على الرغم من الإشادة التي يحظى بها المواطن السوداني في دول المهجر، السعودية أو الإمارات أو قطر أو البحرين أو أي دولة أخرى، ولكن داخل الوطن تجده عديم الهمة، ولا يعمل إلا بجهد قليل جداً، خاصة في دواوين الحكومة، فإذا كانت لديك معاملة في أي وزارة من الوزارات تجد الموظفين يتسكعون إذا سألت عن أحدهم يقولون لك مشى قريب، وقريب هذه تمتد لعدة ساعات، وإذا عاد يكون اليوم قد انقضى، وصاحب الحاجة غادر إلى منزله، ففي كل الأماكن التي يريد المواطن قضاء شيء يصاب بالملل والإحباط من هذا العامل أو الموظف، نحن أمة لا نحترم عملنا، وإذا تخرَّج واحد في الجامعة تجده يبحث عن الواسطة في أي مكان، وإذا تم توظيفه بعد فترة قليلة تجده أصيب بمرض الآخرين في التسكع وعدم الانضباط في الزمن، وإذا سألته يتحجج بالمواصلات أو جيرانهم عندهم بكاء أو فلان مريض مشيت أزوره، والعمل الذي حفيت أقدامك عشان تجده ألم يكن عليك حق، ألم تكن لديك مسؤولية تجاه الله أولاً وتجاه الوظيفة التي انتزعت لك من فك الأسد ثانياً. إن انعدام الضمير السوداني هو سبب تأخرنا، وإذا لم تكن للمواطن السوداني همة فلن نتقدم أبداً، لماذا إذا انقطعت الكهرباء لا يتحرَّك العامل أو المهندس بسرعة لإعادة التيار الكهربائي في وقت وجيز؟، لماذا يربط عمله بالمادة ؟، وإذا لم يمنح حافزاً لا يؤدي واجبه، لماذا يتسكع ويتحجج بعدم وجود عربة؟ فإذا ارتضى الشخص بالوظيفة، إذا كان موظفاً أو عاملاً، لماذا لا يؤديها بنفس القدر؟ وإذا كان المرتب غير مجزٍ ينبقي أن يكون، هذا العامل أو الموظف أو المهندس أو الطبيب أو أي شخص يعمل في وظيفة حكومية أو خاصة، أميناً مع نفسه أولاً ويغادر العمل ليفسح المجال لآخرين يمكن أن يعملوا بهذا المرتب الذي لا يرضيه؟، لماذا يصر أن يعمل وهو أصلاً غير راغب؟، ولماذا أتى من بيته إلى العمل، طالما المرتب غير مجزٍ؟ ولماذا يجعل مكان العمل الأساسي محطة للانطلاق إلى محطة أخرى، أو أن يدخل المؤسسة التي يعمل فيها ومن ثم يغادرها إلى محل آخر؟.
إن المسؤولية تقع على عاتق المدراء، ويجب ألا تكون هناك مجاملة للمتسكعين أو المتبطلين وعديمي الضمير. على المدير أن يحاسب كل من لا يعمل، وأن تكون هناك جزاءات صارمة ولا مجاملة لأحد، انظروا إلى السودانيين في كل بقاع العالم يعملون بهمة ونشاط، السبب ليس لأن المرتب مجزٍ، أبداً، لأن العقاب فوري، وما في أي مجاملة لأحد، فأما أن تعمل وأما أن (تستف) عفشك وتغادر إلى بلدك، ولذلك تجد الواحد أكثر همة وانضباطاً، ولذلك يقولون لك العامل السوداني نشيط وعنده همة، الهمة موجودة في الخارج ولكن في الداخل منعدمة تماماً، انظروا إلى أي شخص هذا الصباح ذهب لإجراء أي معاملة، توثيق شهادات أو استخراج جواز أو بطاقة أو رخصة أو يرغب في تأشيرة خروج، انظروا حال الموظفين، وكم من المعاملات تم إجراؤها في وقتها؟ كم من الأوراق التي تُحمل عبر الواسطة والشخص الذي ليس لديه واسطة وجاء من صبح الرحمن لم يتمكن من إكمال إجراءاته، يا أمتنا ارتفعوا إلى مستوى المسؤولية حتى تنهض بلدنا بدلاً من هذا التسكع والانشغال بالواتساب وغيرها من وسائل التواصل التي لا تنفع.
صلاح حبيب – لنا راي
صحيفة المجهر السياسي