الخرطوم وبكين .. صديقان حميمان من حديد

رغم أن الجمعة هي العطلة الرسمية في الخرطوم, إلا أن الحكومة حشدت كل ما يمكن لاستقبال الضيف الصيني الرفيع الذي حطت طائرته “الصينية ” الفخمة بمدرج الصالة الرئاسية.
وإبان زيارة للرئيس البشير إلى الصين، تواترت أنباء عن استيراد طائرات صينية وضمها لأسطول سودانير الذي يعاني.

الطائرات حتى الآن لم تصل لسودانير، لكن زيارة نائب رئيس مجلس الدولة الصيني تشانغ قاو لي وصل للخرطوم بطائرة استحوذت على تعليق الصحافيين لفخامتها, الطائرة التي نقلت المسؤول الصيني الرفيع نقلت أيضاً حزمة من الموضوعات فتحتها أيادي المسؤولين ونظرت بداخلها أعينهم في اجتماع عالي المستوى بين النائب الأول للرئيس ورئيس مجلس الوزراء القومي بكري حسن صالح، ونائب رئيس مجلس الدولة الصيني بالقصر الرئاسي ” الهدية الخاصة من الحكومة الصينية” أمس.
«1»
ووصل تشانغ قاو، على رأس وفد رفيع المستوى في زيارة رسمية تستغرق يومين بدعوة من النائب الأول للرئيس. وكان بكري على رأس مستقبلي نائب رئيس مجلس الدولة الصيني بمطار الخرطوم، بجانب عدد من الوزراء وكبار المسؤولين بالدولة. وأعرب رئيس مجلس الوزراء القومي، في بيان أصدره المجلس، عن ترحيبه الحار بضيف البلاد الكبير والوفد المرافق له، ووصف الزيارة بالتاريخية وذات الأهمية الكبيرة، وتؤكد على عمق علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين الصديقين في مجالات التعاون الثنائي كافة سياسياً واقتصادياً وثقافياً، وستدعم التنسيق المشترك القائم بينهما في المحافل الإقليمية والدولية.
«2»
وأوضح وزير الخارجية إبراهيم غندور، بعد أن حطت طائرة الصيني، أن الجانبين سيجريان مباحثات رسمية، بالقصر، وأن الوزراء المرافقين لنائب رئيس مجلس الدولة الصيني ، سيلتقون نظراءهم في الجانب السوداني لمناقشة القضايا المختلفة، وسيتم التوقيع على عدد من الاتفاقيات الإطارية. وقال إن نائب رئيس مجلس الدولة الصيني سيلتقي الرئيس البشير ببيت الضيافة. ووصف غندور الزيارة بأنها تاريخية ومهمة وتحمل أبعاداً سياسية واقتصادية وثقافية في إطار علاقات البلدين التي قال إنها وصلت إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية التي وقعها رئيسا البلدين عام 2015 في بكين.
«3»
لاحقاً انتقل الضيف الصيني إلى مقر إقامته, ومن ثم الى القصر للاجتماع المشترك. وانعقد الاجتماع في جو صافي وتنسيق عالي أفرج عن الأزمة الخفية بين البلدين، ونجح في الإطاحة بها مخرجاً “شبح الدين” بإعلان بكين إعفاء السودان من 160 مليون يوان من القروض الميسرة، بجانب تقديم هدية من التنين في ذات الوقت بمبلغ 500 مليون يوان, هذه الجزئية فرضت واقعاً انعكس على تصريحات وزير الخارجية إبراهيم غندور، ونائب رئيس الوزراء الصيني تالياً بعد انفضاض الاجتماعات المشتركة، ليصف غندور علاقة البلدين بأنها علاقة صديقين حميمين من حديد. مجمل المباحثات بحسب تصريحات الوزيرين انصبت وتطرقت الى الجوانب الاقتصادية والسياسية, وبعدها وقع الجانبان مذكرات تفاهم تشمل إعادة تأهيل قاعة الصداقة وإنشاء مسلخ غربي أم درمان بتكلفة 450 مليون يوان صيني. وقال غندور في تصريحات مشتركة بعد الاجتماعات، إن هناك 2500 طالب سوداني يدرسون بالصين, واصفاً في الأثناء العلاقات بين البلدين بالتاريخية. وقال “صديقين حميمين من حديد”. ونبه غندور إلى أن السودان لن يرضى المساس بالأراضي الصينية ولا يسمح بكل ما يمس الصين وسيقف سداً منيعاً, ونوه بالمقابل الى أن بكين تقف مع السودان في كل قضاياه وكل ما يهدده، خاصة ضد المحكمة الجنائية الدولية. وذكر غندور أن بعد الزيارة ستتبلور صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين. من جهته قال نائب وزير الخارجية الصيني إن بكين جاهزة لتكون أكبر شريك استراتيجي للسودان في كل مشاريعه. وقال “لا نمانع في تسويق مشروب التمر في الأسواق الصينية”.
«4»
وفي مسار الزيارة , أعلنت الشركة الوطنية الصينية للبترول (CNPC)، استعدادها التام لمواجهة المعوقات التي تواجه الاستثمارات النفطية في السودان، والتي تتمثل في معالجة الديون والآثار المترتبة جراء انفصال جنوب السودان وسلامة العاملين الصينيين، وأكدت رغبتها في تطوير التعاون مع السودان. وبحث وزير النفط والغاز د.عبد الرحمن عثمان، مع نائب رئيس الشركة الوطنية الصينية للبترول زانج جان ليو، سبل تطوير التعاون المشترك بين السودان والصين في مجال صناعة النفط والغاز، خاصة وأن التعاون امتد لأكثر من 20 عاماً. وأشاد بمستوى التعاون المشترك بين البلدين في عدد من المجالات أبرزها التجربة الرائدة في صناعة النفط والغاز، مشيراً إلى أن استثمارات الصين في مجال النفط والغاز في السودان، بلغت أكثر من 15 مليار دولار. ودعا عثمان الصين لتوسيع استثماراتها في قطاع النفط والاستفادة من الفرص الواعدة بعدد من المربعات المطروحة للاستثمار حالياً، إضافة إلى تطوير الحقول المنتجة وزيادة الإنتاج النفطي الذي يعد استراتيجية الوزارة لتلبية احتياجات الاقتصاد الوطني، مؤكداً استعداده للعمل لإزالة التحديات التي تعيق زيادة الاستثمار الصيني في قطاعي النفط والغاز، منوهاً بأهمية تطوير التعاون بين البلدين تنفيذاً لموجهات قيادات البلدين. من جهته، أكد نائب رئيس الشركة الوطنية الصينية للبترول زانج جان ليو، رغبة الشركة في تطوير التعاون المشترك بين البلدين، مشيراً إلى العلاقات الأزلية بين البلدين والتي تمكنهم من تقديم رؤية جديدة للاستثمار في مربعات (2B) و (2A, 4)، إضافة إلى الاستثمار في المربعات الجديدة، مع استعدادهم التام لمجابهة التحديات التي تتمثل في معالجة الديون والآثار المترتبة جراء انفصال جنوب السودان وسلامة العاملين الصينيين.
«5»
وانهى الجانبان بالقصر الرئاسي المباحثات التي تناولت طبقاً للبيان الختامي القضايا الثنائية المشتركة سياسياً واقتصادياً وثقافياً وسبل تعزيزها وتطويرها، والقضايا والمسائل ذات الاهتمام المشترك، حيث باهى الطرفان بالعلاقات الثنائية وعبرا عن الرضاء عن مسارها ومستواها، كما اكدا الدعم المتبادل للقضايا الجوهرية لكلا الطرفين واستمرار التنسيق الثنائي في القضايا الاقليمية والدولية والمسائل ذات الاهتمام المشترك، واكدا على التنسيق والتشاور والتعاون وتبادل الزيارات رفيعة المستوى بين المسؤولين في البلدين. واكد الجانبان عزمهما على استمرار اعمال الآليات المشتركة القائمة بما يدفع تطور التعاون العملي بين البلدين باستمرار، واسفرت المباحثات عن التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشترك.
«6»
وفي سياق متصل قال وزير الخارجية ابراهيم غندور إن العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية التي تربط بين السودان والصين تعد أنموذجاً للعلاقات في الإطار الاقليمي والدولي، مشيراً الى اتفاقية الشراكة الاستراتيجية التي تم التوقيع عليها بين الرئيسين السوداني والصيني في بكين عام 2015.م, واكد غندور وقوف السودان مع وحدة الأراضي الصينية، مبيناً أن الصين ظلت شريكاً وداعماً لقضايا السودان في المحافل الإقليمية والدولية.
وقال إنه تم الاتفاق بين البلدين على تكوين لجنة عليا برئاسة وزير المالية والتخطيط الاقتصادي لمناقشة تفاصيل العلاقات الاقتصادية بين البلدين، موضحاً أن الصين تعد الشريك الاول للسودان في مجال النفط، ومؤكدا مضي السودان قدماً في توسيع آفاق التعاون المشترك ليشمل الزراعة والطاقات الإنتاجية والمتجددة والتصنيع الزراعي.
وكشف غندور عن عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم تم التوقيع عليها في مجالات التعاون الاقتصادي والفني، وتنمية الموارد البشرية وإعفاء الديون والتدريب.
وأبان غندور أن النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء ونائب رئيس مجلس الدولة الصيني أزاحا في ختام مباحثاتهما الستار عن مجسم المسلخ المركزي الذي يقع في غرب امدرمان وتنفذه حكومة الصين بتكلفة (450) مليون يوان، موضحاً ان المسلخ سيعمل بطاقة انتاجية قدرها ألفا رأس من الماشية.
«7 »
وفي السياق نفسه قال نائب وزير الخارجية الصيني ان العلاقات بين بكين والخرطوم امتدت زهاء (60) عاماً، مشيداً بدعم السودان مبادرة بناء الحزام والطريق التي أعلنها الرئيس الصيني شي جين بنغ. وأكد وقوف بلاده الى جانب السودان في المحافل الاقليمية والدولية بما يعزز السلام والاستقرار في البلاد ويدفع آفاق التنمية الاقتصادية في السودان. وأشاد نائب وزير الخارجية الصيني بالتقدم الذي أحرزه السودان في مجال التنمية، مبيناً أنه لمس ذلك من خلال الزيارات الكثيرة التي قام بها للسودان على مدى سنوات، داعياً الى ضرورة تمتين أواصر التعاون الاقتصادي حتى تتحقق أهداف اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وكشف نائب وزير الخارجية الصيني عن تكريم طالب سوداني تفوق في المسابقة العالمية لتعلم اللغة الصينية.

هيثم عثمان
الانتباهة

Exit mobile version