مصر تدرب الميليشيات في ليبيا وجنوب السودان، وتمدهم بكافة الأسلحة الفتّاكة لمقاتلة الجيش السوداني

مع كل أزمة بين السودان ومصر، ومع كل كشف جديد لتورط مصر في دعم المرتزقة الإرهابيين في كل من ليبيا وجنوب السودان، وتسليحهم وتدريبهم لمهاجمة السودان، ومع كل ضبط أسلحة مصرية جديدة مع ميليشيات دارفور تتجه مصر لحلايب وتصعّد هناك، وهي في كل مرة تأكد بتلك التصرفات سودانية المثلث، وهي تحاول أن تصرف الأنظار عن العتاد المصري الكبير الذي ضبط مؤخراً ومحاولة فكّ قبضة السودان علي الحدود السودانية مع كل من “مصر وليبيا”.

– فمصر حالياً تحاول أن تمّصر المثلث بكل ما تملك من قوة، في ظل رفض كامل من الأهلي هناك وتمسكهم بسودانية المنطقة، وإرتفاع الوتيرة السودانية للمطالبة بالمثلث “سلمياً”، وإخراج الجيش المصري منه، فمصر تعرف تماماً أنها لا تملك ولا وثيقة واحدة تؤكد ملكيتها للمثلث لذلك تحاول أن تبسط سيطرتها بالقوة العسكرية علي المثلث ولكن هيهات.

– علي الحكومة أن تتجه الآن إلي مراحل أقوي من النعومية الدبلوماسية التي لم تأت أكلها خلال العقدين الماضيين بعد أن إحتلت مصر المثلث ودخل جيشها للمرة الأولي المثلث بعد أن تم سحب قواتنا المسلحة هناك وإرسالها للجنوب، وتلقينا طعنة الغدر والخيانة في العام ۱۹۹٥م، بعد أن دخل الجيش المصري للمثلث، ومنذ ذلك الوقت والحكومة تتخذ وضعية المصالحة والعبارات الدبلوماسية عن العلاقات الأزلية والوشائج وغيرها من “طقّ الحنك”، فمصر لم تراعِ أي من تلك العلاقات وهي تغدر بالسودان في المثلث، ولم تراعِ لتلك العلاقات “الأزلية” وهي تدعم التمرد طوال تاريخ التمرد في السودان، وطالما إتجهت مصر للتصعيد علي الخرطوم أن تتوجه وبقوة للتصعيد فهو طريق لا رجعّة منه حتي يرجع المثلث بالكامل إلي سيادة وحضن البلاد.

– وأن يبدأ ذلك التصعيد بسياسة فرض الأمر الواقع وهو زيادة عدد القوات المسلحة داخل المثلث، وزيادة عِدها وعتادها، ولن تستطيع مصر أن تفعل شيئاً خلال هذا، ففي العام ۲۰۱٤م، عندما تم زيادة عدد القوات المسلحة في المثلث وزيادة عتادها لم تستطيع مصر فعل شئ سوي إرسال مبعوث دبلوماسي رفيع المستوى إلى الخرطوم، مستفسراً عن زيادة الجيش السوداني لعدد قواته في المثلث، ولكن الأمر مضي وحالياً قواتنا تمت زيادتها عِدة وعتاد ونقاط جديدة، وهو الأمر الذي لابد منه الآن، فمنذ العام ۲۰۱٤م، لم يتم زيادة لعدد القوات هناك، وزيادتها في هذه المرحلة ضرورة ملحِة.

– فمصر التي تنكّرت لكامل تاريخ تضحياتنا معها، والتي لولا السودان لما كان هناك جيش مصري يحتل الأرض هناك، بعد أن تم إنقاذ ما تبقي من الجيش المصري إبان الحرب مع إسرائيل، وفتحت القواعد الجوية والكلية الحربية للقوات المصرية، وهذه الخطوة كانت السبب في الحفاظ علي ما تبقي من طائرات وقوات مصرية، وهي السبب الرئيس في أن إستطاعت القوات المصرية ومعها قواتنا المسلحة وبقية القوات العربية عبور خطّ بارليف في العام ۱۹٧۳م، ولم تراعِ مصر كذلك لتاريخ السودان الناصع في مساندة مصر في مواقف وأحداث كثيرة ليس أقلها السدّ العالي الذي تعيش منه مصر الآن وتتنعم في الكهرباء، ولكن كان المقابل هو دعم الميليشيات الإرهابية منذ “الحركة الشعبية” قديماً إلي مرتزقة دارفور الآن، والجميع يتذكر الملحة البطولية لقواتنا المسلحة قبل عِدة أشهر وإستلام أسلحة وعتاد كبير مصري من التمرد.

– فمصر تدرب الميليشيات في ليبيا وجنوب السودان، وتمدهم بكافة الأسلحة الفتّاكة لمقاتلة الجيش السوداني الذي كان أحد ركائز إنتصارات أكتوبر، وفي هذه الحالة وهذا العداء المصري يجب أن تنتفي جميع تلك الدبلوماسيات الناعمة والحديث الممجوج عن العلاقات والوشائج “وهنا لا نقصد العلاقات بين الشعوب”، وأن تكون سياسة التصعيد التي بدأتها مصر أن تتصاعد من قبل الحكومة السودانية أيضاً، والخطوة الأولي الإعلان فوراً عن زيادة عدد قواتنا في حلايب هناك، فهي طريقة مجربة من قبل.

– أما الأحاديث عن “عنتريات” فضائيات الصدور العارية والشتائم والبذاءات التي تطلع من المستنقعات الآسنة من إعلاميي العار في تلك القنوات فهي لن تكون أكثر من مجرد مستوي إنحطاط جديد يتبارون فيه، وهو موقعهم الطبيعي، فهكذا عنتريات كانت إبان بدء الغارات المصرية علي ليبيا، وطالب بعض الواهميين أن تستمر تلك الغارات لتصل إلي السودان، وأعلنت الحكومة المصرية في ظل ذلك “النفخ” الإعلامي عن زيادة عدد قواتها في جبل #العوينات علي الحدود مع السودان وليبيا، فقد صور لها إعلامها “كالهرٍ الذي يحكي إنتفاخاً صولة الأسد”، ولكن بمجرد تعزيز عدد قواتنا هناك إنسحبت القوات المصرية من الحدود المتاخمة مع السودان، ورجع لها رشدها أن تلك الصحاري قاسية علي المجنزر المصري، وحالياً لقواتنا هناك القدر المعلي من حيث عدد القوات والعتاد، وإنتهت تلك “النفشة” وتم “تنفيس” بالون الهواء الكذوب ذلك، وأحكمت القبضة علي حدودنا المتاخمة للحدود “المصرية – الليبية” بقوة أشد.

– للحكومة السودانية آلاف الوثائق والأدلة علي ملكيتها للمثلث، وليس للحكومة المصرية سوي “إعلامها” والحديث الكذوب عن أنها كانت تحكم السودان في يوماً من الأيام، مصر التي لم تحكم نفسها طوالي تاريخها، وأول رئيس لها كان من أصول سودانية، يصور لها إعلامها الفاجر أنها كانت تطأ أرض السودان حاكمة، وليست خيول للمستعمر الذي إحتل مصر هوناً، ولم يحتل السودان إلا بعد معارك طاحنة، وعلي الخرطوم أن تعزف وتر التصعيد الآن، وأن يبدأ بنغمة المجنزات وهي تدخل المثلث، فهي اللغة الوحيدة التي ترجع الحكومة المصرية لرشدها، وما خلقت الجيوش إلا لتقاتل وتحارب، أما لغة التهدئة و”الطبطبة” فلن تجدي نفعاً مع حكومة لم تعتاد سوي الغدر للسودان – وإن إختلفت الوجوه -، ولابد أن يكون إرجاع المثلث إلي حضن الوطن مهما كلف الثمن ضرورة المرحلة وهدفها السامي.

– إن التصعيد والإنتهاكات التي تتم من قبل مصر في المثلث، والتصرفات المصرية ودعمها للميليشيات الإرهابية أزم الوضع، وسيضعف العلاقات بين الشعوب أكثر، وإن لم ترجع الحكومة المصرية عن “عنترياتها” الهوجاء فإنها تجر العلاقات إلي منزلق خطير خاصة إذا وصل الجرح بين الشعوب، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقبل الشعب السوداني إحتلال جزء من أرضه، والتحكيم الدولي هو الطريق الأسلم حتي اللحظة، وإلا لابد من فرض سياسة الأمر الواقع في المثلث و”الحشاش يملا شبكتو”.

بقلم
أسد البراري

Exit mobile version