الشعبي في الحكومة .. مشاركة في مهب رياح الهوان

إذا كان لا بد للرأى العام ان يهتم بقياس تجربة حزب ما في حكومة الوفاق الوطني التي اعلنت في مايو 2017 وفقاً لمخرجات الحوار الوطني، فإن التركيز الاكبر سيكون من نصيب المؤتمر الشعبي، اشرس الاحزاب في المعارضة

عبر الخمسة عشر عاماً التي سبقت الحوار في يناير 2014م عقب احداث مفاصلة الاسلاميين في 1999م، فضلاً عن كونه ــ لاحقاً ــ احد اعمدة الحوار الرئيسة، ومن اشد المؤمنين به على نحو بزَّ المؤتمر الوطني صاحب دعوة الحوار نفسه، والنظر في تقييم هذه التجربة على قصرها كانت هي الدافع للشعبيين انفسهم لتمحيص هذه التجربة التي على قصرها تقدم مؤشرات تنبئ عن مآلاتها في المرحلة القادمة عملاً بالمثل الرائج (الجواب يكفيك عنوانه).
من اخبار الشعبي الحديثة ان امينه العام على الحاج عقب عودته من رحلته إلى المانيا وتركيا ترأس اجتماعاً موسعاً بمكتبه بالمركز العام بحضور نائبه احمد ابراهيم الترابي والامين السياسي وممثلي
الحزب بالبرلمان ومجلس الولايات، وتطرق الاجتماع لتقييم المشاركة في حكومة الوفاق الوطني في الفترة السابقة، والاستعداد للمرحلة القادمة بعد عودة المجلسين من العطلة البرلمانية. الشعبي سمى لعضويته في البرلمان خمسة اعضاء من بينهم د. سهير أحمد صلاح ود. بشير آدم رحمة رئيس احدى اللجان وامين الامانة السياسية السابق كمال عمر عبد السلام الذي اشتهر بدفاعه المستميت عن الحوار، كمال صرح بأن حزبه في البرلمان عبارة عن كومبارس، باعتبار ان وجودهم في البرلمان ليست له قيمة في ظل ان الحكومة تمرر إراداتها عبر البرلمان من خلال عضويتها الغالبة على البرلمان، ومن ذلك إجازة القرض الربوي الأخير وإجازة تصدير إناث الابل رغم رفض الشعبي للقرارين، على مستوى الحكومة شكا الشعبي من ضمن احزاب حكومة الوفاق الوطني من أنه لم تتم استشارتهم عندما اتخذ الرئيس قراره بوقف التفاوض مع الولايات المتحدة الامريكية إثر قرارها بمد فترة العقوبات ثلاثة اشهر.
الأسبوع الماضي شهد احتجاجاً كبيراً من قبل نواب احزاب الحوار بالمجلس الوطني على ما سموه تهميشهم في المجلس، ومن بينهم ممثل الشعبي كمال الذي قال إن المجموعة ستعمل على استقطاب جميع الكتل بما فيها كتلة الحزب الحاكم. وقال كمال، وفقاً لـ (سودان تربيون) إن مجموعة من النواب يمثلون قوى الحوار بالبرلمان، اجتمعت وقيمت سير البرلمان في الآونة الأخيرة، فتوصلت إلى حقيقة وجود تهميش متعمد وأحياناً تقييد لعضوية الحوار الوطني في البرلمان، مردفاً (هو ناتج عن العقلية الشمولية التي يدار بها السودان)، وأضاف قائلاً: (نحن دخلنا الحوار من أجل قضايا الوطن التي تتمثل في الحريات والتحول الديمقراطي وحياد مؤسسات الدولة والمحافظة على الحوار الوطني)، وأكد أن تقييم سير البرلمان منذ التعديلات الدستورية، أوضح أن الوطني لديه خطة لتدجين عضوية الحوار مما أدى لانقسام العضوية، حيث آثر بعضهم المشاركة مستأثراً ببريق السلطة وأموالها، بينما الآخر ظل متمسكاً بمخرجات الحوار، وتابع قائلاً: (كتبنا مذكرة وسلمناها مكتب رئيس البرلمان، وكانت خطتنا مقابلة رئيس البرلمان وإثارة نقاط المذكرة معه لكننا لم نجده، ونتمنى ألا يكون غيابه متعمداً، وأفاد بأن لديهم بعض الأجندة كانوا يودون مناقشتها مع رئيس البرلمان في مقدمتها قضايا تعديل القوانين المقيدة للحريات وكيفية تنفيذ مخرجات الحوار.
الصحافي مجاهد عبد الله والمقرب من قيادات الشعبي قال في عموده الراتب (فن الممكن) بالزميلة (الأهرام اليوم): (إن احد قيادات الحركه الاسلاميه التاريخيين قارن بين مشاركة جبهة الميثاق الاسلامي بقيادة الشيخ حسن الترابي في عام 1977م بعد المصالحة الوطنية مع نظام المشير جعفر نميري ومشاركة المؤتمر الشعبي بقيادة علي الحاج في عام 2017م بعد الحوار الوطني مع نظام المشير عمر البشير، وقال لي إن الفرق بينهما كبير لأن شيخ حسن له الرحمة دخل بفهم كبير في الحكومة المايوية، ولم يدفع باشخاص فقط لكي يستوزروا وانما كانت رؤيته عميقة، حيث وضع خطة مستقبلية شاملة لبناء الحركة الاسلامية، بقصد تغيير النظام المايوي من خلال التأثير فيه، كما ان الترابي وضع في برنامجه بناء مؤسسات اقتصادية ضخمة كاستثمارات خاصة بالحركة منها بنوك وشركات، وكان يضع في حساباته ذهاب نظام نميري في أية لحظه، وبالتالي قيام انتخابات نزيهة، وهذا يتطلب تمويلاً ضخماً يجب التحسب له من وقت مبكر.
ويقول مجاهد: (بالرغم من المبررات التي ساقها البعض لمشاركة المؤتمر الشعبي في الحكومة، الا ان الذي يحدث الآن يؤكد ان دخول هذا الحزب في الحكومة ليس مبنياً على استراتيجية واضحة وانما بني على (امزجة) اشخاص داخل الشعبي لديهم مصالحهم واغراضهم الخاصة.. وكما يقولون فإن العبرة بالنتائج، فمنذ اعلان حكومة الوفاق الوطني وحتى الآن لم يفعل الشعبيون أي شيء (لا لأنفسهم ولا للشعب السوداني) ولم يؤثروا في اي قرار اتخذ داخل الحكومة بل اصبحوا يبصمون بالعشرة داخل مجلس الوزراء على قرارات وزراء حزب المؤتمر الوطني، اما ممثليهم في البرلمان والمجالس التشريعية فهم لا حول ولا قوة لهم.. واصبحوا مثلهم ومثل ممثلي الاحزاب الكرتونية الاخرى . ينتظرون مرتباتهم ونثرياتهم نهاية الشهر).
وخلص مجاهد إلى ان السانحة مازالت (موجودة) امام على الحاج، ولذلك الأمل معقود عليه في ان يصلح الحال (المايل) ويضع خطة جديدة حول فلسفة المشاركة لتعود بالخير على الشعبيين والشعب السوداني، والا فإن القواعد التي تتململ الآن ستقابله بالوجه الآخر لأنه قد (خان) الامانة وخيب ظنهم فيه.. فهل يفعلها علي الحاج ام ان الحال سيبقى كما هو عليه الى حين إشعار آخر.
ولم يبق غير أن الشعبي أمام خيارين، إما استمراء الهوان الذي يشكو منه أو ينتفض لمبادئه التي من أجلها شارك في الحوار والحكومة، فأي الخيارين سيختار؟

تقرير: ندى محمد أحمد
الانتباهة

Exit mobile version