خبر نشرته صحيفة السوداني الغراء ، جاء فيه ( كشف بروفسير مامون حميدة عن ارتفاع نسبة المخدرات وسط فئات المجتمع خاصة الشباب ، وقال: ( أي منزل به مدمن مخدرات ) ، بل وزير صحة الخرطوم إتهم الأسر بالتقصير في مراقبة أبنائها قائلاً : ( ولا يكتشفون تعاطيهم حتى يصلوا مراحل بعيدة في الادمان ) ، وأضاف خلال حديثه بندوة اليوم العالمي للمخدرات بوزارة الصحة ( على الناس مراجعة منازلهم وسيجد كل منهم أن له قريباً مصاباً بذلك الداء ) ، معرباً عن أسفه لعدم وجود احصاءات دقيقة رغم انتشار الظاهرة .
بروفسيور مأمون بعد حديثه ( اي منزل به مدمن مخدرات ) يتأسف على عدم وجود احصاءات دقيقة ، ورغم اعترافه بهذا إلا إنه لم يذكر أي رقم أو نسبة ، في حديث خطير كهذا، وكأنه يقول أن أي منزل فيه مدمن مخدرات إلا منزل مأمون حميدة ، في ذات الوقت إشتكت د. يسرى محمد مدير تعزيز الصحة النفسية بالوزارة من قلة الكوادر العاملة بالصحة النفسية وقالت : إن الوزارة بحاجة الى تعيين وتدريب كوادر جديدة .
بلا شك فإن عدم وجود احصاءات مفصلة عن اعداد متعاطي المخدرات على الأقل في ولاية الخرطوم وهي مسئولية مامون الذي تربع على كرسي الوزارة مدة قاربت الخمسة سنوات أمر غريب ، وبشهادة موظفي وزارته فإن المشكلة ليست في التعاطي الواسع للمخدرات فحسب ، بل المشكلة في قلة الكوادر العاملة في الصحة النفسية أيضاً ، وهي أهم ادارة يفترض أنها تعمل من أجل نشر الوعي وسط الشباب بمخاطر المخدرات والمساهمة في الحد من التمادي في التعاطي ، وبينما يرمي مأمون حميدة اللوم على الأسر في انتشار الظاهرة، ينسى أن حكومته ربما أسهمت بسياساتها البائسة للجوء الشباب لتعاطي المخدرات ، فالشباب أكثر فئة محبطة وفاقدة للأمل بسبب البطالة، وانعدام فرص العمل بفعل سياسات حكومته ، وقلة مترفه وفارغة ، لا تجد ما تفعله غير تعاطي المخدرات، وهي ايضاً افراز طبيعي لمجتمع مصاب بانفصام الشخصية ، وحكومة تتحدث عن الفضيلة والاستقامة باستفزاز يجعل الشباب قد يصل مرحلة (الكفر) دعك من تعاطي المخدرات ، وبدلاً من توجيه اللوم الى الشباب والاسر المنهكة في اعاشتهم و تعليمهم كان على الوزير ان يبحث في اسباب انتشار تعاطي المخدرات وسط الشباب ويوجد لها الحلول ، ياترى من أين آتى آلاف الطلاب الذين يدرسون في جامعة مامون حميدة ؟، وكم نسبة من يتعاطون المخدرات بينهم ؟.
المخدرات تدخل للبلاد ليس بالكيلو او الطن ، بل بالحاويات 7 حاويات مخدرات دفعة واحدة تم ضبطها ، تقدر قيمتها حوالي 23 مليار دولار حسب صحيفة العربي الجديد نقلاً عن وكالة الاناضول التركية ، ولايعرف أحد ماذا تم في حق مالكيها ومن جاورهم ، تقارير عالمية وصفت السودان بأنه الاعلى عربياً في عدد المنتحرين ، حيث بلغ المعدل ( 17.2 ) حالة لكل مائه الف ، وتاتي المخدرات كأحد أهم اسباب الانتحار، الدكتور علي بلدو استشاري الطب النفسي كشف في تصريحات سابقة عن تزايد اعداد المترددين على العيادات النفسية في الخرطوم ( 700 – 500 ) حالة يومياً واضاف ان نسبة المصابين بالاكتئاب تصل مابين ( 30% ) وحالات القلق مابين (7-15% ) واضاف في تصريحات لاحقة ان معظم المسئولين الحكوميين يعانون من اضطرابات نفسية ، خلال الاربعة سنوات الماضية تم ضبط ( 41 ) الف متعاطي وحوالي ( 14 ) طن هيروين و ( 1019 ) مليون جنيه و ( 1000 ) طن من القات ، جاء ذلك في ورقة قدمها العقيد منور محي الدين في ورشة بعنوان ( المخدرات في السودان ) وبينما خلصت دراسة اعدتها د. نور الهدى محمد الى ان ( 57% ) من تجار المخدرات من الشباب وتتراوح اعمارهم مابين ( 18-44 ) عاماً، وارجعت اسباب تزايد تعاطي المخدرات الى وفرتها وعدم توفر مراكز العلاج ، وجاءت نتائج دراسة اجرتها عام 2014 وسط نزلاء سجن الهدى ان ( 28% ) من التعاطي يتم لاسباب ( ملء الفراغ ) وان السجن ليس عقوبة رادعة ، وخلصت دراسة تم اجراءها على شريحة وسط طلاب احدى الجامعات الى ان ( 15% ) منهم يتعاطون المخدرات مع ازدياد واضح لنسبة النساء، وحسب مقال منشور بموقع وزارة الدفاع السودانية فقد بلغ عدد الطلاب المعروفين بالاتجار في المخدرات داخل الجامعات الى ( 4632 ) طالباً .
مامون حميدة يحمل لقب بروفسير وهو وزير الصحة في ولاية الخرطوم التي يقطنها حوالي ( 8 مليون) مواطن ، عليه ان يتحلى بالمسئولية والجدية وهو يحدد عدد المتعاطين بأنهم في كل منزل ، والرجل لا يجهل تأثير هذا التعميم على سمعة البلاد ومواطني الولاية التي يسأل هو شخصياً عن اسباب تفشى ظاهرة تعاطي المخدرات فيها بالقدر الذي يصفه ، ربما يفكر مـأمون في الاعتذار او الاعتزال .
ماوراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة