تفاقمت أزمة الكتاب المدرسي المطبوع خارج السودان بفيتنام مع عدم مطابقته للمواصفة السودانية، وهو ما اعتبره اتحاد الغرف الصناعية السودانية هدراً للموارد ومخالفة للقرار الصادر عن مجلس الوزراء رقم (423) لسنة 2006م
والقاضي بتنظيم العطاءات الحكومية وإتاحة فرص التنافس فيها لأكبر عدد من المطابع خاصة فيما يتعلق بالكتب المدرسية والجامعية، والكثير من التفاصيل التي كشفتها الغرفة في مؤتمرها الصحفي الذي عقدته أمس بمقرها بالخرطوم، وهو امتداد لقضية فجرتها (الإنتباهة) الأسبوع الفائت وكشفت الكثير من تفاصيلها المثيرة، حيث أوردت الصحيفة ما دار بالميناء من خلافات وبلاغات مدونة بمحاضر الشرطة الرسمية وأضابير النيابة حتى بلغت مرحلة حجز (5) حاويات من الكتاب المدرسي.. المساحة التالية نتوقف على تفاصيل ما دار من حديث حول أزمة الكتاب المدرسي من وجهة نظر اتحاد الغرف الصناعية.
بداية الشرارة
بدأت الأزمة عندما دونت شرطة قسم الشاحنات بمدينة بورتسودان بلاغاً تحت المادة (180) من القانون في مواجهة شركة فاديكس للشحن المحدودة بحجة احتجازهم لـ(5) حاويات من الكتب المدرسية، وذلك بعد إبلاغ مفوض وزارة التربية والتعليم الاتحادية توفيق الطيب عبد السلام، والذي أفاد أن شركة فاديكس للنقل المحدودة احتجزت (5) حاويات تحوي كتباً مدرسية تخص وزارة التربية والتعليم الاتحادية بحجة عدم السداد لقيمة الترحيل من الشركة الطابعة للكتب (هانوي الفيتنامية). وبموجب ذلك تم تدوين بلاغ بالرقم (204)، تحت المادة (180) ق ج، يذكر أن الوزارة تعاقدت مع شركة هانوي لطباعة (5) ملايين نسخة من الكتاب المدرسي بموجب منحة قدرها مليونا يورو، مقدمة من البنك الدولي على أن تقوم الشركة بجميع إجراءات التخليص والترحيل إلى ولايات السودان، فيما تعاقدت شركة هانوي مع شركة فاديكس لترحيل الكتب من الميناء إلى ولايات السودان, على ان تلتزم هانوي بسداد نفقات الترحيل إلا أنها لم تلتزم، الأمر الذي قاد شركة فاديكس برفع دعوى مدنية لدى محكمة بورتسودان وتم الحجز بموجب أمر قضائي صادر عن المحكمة.
تلاعب في المواصفة
شركة فاديكس لخدمات الشحن المحدودة، كشفت تلاعباً بمواصفات طباعة الكتاب المدرسي للأساس من قبل الشركة الطابعة بفيتنام، الأمر الذي يعتبر إخلالاً بشروط العقد، وأوضحت في ردها على ما أثارته (الإنتباهة) حول هذه القضية أنهم احتجزوا (5) حاويات فقط من جملة (49) حاوية، وتسليمها لكل ولايات السودان، فيما رأت وزارة التربية والتعليم العام أن الأزمة تجارية بحتة وان الكمية المحتجزة لا تتعدى (300) ألف كتاب، وأوضح هاشم حمزة الحسن مدير مشروع تقوية تعليم الأساس أن الحجز يمثل (5%) فقط من المشروع.
بالمستندات والوثائق
قبل أن يتحدث قادة اتحاد الغرف الصناعية السوداني، في مؤتمرهم الصحفي الذي عقد أمس، تم تسليم الصحفيين حزمة من المستندات المهمة المتعلقة بطباعة الكتاب المدرسي، أبرزها الخطاب المعنون للدكتورة سعاد عبد الرازق وزيرة التربية والتعليم بتاريخ 22/2/2015 حول عطاء طباعة الكتاب المدرسي، موضحين فيه الأضرار الكبيرة التي قد تتسبب لمطابع القطاع الخاص في السودان عند طرح العطاء بالشروط العالمية، إضافة إلى خطاب آخر صادر في ذات العام للسيد وزير المالية دكتور بدر الدين محمود حول طباعة كتاب البنك الدولي لتعليم الأساس في السودان، أوضحوا فيه أن الطابعين المحليين حلوا في المراتب الأخيرة عند المشاركة في طرح العطاء الثاني, موضحين أن استمرار هذا المشروع سوف يحرم قطاع الطباعة في السودان من التطور، مشيرين للمزايا التفضيلية في الطباعة المحلية ومخالفة قرار مجلس الوزراء القاضي بحظر الطباعة الحكومية خارج السودان، وطالبوا بمراجعة الاتفاقية مع البنك والتقيد بالمواصفة السودانية وتحويل الطباعة للعملة المحلية والاستفادة من النقد الأجنبي لصالح بنك السودان. وخطاب آخر للسيد وزير الدولة بوزارة الصناعة، مشيرين فيه إلى إغلاق كل المطابع العاملة في طباعة الكتاب المدرسي حال استمرار المشروع لفترة ثلاث سنوات قادمة.
لماذا فيتنام؟
لماذا فيتنام؟ سؤال طرحه الأمين العام لغرفة الطباعة والتغليف سيف الدين حسن الصادق، في مؤتمر صحفي أمس حول طباعة الكتاب المدرسي, وقال: إن الحديث عن منحة البنك الدولي تم تناولها بمعلومات ناقصة، وتتمثل في بنود بناء المدارس ودعم الوسائل التعليمية والكتاب المدرسي، منوهاً إلى حدوث مراوغات من قبل وزارة التربية والتعليم فيما يتعلق بطباعة الكتاب، مشيراً الى تقدم 6 مطابع وطنية للعطاء ولكنها خرجت من المنافسة وفازت بالعطاء مطبعه هندية، وأكد سيف الدين اعتراضهم على قرار الطباعة في الخارج. وقال إنهم توجهوا نحو البنك الدولي وتم سؤالهم عن لماذا لا تتم الطباعة في الداخل؟ ولكن إدارة البنك أوضحت أن مسؤوليتهم منح التمويل فقط، لافتاً الى لقائهم وزير المالية ومخاطبته لضمان عدم خروج أموال المنحة الى الخارج لفائدة المطابع المحلية، ولكن لم يجدوا الرد المناسب. وزاد: (المطابع بعد كده إلا تفرش قدامها ويكة ولا موية علشان تبيعها). وأشار الى أن هناك ضرراً مركباً على التلاميذ، واختلاف الكتاب المطبوع وعدم مطابقته للمواصفة السودانية، وقال إن النسخة الثانية طرحت بتخبط أكثر من الأولى وتم تسجيل احتجاج الغرفة عليها بخطابات رسمية لمسؤولين, ولكنهم تهربوا ولم يتم الرد عليها حتى الآن, ومن ثم تمت مخاطبة البنك الدولي بأن مواصفات العطاء لا تناسب المواصفة السودانية للكتاب المدرسي. وكان رد البنك (اسألوا ناسكم). وهم وزارتا المالية والتربية اللتان أنكرتا المسألة تماماً. وقال إن الجهات المسوؤلة لم تستصحب الجهات الفنية والمختصة في قطاع الطباعة، كاشفاً عن اعتماد فيتنام طباعة حوالي 10 ملايين كتاب من خلال نفس المطبعة الهندية قادمة للسودان منتصف العام الدراسي الجاري. وقال (ضهرنا اتقصى والقضية حساسة). مبيناً إمكانية طباعة الكتاب في الداخل حال توافقت آراء الغرفة والمالية والتربية، مع الإشارة الى أن البنك أوضح بانه ليس سبباً مباشراً فيما حدث. وزاد: بدورنا نسأل وزارة التربية عن من المسؤول؟ ونريد معرفة الحقيقة، ولماذا يطبع الكتاب المدرسي في الخارج؟ وبالنسبة لوزارة المالية لا نعلم الشخص الذي قام بالتوقيع على المنحة، داعياً إلى تصحيح المسار لمستقبل الطباعة في البلاد . وقطع بأن عزيمتهم لن تفتر أو تحبط ونحن أولاد هذا البلد, وقاعدين فيه والمنحة ليست نهاية المطاف، وربما تستمر لسنوات قادمة.
مذكرة مجلس الوزراء
كشف الأمين العام لغرفة الطباعة والتغليف, عن رفع خطاب ومذكرة لرئيس مجلس الوزراء القومي بشأن المنحة، وقال: هذا من حقنا والموضوع ليس موضوع (زول عنده طبلية) هذا قطاع فيه استثمارات ضخمة والوضع غير مقبول، وسوف نسعي لإعادة الأمور إلى نصابها والعقبة ليست في البنك, ولكن في إخوتنا الذين لم يؤدوا واجبهم بالطريقة الصحيحة.
مواجهة الجبايات والرسوم
عضو الغرفة عبد الله الطيب، قال إن إمكانيات الطباعة متوفرة في البلاد وتزيد عن الحاجة, وشكا من مواجهة القطاع للرسوم والجبايات الحكومية بأكثر من 36%, مطالباً بوقف طباعة الكتاب المدرسي في الخارج بحسب قرار مجلس الوزراء للعام 2006م الذي يؤكد أن القطاع قادر أن يطبع لنا ولغيرنا. مشيراً الى عدم مراعاة السوق السوداني وإبعاد المطابع السودانية من المنافسة، مبيناً أن تكلفة الكتاب المدرسي 3 جنيهات حتي الاستلام وتم طباعة 5 ملايين كتاب بمبلغ 2 مليون يورو. وقال ان الطابع السوداني يشتري الدولار بـ 21 جنيها واليورو بـ 25 جنيهً, فإما هنالك خطأ أو كارثة, فحرمان المطابع السودانية خطأ كبير من قبل مشروع منحة البنك الدولي. مبيناً ان المنحة لم تساعد بل كسرت ظهور المطابع وأدخلتهم في مشكلات. وحمل إدارة المناهج بوزارة التربية والتعليم مسؤولية عدم المراقبة والمتابعة للمنهج والكتاب المطبوع. وقال معلوماتنا تؤكد ألا علم لها بتطورات الطباعة الخارجية، والأخطاء في الكتاب المدرسي كثيرة ولا أحد يراقب أو يتابع أو يحاسب، وطباعتها بالخارج وبال على الجميع ولوزارة المالية ضلع كبير في الإخفاقات التي حصلت, وهي الجهة المسؤولة عن التوقيع مع البنك الدولي, ولم تهتم أو تراقب وتسأل عن المنحة والقصور الذي صاحبها. وقال ياليت لو لم تأت إذا كنا نعلم بأنها بهذه الطريقة.
جاهزية المطابع الوطنية
نائب الأمين العام لغرفة الطباعة الشيخ عثمان مصطفى, شكا من الرسوم والجبايات وسداد 17% و3% للجمارك و2% للموانئ البحرية والمحليات. وقال لا يمكن أن تكون هنالك منافسة عادلة وشريفة. مطالباً بإزالة الرسوم كافة، مشيراً الى توفر 38 مطبعة عاملة بجودة تامة وإمكانيات عالية في الطباعة.
رشا التوم – علي البصير
الانتباهة