تصدرت عناوين الأخبار آخر تطورات الأزمة_الأميركية الأخيرة وتبادل التصريحات النارية بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب وتحذيرات عدد من أعضاء الإدارة الأميركية وما يقابلها من تهديدات وتحذيرات من جانب بيونغ يانغ. لذلك قام العديد من الخبراء والمحللين بتسليط الضوء على أبعاد الأزمة واحتمالات القيام بضربة استباقية أميركية ضد كوريا الشمالية أو تنفيذ بيونغ يانغ لتهديداتها بتوجيه ضربة لجزر غوام الأميركية.
وأبدى بعض الخبراء والمتخصصين في خضم التقارير والتحليلات عددا من التحفظات في هذا الصدد خلال تصريحات أدلوا بها لشبكة “سي إن إن”.
فشل دبلوماسي
يقول جيري هندريكس، قائد البحرية المتقاعد، وحالياً هو أحد كبار أعضاء مركز الأمن الأميركي الجديد: “إن سيناريو الضربة الاستباقية الأميركية سيكون بمثابة اعتراف رسمي بفشل الدبلوماسية الأميركية، بل إن سياسات واشنطن خلال الـ25 عاما الماضية فشلت”.
وحول السبب الوحيد للقيام بمثل هذه العملية العسكرية، يقول هندريكس: “إن السبب الوحيد سيكون أن هناك عملية حسابية تستنتج أن التهديد طويل الأجل من جانب بيونغ يانغ سيكبد خسائر أكبر بكثير مما يمكن أن تتعرض له الولايات المتحدة في حال قامت بشن عملية عسكرية”.
ويضيف هندريكس: عندئذ ستكمن مهمة كبار القادة العسكريين في إدارة ترمب وعلى الفور، في التحسب والاستعداد لليوم الذي “طالما كانوا يأملون ألا يأتي أبدا”.
وعلى الرغم من أن كوريا الشمالية تعلن أن خطة ضرب غوام جاهزة خلال أيام معدودة، إلا أن هندريكس يواصل تكهناته بعدم حدوث عمل عدائي، ويوضح أن المهنيين العسكريين الحاليين والسابقين “يرفضون” الضربة الاستباقية بسبب العواقب الكارثية المحتملة لمثل هكذا ضربة عسكرية واسعة النطاق.
كما يضيف: “إننا نتصور هذه السيناريوهات طوال الوقت، لأن ما نخشاه هو أكثر من ذلك بكثير، وهو أن يقوم أحدهم بتصرف غير عقلاني يستخدم فيه سلاحا نوويا يمكنه الوصول إلى الولايات المتحدة”.
صياغة منمقة
في حين أن الولايات المتحدة وحلفاءها يتحدثون دوما وبصورة متكررة عن قدرتهم العسكرية المشتركة التي يمكن أن تطال العمق الاستراتيجي لكوريا الشمالية، فإن اقتراح إجراء هجوم استباقي واسع النطاق مازال في رأي الخبراء هو ما تمت صياغته بشكل منمق بـ”المشروع الفريد من نوعه والبالغ التعقيد”.
مؤشرات واقعية
أما عن المؤشرات الواقعية التي يمكن من خلالها توقع القيام بتحرك من جانب واشنطن أو بيونغ يانغ، يقول مارك هيرتلينغ، وهو جنرال متقاعد في #الجيش_الأميركي ومحلل عسكري لشبكة “سي إن إن”: إنه يتعين إجلاء عشرات الآلاف من المدنيين الأميركيين، غالبيتهم من عائلات العسكريين الأميركيين من كوريا الجنوبية.
ويضيف: “عندما ترى أن عائلات العسكريين الأميركيين بدأوا في مغادرة كوريا الجنوبية واليابان وقتها يمكن أن تتأكدوا من أن كوريا الشمالية على وشك تخطي الخطوط الحمراء”.
المشكلة في العواقب
من جانبه، يقول جو سيرينسيون، رئيس صندوق بلوجشير، وهي منظمة تعمل لوقف الانتشار النووي، في تصريح لشبكة سي إن إن: “إن المشكلة ليست في مجرد توجيه ضربة لكوريا الشمالية، وإنما فيما سيحدث بعد ذلك من عواقب”.
ويضيف موجهاً حديثه للإدارة الأميركية: “إنكم ستضربون كوريا الشمالية وهي سترد الضربة، حيث تمتلك #بيونغ_يانغ ترسانة تقليدية مدمرة، تراكمت على الحدود لسنوات طويلة، ويمكن لها أن تهدم سيول”.
مئات الآلاف من الضحايا
ويوضح سيرينسيون: “إن التقديرات تؤكد موت مئات الآلاف من الكوريين الجنوبيين في الساعات الأولى من القتال، وذلك جراء هجمات القصف المدفعي والصواريخ، وهي صواريخ قصيرة المدى – وإذا تصاعدت هذه الحرب إلى المستوى النووي، فعليك أن تنتظر سقوط عشرات من ملايين الضحايا، وتدمير الاقتصاد الكوري الجنوبي، الذي يحتل المرتبة 11 على مستوى العالم”.
الملاذ الأخير مستبعد
في حين أن إطلاق ضربة استباقية مدمرة ضد كوريا الشمالية يعتبر بالإجماع تقريبا هو الملاذ الأخير للولايات المتحدة، إلا أن المحللين يؤكدون أنه لا يوجد حاليا أي علامات على أن الولايات المتحدة تخطط للضربة الأولى، وأنه على الأقل، ما يجري لا يزيد عن كونه مجرد بحث ودراسة في مفهوم العمل العسكري لهذا الخيار الاستباقي.
فيما لايزال الرئيس الأميركي دونالد ترمب ملتزما بالحفاظ على “جميع الخيارات على الطاولة” وسط توترات ومزايدات في التصريحات المتبادلة مع بيونغ يانغ.
ومازال هذا الخيار مستبعدا على الرغم من الادعاءات بأن بيونغ يانغ تنظر في ضربة صاروخية بالقرب من أراضي غوام الأميركية، إلى جانب تحذير ترمب من أن أي تهديدات أخرى من كوريا الشمالية سوف تلقى ردا بـ”النار والغضب”، في إشارة واضحة لما يمكن أن يثير المخاوف من احتمال نشوب حرب ضارية.
إلا أن 2 من مسؤولي الدفاع الأميركيين في واشنطن صرحا في الوقت نفسه لـ(سي إن إن): إنه لا توجد أي علامات على احتمال إقدام كوريا الشمالية على شن أي نشاط عدائي ضد الولايات المتحدة.
تهديد حياة الملايين
ووفقا للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فإن كوريا الشمالية يمكنها أن تنشر ما يصل إلى 21,000 قطعة مدفعية. ويبلغ مدى العديد من تلك القطع المدفعية العاصمة الجنوبية سول حيث يعيش أكثر من 25 مليون كوري جنوبي.
عمليات مستدامة
بينما يفسر هندريكس أهمية عنصر الوقت قائلا إنه لحين يتم تحييد الأهداف ذات الأولوية، سيتعين على الولايات المتحدة وحلفائها الاستمرار في عمليات مستدامة لفترة طويلة إلى حد ما للحفاظ على الضغط المستمر على بيونغ يانغ، حتى يتم تدمير جميع الأهداف العسكرية المحددة، أو على أقل تقدير أن تسهل العملية تغيير النظام، أو أضعف التوقعات وهو تغيير السياسات الكورية الشمالية.
الدكتاتور العقلاني
يوضح سيرينسيون: “أن هنالك رؤية تسمى نظرية الدكتاتور العقلاني، التي تتمحور حول قيام واشنطن بتوجيه ضربة محدودة محسوبة، يكون الغرض منها تحذير كيم جونغ أون من مغبة القيام بأي رد عدائي، لأن الولايات المتحدة ستعود وتزيد الصاع 10 أضعاف”. ويصف سيرينسيون هذه الفكرة بأنها “سخيفة للغاية”. ويضيف: “إن ذلك يوضح مدى عدم تفهم حرص كيم جونغ أون على مظهره بأنه الرجل القوي، وأنه يعي تماما أنه إذا ما سمح بهجوم من قبل الولايات المتحدة على بلاده، وكان مازال يتولى مقاليد الحكم بعدئذ، فإن أيامه فى منصبه سوف تكون معدودة”.
ويختتم سيرينسيون قائلا: “لا يوجد حل عسكري، يوجد حل تفاوضي”.
العربية