عودة لفاطمة و (الصفيق) وماجري ..!

* الكتابات غير الضبابية التي استحسنت طرد ثلاثي الحكومة في يوم تشييع فاطمة أحمد إبراهيم كانت صائبة وواعية؛ بعكس ذوي العواطف الخربة ومن لا يزنون الأمور برجاحة العقل الذي يميز مَن الطارِد ومَن المطرود ولماذا؟! فالطارد ليس حزباً بل (شعب) والمطرودين ليسوا خصوماً عاديين أو بينهم وبين الشعب مجرد خلاف؛ بل أعداء حقاً لا يبزهم في العدوان باز؛ وبينهم وبين شعب السودان ثأرات لن تنتهي إلّا بالقصاص.. والدليل على أن الطارِد ليس حزباً هو مدى التأييد الشعبي في الداخل والخارج (للفعل) والهتاف الطبيعي (المؤدب) الذي صفع وجوه الثلاثي في اليوم المشهود..! لكن البعض اعتبر (حرمة المقابر) لا يليق معها ذلك الهتاف الذي أصدره غاضبون استفزهم حضور الوفد الحكومي (عديم الحياء) للعزاء في طيبة الذكر؛ بقيادة (نائب البشير) بكري حسن صالح.. والبعض استنكر طرد المذكور وصحبه باعتباره تصرف لا أخلاقي..! وفي يقيني أن المناسبة المهيبة لو تفاجأ جمهورها بوفدٍ من كنيست إسرائيل لما أثار الأمر غضباً أكثر مما يثيره حضور جماعة عمر البشير على وجه التحديد.. ولا مبالغة في المثال السالف.. فالمبررات المتوفرة والأخرى التي ساقها كتاب سبقوني بالتعبير عن سخافة وخساسة وغتاتة (مشهد المتسلطين) في عزاء فاطمة؛ تنفي أيّة مبالغة في المقارنة..!

* نعم.. هتاف (يا فاطمة دغرية.. ديل الحرامية) كان هتافاً مؤدباً نظراً للموجَّه إليهم؛ ومُعبِّراً بعمق في حضرة الثلاثي بكري حسن صالح وعبدالرحيم محمد حسين وأحمد هارون؛ باعتبارهم يمثلون الكتلة الصماء للنظام المكروه المنبوذ برمته.. فلو زاد الهتاف بأيّ فعلٍ أخشنٍ لما وجدنا للاستنكار واللوم سبيلاً ضد من عبّروا بأصواتهم (كأضعف الإيمان) أمام الطغاة؛ نيابة عن شعب كامل (إلّا قلة) وأعني بالقلة المدلسين؛ الانتهازيين؛ المغيبين..!

* الذين عابوا مجرد هتاف مُستحق في وجه أعداء الشعب بحجة حُرمة المقابر لا يلقون بالاً لحُرمات بلا عدد لم يشهدها السودان بإفراط كما شهدها في عهد البشير.. الكذاب الذي أهان فاطمة بفعلته الخسيسة عندما كرّم (عدوّها) أبو القاسم في يوم جنازتها؛ وأرسل زبانيته للتعبير عن مواساتهم على فقدها الجلل..! كيف يستقيم هذا؟! ألم أقل مراراً إنهم يقتلون القتيل ويشيعونه بالتهليل؟! إن إهانة الفقيدة وتمجيدها بالنعي الكذوب؛ ازدواجية تليق بذاكرة البشير التي استمدت حقدها وصفاقتها من ألد أعداء
الدين والشعب والإنسانية (إخوان مسيلمة)..!

خروج:
* بعد كل الجحيم الذي صنعته حكومة (الصفيق) لشعب السودان؛ هل من أحد يستنكر على الضحايا الأحياء إذا قابلوا الإرهاب بالإرهاب والعنف بالعنف والكلمة بالكلمة والعين بالعين وقلة الأدب بقلة الأدب المضادة؟ أليس هذا هو العدل إذا أردنا التعامل بواقعية (مع الأعداء النوعيين) وبعيداً عن العواطف الوقحة (باسم الأخلاق)؟.. فحينما يكون الحاكم وأذياله بلا أخلاق وبلا دين فإن الدعوة إلى السِلمية أو تحكيم صوت العقل أو الاحترام أو التأدُّب؛ تصبح تكريماً لنظامه..!

* حينما نكون أمام الجلاد يصبح الغضب فضيلة.. والذين تم في عهدهم تأصيل العنف لدرجة تلبيسه بفراء الجهاد؛ يريدون أن نقابل (مزابلهم) بالورود كما يبدو..!

* أخيراً: هل يعون الدرس بعد المقابلة المستحقة والذلة الواجبة؟! أعني ممثلي البشير (المطرودين) من عزاء فاطمة؟! ليتهم وقر في قلوبهم السوداء بأن الطغيان لا هيبة له؛ وسيسقط عاجلاً أو آجلاً تحت مداسات الغضب..!
أعوذ باﻟﻠﻪ

أصوات شاهقة – عثمان شبونة
صحيفة الجريدة

Exit mobile version