-1-
رسائل ساخرة وأخرى مُستفزة تعج بها مواقع التواصل الإجتماعي ، هذه الأيام على خلفية بعض العائدين من المغتربين السودانيين ، بسبب القرارات الأخيرة القاسية التي فرضتها المملكة السعودية على الأسر والتابعين للمقيم .
وكأن هذا ( المغترب ) الذي حمل على كاهله تربية اليتامى ، و نفقة الدراسة ، ومصاريف العطالى ، ليس من لحمهم ودمهم !
نكات ( بايخه ) ، و تعليقات ( شامتة ) من بعض المصابين بحقد ( طبقي ) وحسد مكبوت تجاه فئة ظلت تحترق طوال سنيّ عمرها لتضيء للآخرين ، دون كلل أو ملل !
-2-
بل أن أمثال هؤلاء ( الشامتين ) ، كانوا لايملكون سعر إتصال ويكتفون ( بمسكول ) لكي يتصل بهم المغترب ، وهم مستلقون على فراشهم الوثير من هدايا المغترب ، يملّون عليهم الطلبات ، دون أن يسكبوا عَرق أو يعانوا من أرق .
المغتربون يا سادتي هم مقنع الكاشفات وعشا البايتات ، مدرّج العاطلات ، لم يعيشوا يوماً واحداً لأنفسهم ، أجسادهم هناك وقلوبهم مع أهليّهم ، وأياديهم البيضاء لم تنقطع أبداً في النائبات .
يحبون الوطن بإسراف ويتابعون أخباره بشغف ، ويألمون لكل ضيق وضيم يقع على أهله .
وجدناهم في الأفراح والأتراح والتنمية والبناء والاعمار حتى في ( الكُسوة والزواج و السمايّة والخِتان ) لم يتأخروا أو يضنّوا أو يبخلوا أو يتعللوا بالاعذار تجاه أهلهم في السودان !
-3-
أعجب لهؤلاء الذين لايتورعون عن بذل نصائح ( ساخرة ) و ( مُحبطة ) و ( شامتة )من الأجدى أن يحتفظوا بها لأنفسهم !
المغتربون ياسادة يعلمون أكثر مما تعلمون مايدور في السودان بتفاصيله الدقيقة ، مدارسه و جامعاته ،معيشته و أسواقه و مواد بنائه و تعامل عمالته ، و حتى خضاره وملحه وبصله واقتصاده وسياسته وجرائمه، وبإمكانهم أن يعطوكم دروساً في ذلك، فوفروا ما تقولون لأنفسكم .
وبشروا ولا تنفروا ، فلا تجعلوهم كأنهم ( أغراب ) ليس مُرّحباً بهم ، كفوا عن هذه الرسائل الشامتة المقززة .
افتقر محمد بن سيرين آخر حياته وخسر تجارته، فقال : إني لأعلمُ السبب، قد عَيّرتُ رجلاً قبل عشرين سنة فقلتُ له يا ( مُفلس ) !
-4-
دعكم في حالكم ( المايل ) ، المغتربون يحمدون الله بمنازلهم وسياراتهم و مشاريعهم الاستثمارية وبُناهم التحتية إن عادوا، فليسوا في حاجة لكم، ولن يكونوا ( عالة ) على أحد !
فمن اعتاد أن يداوم صباح مساء لعشرات السنوات، يكد وينتج و يثمر ( لا يخاف عليه) ، عشرات السنوات لم يعرفوا فيها التسكع في الطُرقات، أو الجلوس على ( بنابِر ) ستات الشاي، أو العطلات بالأشهر والأيام، ليسوا في حاجةٍ الى أن تكونوا ( أوصياء ) عليهم، هم أخواننا ، أبناؤهم أبناؤنا ، من رِحمنا ودمنا ،وطنهم يسعهم ، وديارهم ترحب بهم، فاليحمدوا الله على كل حال ( لعله خيراً ) ، بعض الكُربات قد تحمل في طيّاتها كرامات قالت مريم : “يا ليتني متُّ قبل هذا”ولم تعرف أنّ في بطنها “نبيّ” .
ليلة باردة ومُظلمة ، وتيه في صحراء، قُبيل لحظات من تكليم اﷲ لموسى، لا يهولنك واقعك، قد يفصلك عن الفرج لحظة !!
شوفوا ( رَقبتكُم ) ودعكم في ( حالكم ) مالكم والمغتربين .
إلى لقاء ..
من الآخر
شوفوا حالكم .. مالكم والمغتربين !!
بقلم : محمد الطاهر العيسابي