من مآسي مغتربي السعودية: قصة فتاة والدتها تحذرها من أهل والدها لكن صدفة تغير حياتها

(خالتو ناهد ..لو ممكن تسمحي لي اناديك كدا ..قررت اكتب ليك عشان ماما طوالي بتقرا كلامك ..وتقول لي بابا ..شوف دكتورة ناهد كاتبة شنو ..يلا نحن اتولدنا في السعودية ..بابا اغترب من زمان ..وما كنا بنجي كتير السودان ..ولما نجي بنقضي الاجازة في الخرطوم مع اهل ماما ..ماما بتقول اهل بابا ما بحبوها وهم طوالي بعملوا مشاكل معاها ..المهم لما جيت الجامعة ..جات معاي ماما وسجلتني في داخلية ..وكنت بمشي لي خالتي كل نهاية اسبوع ..ومرة بمشي لي خالي ..المهم في الجامعة كان في رحلة لي واحدة من الولايات ..اشتركت فيها ..وكان أول مرة اسافر لي مكان غير الخرطوم ..ونحن راجعين للخرطوم ..البص اتعطل …قريب من واحدة من القرى ..ويلا طوالي ناس القرية ..فتحوا بيوتهم وفرشوا لينا وعملوا اكل ..المهم ونحن بنتونس مع اصحاب البيت ..قلت ليهم انو اسم القرية دي منها اهل بابا ..لانو بابا كل ما نجي اجازة بقول اسمها ..تخيلي يا خالتو لما قلت اسم بابا ..طلعت صاحبة البيت هي عمتي؟؟ ..واكتشفت انها انسانة حنونة جدا ..وبقت تبكي وتقول (انت بت الغالي اخونا ..) ..كانت دراما ..هي اصرت تنادي كل اهلي ..وكلهم مستغربين من الصدفة الغريبة دي ..يلا لما رجعت الخرطوم ..بقت عمتي تتصل علي ..وتسأل من احوالي ..وكل مرة ترسل لي حاجات للداخلية ..انا في حيرة ..ليه ماما بتقول انهم ناس ما كويسين؟؟؟ ..وهم ناس طيبين للدرجة دي؟؟ وكمان انا قربت اسافر الاجازة ..خايفة ماما تعرف اني مشيت ليهم تقوم تزعل مني ..ما عارفة اتصرف كيف ..ممكن تنصحيني أعمل شنو؟؟) ..

احاول دائما مناقشة الرسائل التي تأتيني في الخاص مع أصحابها ..ذلك انني لست بمتخصصة ..وعادة ما ادلي بدلوي من وحي افكاري الخاصة التي لم تعزز بعلم او دراسة في الاجتماع ..الا هذه الصغيرة التي (قطعت قلبي) ..فرأيت مناقشة قصتها مع اغفال الاسماء ..وتغيير بعض الاحداث ..ظاهرة مقاطعة الاهل ..انتشرت في الاونة الاخيرة بصورة غريبة ..لم اجد لها تفسيرا ..هذه الصغيرة التي ترتعد خوفا من والدتها ان عرفت بنبأ اكتشافها اهل والدها ..اليست هذه صورة مقلوبة ؟؟ لن اتحدث عن الام ..(تلك قصة أخرى) ولكني استغرب في الوالد الذي يقف متفرجا على ابنائه يكبرون دون ان يعرفوا أهله ..ولا حتي تحدثه نفسه بأخذهم معه في اجازاته الى بلدته بعد يأسه من زوجته ..!! ما هي الفكرة ؟؟ وما الذي ينتظره من ابناء قاموا هكذا ..الا العقوق ..فالمثل يقول كما تدين ..تدان ..

قلت لها (يا صغيرتي ..واصلي علاقتك بي عماتك وعمك ..واول ما تمشي اقعدي مع بابا ..وأساليهو مباشرة ليه ما بياخدكم معاهو لما ينزل اجازة البلد؟؟ وقولي ليهو يا بابا ..نحن عايزين نعرف ناس عمي وعماتي ..لانو ربنا بيسألنا منهم دي صلة رحم …بالنسبة لأمك ما بقدر اقرر ليه هي عملت كدا …لكن مهما كان حجم المشاكل مع اهل زوجها ..لا يحق لها منع اولادها من اهلهم ..عشان كدا لو حاولت تمنعك من زيارة عمتك ..اتكلمي معاها بهدوء انو زي ما بتزوري خالتك ..انت المفترض تسألي عن عمتك برضو ..لانو الاتنين مكانتهم واحدة ) …

كان المفترض ان تكون هذه استراحة الجمعة ..لكن رسالة الصغيرة المتني جدا ..وجعلتني اتساءل ..ماذا جرى لمجتمعنا السوداني المتسامح؟؟ لماذا تقطعت الأواصر الى هذه الدرجة حتى صارت ظواهر مثل هذه متكررة ..تسمع كل يوم قصة شكل؟؟ .. عزيزتي الام ..الرجل الذي تزوجته …هو فرع في شجرة كبيرة ..لو حاولت قطعه ..سيذبل بعيدا عن بيئته واهله ..وفي المقابل ..اخي العزيز لو وجدت جفوة بين اهلك وزوجتك ..ولم تستطع الاصلاح ..اولادك لا دخل لهم بذلك مهمتك انت و(ليس غيرك) ربطهم بأهلك واهلهم ..نسأل الله الهداية للجميع .

بقلم
د. ناهد قرناص