برزت عدة أصوات في الآونة الأخيرة تنادي بوصل ما انقطع من علاقات مع إيران، آخرها ما قاله رئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي.
ووصلت علاقات الخرطوم وطهران، مرحلة القطيعة عقب القرارات التي اتخذتها الرئاسة السودانية بطرد طاقم السفارة الإيرانية من البلاد.
وسبق المهدي في دعوته، القيادي بحزب المؤتمر الوطني د. قطبي المهدي الذي انتقد قرارات الخرطوم بقطع علاقاتها مع إيران.
مطالبة بإعادة العلاقات
يوم (الإثنين) طالب زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي بضرورة إعادة العلاقات مع طهران، مبيناً أن إيران تتلاقى مع السودان في عدة قضايا واتجاهات أبرزها الموقف الثابت حيال القضية الفلسطينية.
ومن قبل طالب القيادي بالمؤتمر الوطني وسفير السودان الأسبق لدى طهران د. قطبي المهدي بإعادة العلاقات بين البلدين بوصف خطوة الخرطوم في قطع علاقاتها مع إيران بالمتسرعة.
الشاهد في الأمر أن الخرطوم قطعت علاقاتها مع طهران في ذات الوقت الذي فعلت فيه المملكة العربية السعودية في الوقت الحالي، وتشير التقارير الإعلامية لاحتمالية عودة العلاقات مع طهران والرياض، فهل تنحو الخرطوم في ذات الاتجاه وتعيد علاقاتها مع طهران.
علاقات متينة
عرفت العلاقات السودانية الإيرانية في السنوات الماضية بالمتانة والتماسك، بيد أن التحولات الإقليمية لعبت دوراً مهماً في انهيار سوق العلاقات بين البلدين، بعد أن كانت مزدهرة في كل النواحي اقتصادياً ودبلوماسياً وحتى عسكرياً بعد المناورات التي قامت بها بوارج حربية إيرانية على ساحل البحر الأحمر، بيد أن تلك العلاقات أصبحت في مهب الريح بطريقة دراماتيكة قبل عام ونيف.
وهنا يقول قطبي المهدي بأن الخرطوم تسرعت في قطع علاقاتها مع إيران، وكان يجب أن تدرس القرار بنوع من التمحيص ومن ثم اتخاذ القرار.
إعادة العلاقات
يذهب أكثر من رأي أن العلاقات السودانية والإيرانية كانت في قمة التوهج، وكان يبنغي الاحتفاظ بها في أحلك الظروف مع تقليل التمثيل الدبلوماسي في حالة حدوث أزمة طارئة بدلاً من قطع العلاقات بصورة كلية.
يقول د. أمين بناني إن العلاقة بين الخرطوم وطهران كانت مميزة ولا توجد أسباب منطقية لقطع العلاقة مع إيران، مبيناً أن الأخيرة تعاملت ببرود مع قرار الخرطوم دون اتخاذ أي ردود أفعال، وأضاف بناني لـ (الصيحة) بأن إيران دولة مهمة في الخارطة الإسلامية، ويجب أن تعود العلاقات بينها والخرطوم مع وضع ضوابط للعلاقة خاصة في نقطة الاتهامات المتبادلة التي تشير لعمل إيران على نشر التشيع في السودان، مضيفاً الأوفق بناء علاقات استراتيجية مع إيران.
في المقابل، يقول المحلل السياسي د. ربيع عبد العاطي إن السودان ليس ضد العلاقات مع إيران، ومن المهم بناء علاقات مع كل الدول على أن تقوم هذه العلاقات على الندية والتبادل الدبلوماسي بطريقة تخلو من التعالي، وقال إنه لا فرق بين إيران أو غيرها إذا التزمت بمعايير العلاقات الدبلوماسية.
تحالفات إقليمية
الصادق المهدي في آخر حديث له أشار إلى أهمية التطبيع مع إيران باعتبارها أبرز الداعمين للقضية الفلسطينية عطفاً على الدور الإقليمي الواضح.
بدوره يرى أمين بناني أن التحالفات الإقليمية التي تتخلق في الوقت الراهن يجب أن تحرك السودان تجاه إيران وإعادة علاقاته دون انتظار، ويستشهد بالتحالف الإيران التركي عطفاً على رغبة قطر والسعودية في إعادة علاقاتهما مع إيران، مبيناً أن الخرطوم بها حركة دبلوماسية وهنالك ملفات مهمة في المنطقة العربية والإسلامية مثل القضية الفلسطينية يمكن التعاون فيها مع إيران .
تأرجح تاريخي
تاريخ العلاقات السودانية الإيرانية ـ بحسب السفير الطريفي أحمد كرمنو ـ شهد عدد مراحل تأرجح ولم يكن متيناً إلا في عهد الإنقاذ، ويقول كرمنو: العلاقات بين البلدين تاريخياً لم تكن قوية أو مزدهرة بل حتى في عهد الشاه الإيراني كانت العلاقات ضعيفة، مشيراً أن العام 1983م شهد قطع العلاقات الدبلوماسية بين طهران والخرطوم بعد قرار الرئيس النميري إغلاق 22 سفارة أجنبية بالخرطوم من بينها سفارة إيران، وقال كرمنو لـ (الصيحة) إن مناداة الصادق المهدي بإعادة العلاقات نابعة من ميول الإمام الصادق المهدي لإيران منذ وقت مبكر.
توقيت غير مناسب
المطالبة بإعادة العلاقات مع إيران تبدو غير مهضومة لدى المحلل السياسي الرشيد محمد إبراهيم الذي يقول إن التوقيت الحالي لإعادة العلاقات غير مناسب في ظل الأزمة الخليجية، مبيناً أن إعادة العلاقات في ظل الأزمة الحالية لن يستفيد منها السودان، بيد أنه عاد وقال إن إعادة العلاقات الدبلوماسية من حيث المبدأ أمر واجب وحتماً ستعود العلاقات بين البلدين، ولكن ليس في الوقت الحالي بينما يقول الطريفي كرمنو أن لا جدوى من إعادة العلاقات مع طهران حالياً، مشيراً إلى أن الإنقاذ لم تستفد من إيران مطلقًا رغم تطور العلاقات بل اتهم كرمنو إيران بنشر التشيع في السودان عبر مراكزها الثقافية مع التضييق على الملحقية الثقافية السودانية بطهران، وأضاف: يمكن إعادة العلاقات كما نفعل مع كل الدول وكما يفعل الآخرون ذات الأمر، وزاد: يجب ألا نعطي علاقاتنا مع إيران أي مميزات، وختم قائلاً: يمكن إعادة العلاقات بصورة مشروطة، ووضع ضوابط أبرزها منع نشر التشيع خوفاً من تمكن إيران من ساحل البحر الأحمر ومن ثم تهديد الأمن القومي لكل دول الخليج التي تعتبر الحليف الأقرب للخرطوم حالياً.
الخرطوم: عبد الرؤوف طه
الصيحة