-السماء ملبدة بالغيوم والاجواء كانت تنذر بهطول الامطار في جنوب النيل الابيض، تخوف البعض من انقطاع الطريق الذي يؤدي الى معسكر خور الورل في محلية السلام الحدودية بولاية النيل الابيض،
ولكن رغم تلك الاجواء اصر والي النيل الابيض ولجنة امن الولاية على الوقوف على الاحداث المثيرة التى شهدها المعسكر من قبل اللاجئين من دولة جنوب السودان.. والطريق الى خور الورل لم يكن سهلاً رغم غياب الشمس في ذاك اليوم، الا ان وعورة الطريق جعلتنا نتشبث جيداً بمقاعد العربة التى كانت تخرج من الطريق بين الفينة والاخرى، وبعد صراع مع الأرض الوعرة وصلنا مشارف المعسكر الذي يحاط بالمباني القشية التى لا تخلو من بعض المحلات التجارية القليلة، واهل تلك المناطق كانوا يتعايشون بسلام مع اللاجئين، وذات الشيء كان مع القرى القريبة من معسكر الجبلين بالضفة الشرقية للنيل، قبل الاحداث الاخيرة التى شهدها خور الورل التى خلفت الكثير من الخسائر في الممتلكات وبعض الاصابات في المعسكر.. وعلى مقربة من بوابة ادارة المعسكر كان يتجمهر الكثير من اللاجئين الذين تخوف بعضهم من ردة فعل اهل الظليط وهي القرية القريبة من المعسكر، الا ان اهلها كانوا اكثر عقلانية وتفهماً للاوضاع التى تحيط بالبلاد.
البداية المرفوضة
منتصف الاسبوع المنصرم اتهم احد اللاجئين بقضية سرقة، واضطرت الشرطة للتحري معه واحتجازه ، وراجت انباء عن وفاته مما دفع اللاجئين للاحداث، وقالت مصادر مطلعة لـ (الإنتباهة) انه اتضح لاحقا ان المتهم حي، ولكن اللاجئين اثاروا فوضي عارمة وأحرقوا معينات ومواد غذائية ومقار منظمات بالمعسكر، الى جانب أحداث عنف أدت إلى حرق وتخريب ممتلكات منظمات اممية تعمل في المعسكر، واعتداء على خمس معلمات يعملن في المعسكر نقلن على اثر الاعتداء الى مستشفى كوستي وسط حراسة مشددة.
إدانات من الأمم المتحدة والمنظمات
عقب اجتماع لجنة امن الولاية ادانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بولاية النيل الأبيض الأعمال التخريبية والاعتداءات على الممتلكات والأفراد من قبل اللاجئين، وأشاد مدير مكتب المفوضية بالولاية عماد عبد الرحمن باستضافة الولاية اللاجئين وتوفير الغطاء الأمني والإنساني لهم مع تقديم الدعم اللازم لهم بالمخيمات، وأكد عبد الرحمن الالتزام باحترام حقوق وأدبيات وقوانين الدولة المستضيفة للاجئين، مشيراً إلى تضرر الأسر والمنظمات من الأحداث التي شهدتها المخيمات، مؤكدا وقفتهم مع المتأثرين من الأحداث
القبض على أكثر من سبعين متهماً
والي النيل الابيض د. عبد الحميد موسى كاشا وصف الجريمة باللاانسانية، مندداً بها ومعلنا عن تكوين لجنة للتحقيق في الأحداث، كاشفاً النقاب عن القبض على ثمانية وسبعين مشتبهاً به وتقديمهم للعدالة، مشيداً بدور الأجهزة المختلفة في التوصل للجناة مع حفظهم لحقوق المتأثرين.
إتلاف منشآت وحرق مقدسات
وقال شهود عيان لـ (الإنتباهة) بمعسكر خور الورل ان بعض اللاجئين اتلفوا بعض مكاتب المنظمات الطوعية وقاموا بحرق مسجد وكنيسة، واتلفوا مواد الايواء والغطاء ومخازن الذرة، وقاموا بنهب مواد غذائية، واعتدوا على معلمات اثناء وجودهن بالميز وتم نقلهن الى مستشفى كوستى ومنعت السلطات زيارتهن. وادان شيخ المعسكر سلوك المنفلتين من اللاجئين الجنوبيين، وقال انهم يجدون كل التقدير والاحترام ولا يوافقون على مثل هذه الاعتداءات.
ردود أفعال وسط المواطنين
استنكر عدد كبير من مواطني الولاية احداث خور الورل، وقالوا ان مثل هذا السلوك مرفوض جملة وتفصيلاً، واشار عدد من المواطنين الى ان هذا جزاء المعاملة الحسنة التى وجدها اللاجئون من دولة جنوب السودان، فيما جاءت تلك الاحداث مع احتفال مفوضية حقوق الانسان باليوم الوطني للتطوع بمشاركة عدد من منظمات المجتمع المدني لتعزيز الاستقرار والتنمية، فيما قال والي النيل الابيض عبد الحميد كاشا ان الولاية تحملت مسؤوليتها تجاه اللاجئين الجنوبيين والسودانيين العائدين من الجنوب.
وقال احد المواطنين ان متمردين يتبعون للعدل والمساواة بجانب دعم من بعض دول الجوار والطابور الخامس هم وراء الاحداث التي وقعت، وطالب بضرورة التصدي لهم وحسمهم وابعادهم عن تلك المعسكرات.
فيما قالت وزيرة الضمان والرعاية الاجتماعية مشاعر الدولب ان النيل الابيض تعد أنموذجاً للعمل الطوعى باستضافتها اللاجئين، مشيرة الى التعايش السلمى والاجتماعى بين اللاجئين والمجتمع المستضيف، مشددة على اقصى عقوبة على المجرمين الذين قاموا بالاعتداء.
الجيش الشعبي في خور الورل
داخل مستشفى كوستي كان الكثير من اهل ضحايا الاعتداء في عنابر المستشفى، وزارهم وفد كبير ضم مجموعة من الامم المتحدة ومفوضية العمل الانساني وتقدمتهم مشاعر الدولب، الا ان كاشا ووزير الصحة وعدداً من قيادات الولاية فضلوا الوقوف مع اسر الضحايا الذين طالبوا بتوقيع اقصى العقوبة على المجرمين، وقال بعضهم انهم كانوا يعيشون في امن وسلام منذ ان وضع المعسكر بالقرب من قريتهم، الا انهم تفاجأوا باحداث الشغب هذه الاسبوع الماضي، مما يشير الي ان هناك ايدي خفية تحاول العبث بأمن واستقرار المنطقة. وقال لنا سعد عيسى وهو قريب احد الضحايا إنهم يشكون في وجود طابور خامس من الجيش الشعبي وعناصر من بعض دول الجوار داخل المعسكر، لاحداث مثل هذه الفوضى والشغب، وقال سعد الذي كان يتحدث بحزن شديد ان ما حدث من اعتداء وتخريب لا يمكن ان يحدث من اللاجئين فقط، خاصة ان الاعتداء كان للنساء دون الرجال، ثم انهم لم يتبينوا حقيقة أمر اللاجئ المتهم في قبضة الشرطة، وقال لنا انهم ظلوا يعيشون لسنوات داخل اراضي دولة الجنوب، وفي اراضيهم ولم يسبق ان تم الاعتداء على نساء، ولكن ما حدث في المعسكر الذي يضم اكثر من 59 الف لاجئ في المعسكر يشير الي ان هناك ايدي خفية تحاول تدبير فوضى في المنطقة، واكد سعد ومعه عدد من المواطنين انهم لا يسمحون باحداث فوضى في اي شبر في الولاية، ولكنهم يريدون ترحيل اي مواطن جنوبي من داخل المدينة ووضعهم في المعسكرات المخصصة لهم، مع تكثيف القوات النظامية في المعسكرات.
رسائل من كاشا
وجه والي النيل الابيض د. كاشا رسالة للاجئين الذين لم يحترموا الضيافة، وقال خلال ختام اليوم الوطني للتطوع: اللاجئون شاركونا في المأكل والمشرب والدواء، وبعد ذلك خربوا مكاتب الامم المتحدة ومنظماتها ومخازن ومساكن، وواصلوا في الجرائم اللاخلاقية، وطلب كاشا من ممثلة الامم المتحدة ادانة صريحة لما حدث في الولاية، وقال: نحن لن نرحِّل اي شخص ونحترم القانون الدولي، ولكن يجب ان يحاكم المجرمون، فهذه المعسكرات بها اطفال ونساء لأننا دعاة الانسانية، ولكن لن نسكت ولن نجامل في الحفاظ على كرامة رعايانا. واكد ان الوضع مستقر الآن.
الدولب: جريمة نكراء
واتفقت وزيرة الضمان والتنمية الاجتماعية مشاعر الدولب مع الوالي في ما ذهب اليه، وقالت ان النيل الابيض هي التى استقبلت اللاجئين من الجنوب، ورغم الاحداث الاخيرة مازالت الولاية متمسكة باستقبالها لهم، مشددة على محاسبة الجناة. وقالت: ما حدث في خور الورل جريمة نكراء ويجب الادانة من كل القطاعات، وكل القيم ترفض ذلك. وتعهدت الدولب بالعمل مع حكومة الولاية لمعاقبة المجرمين.
خور الورل: جعفر باعو
الانتباهة