها محدودة لا تفي حتى بنظافة الأسواق، لكن المحليات يجب أن تفكر في أوعية إيرادية جديدة، مثلاً استثمارات في الأبراج السكنية والتخطيط العمراني، وتقسم فيها العوائد بالتساوي بين المحليات ووزارة التخطيط العمراني، وتقدم فيها الخدمات..
{ المحليات عبء إداري على الولايات؟
_ هي كذلك للناظر إليها من خارج الحكم المحلي، لكن في تقديري أنها مستوى حكم أهم من المستوى الوزاري الولائي، لأن المعتمد هو المسؤول المباشر أمام المواطنين، حتى لو القانون لا يمنحه ذلك لكنه المسؤول المباشر، الوزراء غير مرتبطين.. في وجهة نظري مستقبلاً يمكن أن نقلل مستوى الحكم الولائي لأربعة وزراء فقط ومنح بقية الصلاحيات المالية والإدارية للمعتمدين، وأغلب الولايات الوزراء موجودون في رئاسة الولاية وبعيدون عن المحليات.
{ عند توليك للمجلس الأعلى للبيئة أثرت زوابع في المجلس بمنع تداول الأكياس؟
_ القرار حيثياته كانت موجودة والمفروض أنفذه مباشرة لأن المجلس متواصل مع التجار، وهم جزء من القرار (وعارفين أن القرار ليه ستة شهور) ولكن قررت أن تكون بدايته من أول السنة.. حيثياته أُخذت من جهات علمية.
{ ما هي المعالجات للعاملين في المجال؟
_ نحن قلنا ستة شهور للمصانع والتجار عشان يتخلصوا منها ويوفقوا أوضاعهم المالية.. ونحن ما أوقفنا التصنيع لأن أي مصنع فيه خطوط إنتاج كبيرة، لكن أوقفنا إنتاج الكيس الخفيف وتنتج الأكياس الكبيرة.. القرار لا يغلق المصانع ولكنها ستعمل بالمواصفات التي طلبناها نحن.
{ ولكنه يقلل الإنتاج؟
_ أبداً.. ممكن المصنع الذي ينتج (5) آلاف طن ينتج ألف طن كيس.
{ الكيس الخفيف ليس له ضرر مباشر على البيئة؟
_ نحن استندنا إلى رأي خبراء علميين وأقمنا ورش، قدمت فيها أوراق علمية، وحتى هيئة المناخ العالمية بدأت تتحدث عن مواصفات محددة للكيس وأي دولة لا تلتزم بالمواصفات ستنصف تصنيفات تمنع عنها الدعم المالي.
{ ضرر الكيس الخفيف في المادة الساخنة والمثلجة؟
_ نحن نشتري احتياجاتنا اليومية الفول واللبن في الكيس الخفيف وثبت أن الأكياس تسبب الأمراض.. والأكياس الخفيفة التاجر (بيكون سخي في توزيعها)، وحتى المصنعين عارفين ضرر الكيس الخفيف، وعرضوا علينا مبالغ للتخلص من النفايات، لكنها تسبب ضرراً للحيوانات، والخرطوم أكبر معبر للمواشي.
{هل ضرر البيئة محصور في الأكياس فقط.. أين المجلس من المصانع الموجودة داخل المدن؟
_ نعم صحيح، وهنالك مصنع مشهور تتضرر منه أحياء سكنية ونحن رفعنا ضده دعوى لنقله خارج مدينة أم درمان والآن لدينا قضايا أمام القضاء.. (نحن ماشين وشغالين في أكثر من مسار.. حتى المواشي عاوزين نخصص ليها مكان بدل بيعها في الطرق العام)، وأي محلية وزارة التخطيط تخصص لها مكاناً لبيع الماشية وتوفر لها الخدمات.
{ مشاكل السلخانات؟
_ نحن نواجه ثلاث مشاكل متشابهة في السلخانات، وفعّلنا قرار التزام بيئي مع وزارة الزراعة من يخالفه يواجه بالقانون.. قانون البيئة موجود لكن توجد بعض المشاكل في نصوصه، منها الغرامة البسيطة التي يدفعها أصحاب كمائن الطوب بكل سهولة.. لكن هنالك أصحاب ورش اللحام والأثاثات المنتشرين وسط الأحياء السكنية وأمام رياض الأطفال، هذه ممارسات خاطئة المواطنون طرف فيها، ولدينا قرار سيصدر قريباً بشأن السلخانات.
{ الأسواق مكتظة بالنفايات رغم أن التجار يدفعون ما عليهم من رسوم؟
_ نحن لدينا (135) سوقاً، منها (40) سوقاً كبيراً، وحركة الأسواق مستمرة لأكثر من (18) ساعة في اليوم وإفرازاتها مستمرة.. نحتاج خدمة (24) ساعة.. (لكن نعود تاني لضعف الآليات).
لازم نحدد ساعات عمل للأسواق حتى نستطيع نظافتها، أو نضطر لتقليل ساعات عملها، لازم تغلق لمدة (7) ساعات للنظافة، وفي أسواق تُستخدم مساحات كبيرة مواقف للسيارات.. ولدينا خطط كاملة لتنظيم عمل الأسواق وستكون هنالك حاويات في باطن الأرض لجمع النفايات.. ويجب معالجة الاختلالات المالية والإدارية وإعادة هيكلتها من جديد.

حوار – وليد النور
المجهر السياسي

Exit mobile version