تحذيرات مختلفة ظلت تطلقها شرطة أمن المجتمع للمواطنين بعدم التعامل مع السحرة والدجالين، ورغم تفعيل القوانين الرادعة ومحاكمة عدد من المتهمين كان آخرهم الساحر المالي الذي سقطت أسرة أركويت في براثن سحره لأكثر من أربعة أعوام متتالية، إلا أن ذلك لم يمنع البعض من أن يكونوا ضحايا لبعض الدجالين بحثاً عن زيادة الأموال بأسهل الطرق.
هذه القضية تبدو أشبه بأفلام الخيال، سقط ضحيتها اثنان من رجال الأعمال المعروفين على مستوى السودان، حيث فقدوا أكثر مليونَي دولار أي ما يُعادل (44) مليون جنيه (مليار بالقديم) ضاعت بسبب الطمع والجشع. وبحسب التحريات فإن المتهم أوهم الضحايا بقدرته على (التنزيل) – أي تنزيل الأموال وزيادتها – واستولى على تلك المبالغ بعد أن سقطا تحت تأثير سحره.
تقدم رجل أعمال معروف ببلاغ أفاد فيه بتعرضه وشريكه لأكبر عملية نصب واحتيال من قبل ساحر سنغالي الجنسية استولى منهما على مليونَي دولار وطالبهما بمبلغ (33) مليون دولار أخرى. وحسب إفادات الضحايا فإن المكان عبارة عن شقة في حي الرياض يستغلها الساحر السنغالي وشريكته السودانية وهي من أخطر ممارسي الدجل والشعوذة والسحر في السودان والعالم ونفذت عدة جرائم دجل ونصب داخل وخارج السودان بعدد من الدول وتقوم بحراستهما مجموعة من الأشخاص يستغلون مركبات بكاسي موديل 2017م تبدو أشبه بمركبات الأمن والمباحث وأحدهم مسلح ويستغل سلاحه في حماية الساحر منتحلاً بذلك صفة رجل أمن بجانب عربة ماركة توسان تُستغل في التحركات.
عملية استدراج
داخل تلك الشقة تمت عملية الاستدراج لرجلَي الأعمال وأوهمهما الساحر بقدرته على التنزيل ولم يقف الأمر عند ذلك بل تجاوزه إلى أكثر من ذلك حينما شرع في خطوات عملية لإقناع ضحاياه داخل إحدى الغرف بالشقة مخصصة للسحر. أدخل الساحر الضحايا إلى داخل تلك الغرفة المظلمة واستغل نوعاً من أنواع الزيوت المضيئة والتي أضاءت الغرفة وهو نوع من أنواع السحر وحينما بدا ما بداخل الغرفة واضحاً اكتشف رجلا الأعمال أنهما محاطان بأعداد هائلة من الثعابين الضخمة السوداء والتي تتحرك بصورة جنونية في كل مكان بالغرفة. ذُهِلَ الرجلان واتسعت أعينهما بالرعب إلا أن الساحر كان يقوم بدهس الثعبان فيحوله إلى كومة من اللحم.
كان الرجلان في قمة الذهول والاستغراب ولمزيد من الإقناع أحضر الساحر (جردلاً) بداخله ماء إلى منتصفه وأمر ضحاياه أن يقوم كل واحد منهما بإدخال يده في الماء والإمساك بالنقود فكان الضحية يدخل يده في الجردل فيخرجها وهو يمسك بربطة من الدولارات فلمعت الفكرة برأسيهما واطمئنا للساحر الذي طلب منهما إحضار مبلغ مليونَي دولار كبداية لمضاعفتها، وبالفعل قام الرجلان بإحضار المبلغ فوراً ودون تردد ولكن بدأ الساحر مماطلتهما خاصة أنه قام بشراء فيلا وتزوج من سودانية واشترى (7) منازل أخرى بالمبلغ الذي استولى عليه من رجال الأعمال، ولم يكتفِ بذلك فقد قام بشراء عربة توسان وإهدائها لوالد زوجته السودانية.
ممطالة
حينما شعر الضحايا بالمماطلة قام الشريك بتدوين بلاغ بتعرضه للنصب والاحتيال، وفور تلقي البلاغ اهتم مدير إدارة أمن المجتمع العميد ماهر شلكي بالبلاغ باعتبار أن الدجل والشعوذة من أهم القضايا التي تكافحها إدارته وتم تشكيل قوة بمتابعته وبإشراف العقيد عوض عز الدين (اركب) وبقيادة الملازم أول أمين الهادي، وتم جمع المعلومات حيث اتضح أن الساحر ليس وحده بل تشاركه في العملية ساحرة سودانية تواجه تهماً في ثلاثة بلاغات (نصب ودجل وشعوذة)، واستولت خلالها على مبالغ تفوق الـ(3) ملايين جنيه (مليارات)، بجانب عمليات أخرى نفذتها بعدد من دول العالم وأنها ملاحقة من قبل السلطات منذ العام 2012م، واتضح أيضاً أن أربعة أشخاص آخرين بينهم شاب مسلح ينتحلون صفة نظاميين ويوفرون الحماية لشيخهم الساحر واتضح أنهما يستغلا مركبتين بوكس مظللة على شاكلة بكاسي النظاميين تبين أنها تخص الساحر.
في غمرة البحث والمتابعة قام الساحر بخدعة جديدة لذات الضحيتين وقام بإحضارهما إلى الشقة وهنالك أدخلهما ذات غرفة السحر بعد أن طلب منهما إحضار حقيبتين كبيرتين سيقوم بملئها بالدولارات شريطة أن يسلمه الضحيتان مبلغ (33) مليون دولار فوافقا بيد أنهما كانا تحت تأثير السحر، فقام الرجل هذه المرة بوضع حقيبتين ضخمتين داخل الغرفة وأضاءها والثعابين تتحرك بكل جانب وتارة تلامس أقدام الضحايا وأحضر ذات الجردل وبداخله القليل من الماء وبواسطة زيت وزئبق أحمر وأمرهما باستخراج الأموال من قاع الجردل فأصبح كل واحد منهما يدخل يده داخل الجردل ويخرج ربطة من الدولارات ويلقيها داخل الحقيبة واستمرا في تلك العملية لمدة من الزمن حتى امتلأت الحقيبتان الضخمتان بمبالغ تفوق المليار دولار وأمرهما بحمل الحقيبتين والخروج، وهنا حاول الرجلان حمل حقيبة واحدة فلم يتمكنا من حملها وعندما شاهدهما الساحر بتلك الحالة التي لم تمكنهما من حمل الأموال ابتسم ابتسامة ساحرة وأمرهما بترك الحقيبتين والجلوس إلى جواره والنظر في سقف الغرفة وهنا نظر الساحر إلى سقف الغرفة فانفتح السقف ولاح منه ثقب حتى شاهدا السماء رغم أنهما داخل شقة، وبمجرد ظهور الثقب تطايرت الدولارات إلى خارج الغرفة وطارت كل المبالغ إلى السماء في منظر أشبه بفيلم رعب.
إلقاء القبض
أمر الساحر الرجلين بالذهاب إلى سيارتهما والانتظار بداخلها حتى تصلهما تلك الأموال إلى داخل عربتهما فذهب الرجلان مسرعين ومكثا داخل العربة في انتظار تلك الأموال تصل إليهما بقدرة السحر ولكن طال انتظارهما ولم تصل الأموال فعادا إلى الساحر وأخطراه أن الأموال لم تصل إلى عربتهما فربما ضلت طريقها إلا أن الساحر أخبرهما أن تلك الأموال لم تتمكن من الوصول إلى عربتهما بحجة الزحام في الشارع وكثرة المارة بالطريق ما جعل الجان الموكل بإيصال المبلغ ينزعج، ولمزيد من الاطمئنان قام الساحر بنداء أثاثات الشقة فكانت الأثاثات تأتي إليه فيسألها وتجيب عن أسئلته ومن ثم يتحطم الأثاث وحده دون أن يلمسه أحد.
المشهد الأخير لمناداة الأثاثات ونطقها ومن ثم تحطمها أدخل الرعب في الرجلين فخرجا من عند الساحر وآثرا السلامة، وبعدها بساعات نفذت قوة مباحث أمن المجتمع كمينها وأطبقت على الشقة وألقت القبض على الساحر بعد أن نصبت له كميناً بمبالغ من الدولارات وقبل أن تمهله للقيام بأي خدعة سحرية جديدة ألقت القبض عليه وعلى السيدة وأربعة آخرين وعثرت بحوزتهم على مسدس وضبطت أدوات سحر ودجل وشعوذة، كما اتضح للساحر (7) منازل أحدها مكون من ثلاثة طوابق.
تم تدوين بلاغ في مواجهة المتهمين الستة بالدجل والشعوذة ومخالفة الأوامر المحلية والنصب والاحتيال وشرعت الشرطة في التحقيق معهم.
تقرير: هاجر سليمان
السوداني