قيل إن السلطان العثماني (سليمان القانوني).. كان قد أوصى عند وفاته بدفن صندوق خشبي معه في قبره .. استغرب الناس .. وظن بعضهم أن السلطان يريد دفن بعضاً من كنوزه وجواهره المحببة الى نفسه.. بعد موته.. حرص بعضهم على فتح الصندوق ومعرفة ما به.. فوجدوا عدداً لا يحصى من القصاصات الورقية.. مكتوب عليها فتاوى العلماء التي كان السلطان لا يخطو خطوة بدونها.. بكى العلماء حينها.. وقال أحدهم: (لقد أعددت العدة ليوم الموقف العظيم وأخذت دفاعك معك.. فهل نحن كذلك؟؟).
العلماء الذين أفتوا بجواز حج موظفي الدولة من المال العام.. أكيد لهم رجعيتهم .. ودفوعاتهم التي سيحاجون بها يوم الموقف العظيم .. لكن سؤالي هو: ألا يجب على كل من يحج على نفقة الدولة.. بأخذ العفو من أصحاب هذه الأموال؟؟ مش مال عام؟؟ مش كلو من فلوسنا؟؟ أليست هذه الضرائب التي قيل لنا ستعود عليكم.. قمحاً ووعداً وتمنياً.. ؟؟ أليست هي التي انتظرناها.. طويلاً.. طرق معبدة وتأمين صحي وتعليم مجاني؟؟…. الحج والاعتمار على نفقة الدولة صار عادة سنوية، بل وصلت الى أن أصبحت حقاً ينتظره موظفو الدولة بترقب وشغف.. رغم أن الذي يتم تعليمه لنا في المدارس شئ.. والواقع شئ آخر.. فقد قيل إن الحج لمن استطاع اليه سبيلاً..
والاستطاعة تشمل المقدرة المادية والجسدية، بل وصل بهم الأمر الى القول إن مال الحج يجب أن يكون مالاً اكتسبته من عرق جبينك أنت لا غيرك فمن أين أتت فكرة أن يحج الآلاف من موظفي الدولة على حساب بيت مال المسلمين وحساب المستضعفين الذين لا يجدون ما يسدون به الرمق، بل يستصحب البعض أسرته والمقربين من ذوي الحظوة.. ومن حضر القسمة وكدا.. والحج ما عادي كدا زي حجي وحجك.. حج سياحي فاخر.. فيهو حاجات وشنو وشنو.
خذ عندك مثلاً.. البرلمان الذين يحجون منه كل عام عدد لا بأس به من النواب.. حتى خالطنا الظن أن بعض الجلسات يتم عقدها في بلاد الحرمين.. والا لم الإصرار على الذهاب كل عام؟؟.. هل سأل أحدهم نفسه هذا السؤال؟؟ أنه يجب أن يأخذ الإذن من أصحاب المال؟؟.. هل فكر أحدهم يوماً.. أن يخرج ويقول لنا (أنا ماشي حاجي على حسابكم يا جماعة.. أعفو لي؟؟).. وليس البرلمان وحده..(الشهادة لله).. الكاشف أخوه معاهو .. الوزارات.. فقد درجت كل وزارة على إيفاد موظفيها كل عام.. وبعضهم يتكرر اسمه كل سنة.. عادي كدا.. ياخ وصل الاعتياد والتعود على هذا الأمر .. أن تلاقي احدهم في الشارع مسرعاً.. تسأله ما بك (والله فلان ود خالتي ماشي الحج.. عايز ألحق أودعو).. ترد أنت (ما شاء الله.. كان ناوي من بدري؟؟) ..(لا والله.. طلع اسمه مسافر مع ناس الوزراة.. أدعي لينا ربنا يوعدنا.. ونسافر برضو على نفقة الدولة)..
أها يا جماعة.. السفر على نفقة الدولة دا لكل من لا يعرف.. ياهو ذااتو .. اسم الدلع للسفر بي قروش الضرائب التي يتم أخذها مننا نحن الموظفين في الأرض.. بما أنني واحدة من دافعي الضرائب المخضرمين.. لعدد من السنوات الضوئية كدا.. أعلن.. وبكامل قواي العقلية.. واستحضاري الذهني والمعنوي.. أقول لكل من استمرأ الحج والاعتمار على حساب ضرائبي كل عام.. أقول لكم.. أنا (ماااا عافية ليكم).. وبس
صباحكم خير – د ناهد قرناص
صحيفة الجريدة