وصفة متكاملة لزيادة الدخل وخفض المصروفات لمن أراد البقاء
حزمة إجراءات حكومية بإمكانها تأمين طريق العائدين
أفريقيا وجهة جديدة للاغتراب
تضمنت رؤية المملكة العربية السعودية للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي (2030) المعلن عنها في 24 أبريل 2016م، إجراءات هادفة إلى سعودة سوق العمل وتعويض الفاقد من هبوط أسعار البترول بزيادة الدخل الضريبي، ما أثّر على الجاليات المقيمة المقدر عددها بأكثر من 12 مليون (حسب الهيئة العامة للإحصاء السعودية).
وقد قدّر جهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج عدد الذين أنهَو إقاماتهم في المملكة بنحو 50 ألفًا حتى يوليو 2017م، معظمهم من الأسر المتأثرة برسوم المرافقين والمخالفين لأنظمة الإقامة السعودية. وهذا العدد ضئيل مقارنة بحجم الجالية السودانية في المملكة(حسب جهاز المغتربين يوجد مليوني سوداني في المنطقة الغربية وحدها، وقد سعى المحرر لمعرفة العدد الكلي لكن هيئة الإحصاء السعودية أفادت بعدم وجود تصنيف بحسب الجنسيات)، ما يعني أن غالب القوى العاملة السودانية في المملكة ما زالت باقية.
ولمعرفة مصيرها، في ظل ما ستواجهه من أعباء اقتصادية إضافية في العام المقبل (زيادة رسوم المرافقين بنسبة 100% وبدء تحصيل ضريبة العامل الأجنبي) .. استطلعنا آراء عينة محدودة من مختلف المناطق والمهن والأعمار، وذلك في ثلاثة محاور : خيارات وإجراءات البقاء داخل السعودية، خيارات العودة، خيارات الطريق الثالث. وفيما يلي تلخيص لآرائهم.
تدابير البقاء
قطعت غالبية المستطَلعين بضآلة فرص التطوير المهني وإمكانية زيادة الدخل. ورغم عن ذلك دعا هارون محمد علي، مندوب مبيعات بالمنطقة الغربية، للمحاولة في هذا الاتجاه. وفي السياق اقترح الدكتور الصادق إدريس، مستشار اقتصادي تخصص تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة مقيم بالرياض، على المغتربين السودانيين استثمار خبراتهم ومهاراتهم في إنشاء مشاريع صغيرة ومتناهية الصغر، من منازلهم: “حاليا لاتوجد فرص عمل جديدة، فالأفضل الاستفادة من الخبرات والمهارات في مشاريع الأسر المنتجة، والتي سوف تكون مطلبًا للأسر المستهلكة؛ لانخفاض أسعار منتجاتها وجودتها”.
وعلى صعيد المصروفات، ترادفت الاقتراحات على ضرورة تقليلها إلى الحد الأدنى، كالتالي: استخراج قيمة الرسوم (السنوية للمرافقين) شهريًا من الراتب، تحويل الأبناء لمدارس حكومية، تخفيض نفقات المصاريف الدراسية بالاستفادة من الخدمات العامة، الانتقال لسكن أقل تكلفة، الاشتراك في الرعاية الصحية بالحد الأدنى، شراء المواد الغذائية الضرورية من أسواق الجملة، الاستفادة من العروض وشراء كمية تكفي لأسبوع فقط لاحتمال وجود عروض أفضل في الأسبوع التالي، الاعتماد على الوجبات السودانية، إيقاف شراء الكماليات، عدم الدخول في عمليات شراء بالتقسيط، ترشيد الكهرباء والهاتف والانترنت.
تأمين طريق العودة
راجعين “علي الله”، يقول هارون. وغير بعيد منه ترى الدكتورة سلمى كرم الدين، طبيبة أسنان، بأن إنهاء الخدمات والعودة فورًا هي الخطوة الأولى، ما يعني مواجهة المصير كيفما كان. ولتسهيل العودة والاندماج نوّه موسى عبدالله، محاسب بالمنطقة الشرقية، بضرورة “تهيئة الأسرة نفسًيا للعودة للديار وتجهيز المسكن وطرق تعليم الأولاد بالوطن”. و “البدء فوًرا في تنفيذ مشروع صغير بصورة شخصية أو في شكل مجموعات يؤمّن مصاريف الأسرة حين عودتها والاستفادة من فرص التمويل المتاحة”، يضيف الدكتور الصادق إدريس.
وأشار المستطلَعين إلى إجراءات حكومية – سودانية – من شأنها تأمين عودتهم، منها : تخفيض الرسوم الجامعية لأبناء العائدين، إعفاء جمركي للعائدين واستثنائهم من شرط سنة الموديل، خصوصًا في السيارات ووسائل الإنتاج، تسهيل الحصول على تمويل المشروعات وتنظيم معارض لتسويق المنتجات، تسهيلات في تسجيل الأعمال، تشديد الرقابة على أسعار السلع المحلية والمستوردة، تشجيع مشاريع العودة وتحفيز المغتربين لتحويل مدخراتهم حتى لا يضطروا لحفظها بالخارج في ظل ارتفاع سعر العملة الأجنبية المضطرد. لكن بدوي، مندوب مبيعات بالمدينة المنورة، لا يرى جدوى من الاقتراحات، فاكتفى بتعليق :”في السودان ما شغالين بالمغتربين”.
وجهات اغتراب جديدة
تنازعت إفادات المستطلَعين حول خياري العودة نهائيًا والبحث عن وجهات اغتراب جديدة، فقال فريق “كفاية غربة وشقى”.. “السودان .. السودان”، ورأى آخرون أن بقية دول الخليج وأوروبا وأمريكا وجهات مناسبة لبداية جديدة، وبين الرأيين يتوسط عبدالله موسى : “الشباب من حقهم التوجه إلى جهات أخرى سواءً عربية أو أوروبية لرفعة مستواهم المعيشي، أما كبار السن فيكفي غربة والعودة للوطن مطلب أساسي”. وفي توجه مختلف دعا الدكتور الصادق إدريس إلى خوض الغمار في إفريقيا، مفضلاً الدخول من بوابة الاستثمار، ومطالبا الدولة إسناد هذا التوجه عبر “فتح قنوات لتصدير منتجاتنا للدول المجاورة خاصة تشاد”.
خارج السياق وفي الصميم
أفسحت المجال للمستطلعين أن يقولوا ما لم تستوعبه الأسئلة، فبعث موسى عبدالله بهذه الرسالة إلى الأمة الإسلامية عامة : “أقترح أن تتوحد الشعوب العربية والإسلامية وتوزع الزكاة من الدول الغنية على الدول الفقيرة بمنهجية علمية تجعل كل الدول الإسلامية ماشة في تقدم اقتصادي للأمام، وبعد حين تصبح كل الدول الإسلامية غير محتاجة لصدقات أو منح من الدول ذات الاقتصاد القوي، التي تفرض شروطها مع كل قرض، بل تجعل الدول الفقيرة ترزح في الفقر الأرباح الربوية التي تفرضها مع كل قرض. فأتمنى أن تكّون لجنة لتوزيع الزكاة من كل الدول الإسلامية”.
بقلم
زرياب الصديق
– صحيفة التيار – السبت 19 أغسطس 2017م