الحاج يوسف الكباشي: أنا من سبيكة معجونة برمال الصحراء الذهبية في كردفان وخلاصة الطين الاسمر من النيل الطامي

السلام عليكم اخوتي الافاضل جميعا”..
انا صاحب الصورة الخضراء المنشورة عندكم مع تقرير بإسم ريم منصور . ومالفت انتباهي ان احدهم قد علق عليها بقوله : انها مفبركة وانني غير سوداني ! . وهو وجزاه الله خيرا” بعد ان سحب مني الهوية السودانية لم يتركني بلا هوية بل انعم علي بالهوية العراقية !! ..

وعليه يسرني ان اوضح اﻵتي/

#اولا’/الصورة صحيحة وانا الان بموقعها وسأبعث لكم اخريات من نفس الموقع حسب الشكل الذي تطلبونه في التعليقات..
#ثانيا”/انا سوداني اصيل وسليل قبائل سودانية معروفة سأضطر الى استعراضها للتوضيح.. فقد ورد في الاثر (تعرف العرب بقبائلها وتعرف العجم بقراها)..
فانا ياسادتى من والدي انحدر من قبيلة رفاعة من العركيين ابناء الشيخ ابراهيم الكباشي الذي يقع مسيده على بعد حوالى 30 كلم شمال الخرطوم بحري..
ووالدتي تنتمي الى بادية الكبابيش بشمال كردفان مولدا” ونسبا” من والدتها . اما والدها (جدي لوالدتي) فينحدر من قبيلة الشكرية وجدتها من الكواهلة..
اما والدي فجدته لابيه هي فاطمة بنت الشيخ احمد البكري بن الشيخ طه الابيض البطحاني وجدي الشيخ ابراهيم الكباشي العركي الرفاعي والدته هى ام الحسين بت عوض الكريم ود محمود . جعلية نفيعابية وهى خالة القائد عبدالرحمن النجومي..

فأنا ياسادتى عبارة عن سبيكة من انسان هذه الارض . سبيكة تتشكل من الرفاعيين والكبابيش والكواهلة والشكرية والبطاحين والجعليين حصرا” ..
هذه السبيكة معجونة برمال الصحراء الذهبية في كردفان وخلاصة الطين الاسمر من النيل الطامي..
ولدت ونشأت وترعرعت ولا زلت في بادية الكبابيش بشمال كردفان فانا كباشي الهوى والهوية والنشأة والعيش والنسب الخليط..
فالبادية عندي ياسادة جناة” تجري من تحتها الانهار في الخريف الرائع ورياح تعزف سيمفونيتها الحالمة على قمم الاشجار وفروع الشجيرات في الشتاء الجامح . وسراب يلوح في الافق البعيد على الصحارى الممتدة في الصيف الغائظ وهو يبدو كمرآة عملاقة تبدو من مسبار فضائي يجوب مجال المريخ..
حيث يذكرني هذا المنظر الساكن في الاعماق بقول الشاعر الجاهلي سويد بن ابي كاهل اليشكري يصف باديته في مفضليته المشهورة..

وفلاة واضح اقرابها
باليات مثل مرفت القزع
يسبح اﻵل على اعلامها
وعلى البيد اذا اليوم متع

كما تذكرني بقولي فى مسدار لي سابق :

ياام حدبا” ضهور سيدك حديثو معرب
بعقر القش على ضهر الوسارو مكرب
بكريكي انصقر كاشح مصاعو دررب
نسم من رشاش قرع نياقو وضرب
*****
رعدك من عصير تكه ودرفلو دهرب
دندح وانهتر لايم ضهور وجررب
صبحوا طرابة اسيادك تلوب الهرب
اولاد عطا واولاد سراج اولاد طريف ونورب
******
والفروع المذكورة اعلاه هم من بطون قبيلة الكبابيش التي تتكون من عدد سبعة وستين بطنا”..
وقد ورد في المنشور المعني بمجموعتكم العامرة هذه ان ام حدب اسم قرية ببادية شمال كردفان ! . والحقيقة هى ان (ام حدب) اسم يطلق على بادية الكبابيش بشمال كردفان ولعله مستوحى من اسم (ام هبج) بادية الشكرية بالبطانة..
وبادية الكبابيش تمتد من حدولاية الخرطوم شرقا” حتى حدود ولاية شمال دارفور غربا” وحتى كرب التوم قبالة الحدود الليبية فى اتجاه الشمال الغربي .او بالاحرى هو الغرب الشمالي.. وهي تعادل مساحة اربعة دول اوربية كبرى . وهى بريطانيا وفرنسا والمانيا وسويسرا مجتمعة ..حسب تقرير صحفي بريطاني منشور..

فانا مخلوق من رمال الصحراء ..ولعلني بهذا الزعم اضايق محبوبة الاستاذ القامة شاعر البادية واديبها الاستاذ/محمد حنفي حاج الطيب عندما زعم في احد رواياته غير المنشورة ان محبوبته ليست من طين وانما هى مخلوقة من رمال الصحراء . ثم استدرك قائلا” طينها شوية شديد ! ^_^
فانا ياسادتي مزيج من الغابة والصحراء معجون بطيبة اهل هذه البادية بمختلف قبائلهم واعراقهم .. سهولهم وجبالهم..

وكثيرا” ما تغنيت لها في مساديري وآخر العنقود الادبي الذي صورته كاميرا الحرف اليكم منه بعض رباعيات/

يادار الكبابيش الضعونك جمعن
سحابك خيط القبلة وبروقك لمعن
نيلك بش من حينتو وتعولك دمعن
عليك بجدع الدوباي وطمعان طمعا”
*****
بيوتك نازلة من خوف الغرق في حدوبك
نباتك سمحو النقناق وقارنة تبوبك
ياالنفسك دوا المعلول وعافية هبوبك
كيرك قلج البول وانبهل لشبوبك
*****
كيرك طارد البكر الملبك ريشو
سياك قلع الدمريب ولمة عويشو
عقيدك علق القرنوف وخاطب جيشو
صايلك ديمة منزوع خير ومقطوع عيشو
*****

ودار الكبابيش اسم رسمي يطلق على محافظة سودرى الكبرى بمختلف قبائلها منذ عهد الاستعمار البريطاني وليس حكرا” على قبيلة واحدة كما يبدو..

فهذه الفلوات الغناء هى مسقط رأسي ومرتع صباي الاول وملاعب طفولتي وقد قلت في وصفها في قصيدة لي كتبتها مطلع التسعينيات من القرن المنصرم بعد ان التقيت مصادفة” ببعض لعيبات طفولتي الباكرة التي انتقلت الى العيش في درة دول الخليج ثم لم نلتقى بعدها قط الا في تلك اللحظة في العاصمة السودانية وقد تحولت تلك الطفلة الضحوك في زمانها الى عوالم اخرى وابعاد اخرى ووعي آخر وقد صارت من الكواعب الاتراب بكامل وصفها القرآني فقلت :

ايام كنا نمنح الليل المقفئ سره
والفجر منا في سرور غافي
ايامنا مثل العنادل بين اتراب ثنى والكون شعر والحياة قوافي
حلم جميل مر منا راحلا” مر السحاب بلا انسكاب كافي
وبعثت في الحزن وهو مغيب
ونكأت مني الجرح بعد تعافي
*****

والقصيدة طويلة بيد انني لا احفظها فقد كتبت في خواتيم قرن قد انطوى وانطوت معه ذكرياته العذاب في ذلك الزمن الجميل . وهو القرن العشرين..

كما اتمثل دائما” ابيات الشاعر التونسي الصوفي المرهف ابوالقاسم الشابي عندما اتذكر طفولتي الباكرة تلك او امر بمراتعها التى بين ايديكم هذه :

..كَمْ من عُهودٍ عذبةٍ في عَدْوة الوادي النضير
فِضِّيّـةِ الأسحار مُذْهَبَةِ الأصائل والبكورْ
كانت أرقّ من الزهور, ومن أغاريد الطيور
وألذّ من سحر الصِّبا في بَسمة الطفل الغرير
قضيّتُها ومعي الحبيبةُ لا رقيب ولا نذيرْ
إلاّ الطفولة حولنا تلهو مع الحُبِّ الصغيرْ
أيـام كانت للحياة حلاوة الروض المطيرْ
وطهارةُ الموج الجميل, وسِحر شاطئه المنير
ووداعة العصفور, بين جداول الماء النميرْ
أيامَ لم نَعرف من الدُّنيا سوى مَرَحِ السُّرور
وتَتَبُّعِ النَّحْل الأنيق وقَطْفِ تيجان الزهورْ
وتسلُّقِ الجبلِ المكلّل بالصّنَوْبَر والصخورْ
وبناءِ أكواخِ الطفولة تحت أعشاش الطيورْ
مسقوفةً بالورد, والأعشاب والورق النضير
نبني, فتهدمها الرياحُ, فلا نضجُّ ولا نثورْ
ونعودُ نضحكُ للمروج, وللزنابقِ, والغديرْ
ونخاطبُ الأصداءَ, وهي تَرِفُّ في الوادي المنير
ونعيد أغنية السواقي, وهي تلغو بالخريرْ
ونَظَلُّ نركض خلف أسراب الفراش المستطير
ونمرُّ ما بين المروج الخضر , في سكر الشعور
نشدو, ونرقصُ – كالبلابلِ – للحياة , وللحبور
ونظل ننثرُ للفضاء الرّحْبِ, والنهرِ الكبيرْ
ما في فؤادَيْنا من الأحلام, أو حُلْوِ الغرورْ
ونَشِيدُ في الأُفق المخضّب من أمانينا قصور
أزهـى من الشفَقِ الجميل, وروْنق المرج الخضير
وأجلَّ من هذا الوجودِ, وكلِّ أمجادِ الدهورْ
*****

والقصيدة طويلة الا انها بإستثناء السواقى فهى عبارة عن رسم دقيق ومدهش لطفولتي الباكرة رغم اشتطاط عالمينا بين مشرق العالمى العربي الذى انتمي له انا ومغربه الذي ينتمي اليه الشابي..

وتقبلوا فائق احترامي وتقديري..

اخوكم/ الحاج يوسف الكباشي الرفاعي..
شاعر وكاتب ومفكر حر اسفيري..

Exit mobile version