ظلت هناك متاريس وعقبات عديدة تعترض الاستثمار في البلاد، الأمر الذي قاد بدوره إلى نفور المستثمرين من البلاد، وخصوصا الأجانب، وفي سياق متصل بالمسألة كشفت وزارة الشؤون الاستراتيجية والمعلومات بولاية الخرطوم عن وجود (55) نوعا من الرسوم المفروضة على المستثمرين، وقال الوزير محمد حسين أبو صالح إن هذه الرسوم معيقة ومعقدة، ومن شأنها (تطفيش) المستثمرين.
ويمكن أن يكون للاستثمارات الأجنبية المباشرة في البلاد دور في التنمية، ولكن في ظل هذا الواقع، ومجموعة الضوابط والمحددات المفروضة على هذا القطاع سيكون الأمر في غاية الصعوبة، وكان من الممكن الاستفادة من فرص الاستثمار الأجنبي بالبلاد إلى جانب تشجيعه والاستفادة منه، للحد من نسبة الفقر التي توضح أن السودان وفق لتصنيفات التنمية المنشورة في تقارير البنك الدولي والأمم المتحدة أنه من أفقر شعوب العالم، على الرغم من الموارد الاقتصادية التي يمكن توظيفها لتغيير هذا الوضع السلبي.
وهناك ميزات ممنوحة بموجب القانون بإعفاء كلي أو جزئي من الضرائب أو الرسوم التي تفرض بقانون ولائي أو محلي، ما عدا رسوم الخدمات لفترة لا تتجاوز خمس سنوات على أن تجدد لمدة أخرى لا تتجاوز خمس سنوات بموافقة مجلس الوزراء، بجانب الإعفاء من أي ضرائب أو رسوم ولائية أو محلية أخرى تفرض لاحقاً على المشروع خلال فترة الإعفاء المنصوص عليها.
غير أن القانون في السودان لا توجد به مشكلة، وفق ما هو مكتوب ومعلن ومجاز، والمستثمرون لديهم نسخة من هذا القانون بحسب عبد العظيم المهل، الخبير الاقتصادي الذي يرى أن المشكلة الحقيقية ليست في القوانين بل في الرسوم والجبايات التي تطرأ خارج نطاق القانون، ومثل هذه الأشياء كثيرة في السودان بحسب ما ذكر.
وأشار المهل في حديثه لـ(اليوم التالي) إلى أن القانون يعفى فيه المستثمر من الضرائب لمدة خمس سنوات، وعندما يأتي لتنفيذ استثماراته يفاجأ برسوم أكبر من رسوم الضرائب وهذا غير محسوب ضمن دراسة جدواه، إضافة لذلك يعتبر المستثمر هذه خسارة له خصوصاً وأنها لا تغطي حاجته، موضحاً أن هذه ليست عقبة أمام المستثمرين فقط بل أمام الصناعة نفسها التي تفرض عليها رسوم جبايات، وقال المهل إن هذه الرسوم بعضها شرعي وآخر غير شرعي. وطالب المهل بوضع تسهيلات للمستثمرين والالتزام بالقانون الذي تم وضعه، وأضاف قائلا: “إذا كانت هناك تعديلات فلابد أن تجمل في القانون ويعلم بها المستثمر” وقال: دائما ما تفشل الاستثمارات نسبة لرسوم الجبايات غير الشرعية في بعض الأحيان وغير المنطقية في أحيان أخرى، وأضاف أن كثيرا من دول الجوار استفادت من زيادة السودان لهذه الرسوم واستقطبت بعض هذه الدول المستثمرين.
وفي سياق متصل بمسألة الاستثمار أشار يوسف خميس أبو رفاس الخبير الاقتصادي، إلى وجود شكوى من المستثمرين، موضحا أنهم لم يستفيدوا من امتيازات كثيرة قد لا يجدها حتى المستثمر الأجنبي، مضيفاً أن هناك أيضاً تعارضا بين هذا القول وما قاله البروفيسور محمد حسين أبو صالح وزير الاستراتيجية عن فرض رسوم كثيرة على المستثمرين، موضحاً أن المشكلة ليس في الرسوم فقط بل في عدم تطبيق القانون، بجانب البنية التحتية والتكاليف الإضافية التي لا يضعها المستثمر في حساباته، وبذلك فإنها تؤثر على الاستثمارات بالإضافة لإيرادات الحكومة من الرسوم المفروضة على السلع في كل مرحلة وكل منطقة. وأضاف: بالرغم من أن المحليات والولايات تبحث عن إيرادات لذلك دائما ما نجدها تتمسك بمثل هذه الأشياء، وناشد أبو رفاس رئاسة الجمهورية أن تلغي هذه الرسوم، موضحا أن هذه سياسات موضوعة ما بين جذب الاستثمارات وبين الأوضاع الواعدة التي تعيشها الولايات والمحليات لكسب الإيرادات، كما تعتمد عليها لتغطية متطلباتها لعدم وجود مصادر أخرى للكسب، واعتبر أبو رفاس هذه التعقيدات دائما ما تضر بالاقتصاد، ووصفها بأنها طاردة للاستثمارات التي يتأثر بها الاقتصاد سلباً.
الخرطوم ـ طيبة سر الله
الصيحة