تتعلق ممارسة الجرى بعدد الساعات وحرق السعرات الحرارية، ولكن بالنسبة لأجدادنا القدامى، فإن القدرة على الركض لمسافات طويلة للإمساك بالفرائس أعطى الإنسان دفعة نحو التطور.
وهذا ما يذكرنا به المؤلف فيبار كريجان ريد، الباحث بجامعة كينت، فى كتابه الجديد “كيف يجعلنا الركض أكثر إنسانية”، فبالنسبة له يتعلق جوهر ممارسة الجرى بالحرية وترك الأجهزة الإلكترونية والتواصل مع الطبيعة، كما أنه يصف أجهزة السير والركض الكهربائية بـ”الوجبات السريعة عديمة الفائدة”.
ويشرح الكاتب لماذا يعتقد أن ممارسة الجرى بأقدام حافية أكثر طبيعية، وأقل تعرض للإصابة، قائلاً، “معظم الناس يكرهون الركض لأن لديهم ذكريات لأمور مثل الركض للحاق بحافلة، هذا النوع من الركض عادة تجربة سيئة للغاية، وغالباً ما تحفز الرغبة فى التقيؤ، كما أن معظم المبتدئين يتخلون عن الركض عندما يتعرضون للإصابة، وذلك لأنهم يبذلون الكثير فى وقت قصير جداً، وفى الحقيقة أن معظم فوائد الركض مستمدة من الركض ببطء شديد” .
ويقول الكاتب، “إن الركض هو وسيلة للتواصل مع البيئة وأفكار الإنسان الخاصة، كما أنه وسيلة لإطلاق العنان لبعض الأندورفين الذى يصنعه جسم الإنسان، ويجعله منتشياً بشكل قانونى، وهذا فى الواقع شيئ جيد بالنسبة للإنسان”.
و يشرح المؤلف فى كتابه، دور الركض فى تطور الإنسانية، وكيف ينعكس على صفات البشر التشريحية، قائلاً “إن الهدف من جوانب التشريح المتعددة فى جسم الإنسان، من أطراف أصابع القدم إلى أعلى الرأس هو إعداده ليكون عداءً جيداً”.
ويؤكد ريد أهمية الركض بأقدام حافية، “إن الأحذية المبطنة تجعلنا نجرى بشكل سيئ، بينما تخبرنا أقدامنا العارية بالكثير عن العالم من حولنا، هناك شىء يضئ فى المخ، بمجرد أن تكون القدمان حافيتين على الأرض”.
ويذكر الكتاب “أن أجهزة الركض “التريد ميل” تم اختراعها كأجهزة تعذيب بالسجون في أوائل القرن الـ19، عندما كان الفلاسفة يحاولون وضع عقوبة أقل من عقوبة الإعدام، لذلك ظل جهاز “التريد ميل”، جهازاً للعقاب لأكثر من 100 سنة، ثم جاء دور العلاقات العامة والدعاية التى قامت بمهمة هائلة لترويج أجهزة الركض الكهربائية، بتغيير العلامة التجارية لها بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك بعد اختفائها لمدة أربعة عقود .