المؤامرة على السودان لم تنته بعد!

تشير التطورات التي شهدها العالم في الأشهر القليلة الماضية إلي تصاعد ظاهرة جديدة قديمة، تعلو وتخبو كل بضعة عقود،‮ ‬وهي ظاهرة‮ “‬صناعة العدو‮”‬،‮ ‬أي الإسهام المباشر في إيجاد أعداء وخصوم بفضل السياسات والتوجهات التي تتبناها دولة أو أكثر، ‬وبدلاً من إنجاز تلك التحركات أهدافها،‮ ‬وتحقيق مصالح أصحابها، تكون النتيجة عكسية بظهور أعداء جدد،‮ ‬أو تعميق الفجوة مع خصوم حاليين، ‬ثم تكتمل الصورة بالتعاطي الخاطئ مع ذلك الوضع الجديد بالإستمرار في السياسات،‮ ‬وإتباع الأساليب ذاتها، فيزداد الموقف تعقيداً وإستعصاء علي الحل،‮ ‬ويئول الوضع إلي دائرة مغلقة تبدأ بأخطاء تعالج بمثيلاتها فتفضي إلي أخطاء جديدة مشابهة،‮ ‬وهكذا‮.

– والأمثلة كثيرة علي ذلك النمط من السياسات الخاطئة المتكررة، منها السياسات الأمريكية تجاه التوجهات القومية والإستقلالية في أمريكا الوسطي والجنوبية، ‬فقد دعمت واشنطن سلسلة من الإنقلابات ضد نظم الحكم الإشتراكية والقومية، بالتوازي مع دعم مباشر لأنظمة وحكام موالين لها‮، ‬وفي كل مرة،‮ ‬كانت النتيجة إنكشاف هذا الدور الأمريكي المناوئ لمصالح وتوجهات الشعوب المتطلعة إلي إستقلال قرارها، وبالتالي تتعمق الفجوة،‮ ‬وتزداد الكراهية تجاه واشنطن، والإصرار علي الخروج من فلكها‮، ‬والخطأ هنا أن‮ ‬غاية تطويع السياسات لا يمكن تحقيقها بالجبر والقوة، خاصة بإستخدام التغيير الفوقي، عبر نظم حكم منفصلة عن شعوبها،‮ ‬ولا تجسد توجهات مواطنيها‮. ‬وكان لتكرار هذا الخطأ دور محوري في طرح وتجدد التساؤل الشهير‮ “‬لماذا يكرهوننا؟‮”.‬

– وطوال تاريخ السودان الحديث، ومنذ الإستقلال، لم تتوقف المؤامرات والدسائس والطعن في الظهر من أقرب الأقربين للسودان، وبعد أن كانت المؤامرات تحاك بليل ودعم خجول وخفي للمرتزقة، أصبح الدعم والخطط واضحة وضوح الشمس، وأصبح الإعلان عنها باللسان الرسمي، وكان السودان هو “العدو المصطنع” لكثير من الدول العربية والغربية.

– الكثير من الأحداث والأزمات مرت علي السودان، وكلها كانت اليد الخارجية الأساس فيها، وليس آخرها المؤامرة علي #دارفور، بعد الهجوم الغادر من ميليشيات مرتزقة كانت متواجدة في كل من #ليبيا ودولة #جنوب_السودان، فهي رأس جبل الجليد فقط، فهناك الكثير من الدسائس والمؤامرات التي مازالت تنتظر الفرصة للنيل من السودان، وبنفس الأصابع التي تدرب وتأهل المعسكرات للمرتزقة في ليبيا، والتي توفر السلاح النوعي لها.

– الهجوم علي دارفور لن يكون الأخير، فمازالت المعسكرات مفتوحة والسلاح يتدفق، والخطط توضع، ولن تتوقف، فمازال البعض يريد السودان في بيت طاعته الذي طالما كان عصياً، وطالما كانت يد السودان العليا، وكرامته وسيادته فوق الجميع.

– المؤامرة لم تنتهِ بعد، فهناك الكثير من المعلومات والمخططات التي تستهدف السودان، في وحدته الداخلية، وقواته المسلحة، فحرب الشائعات التي أطلقت مؤخراً ومحاولات جر السودان لأزمة عرقية وقبلية وعنصرية مؤخراً من قبل قادة الفنادق وداعميهم، لم تأت عبثاً أو صدفة، فالأمر مخطط له منذ فترة، ولكنه تسارع مع مدّة الثلاث أشهر لرفع العقوبات الأمريكية، فكانت الهجمة الإعلامية والشائعات ومحاولات ضرب النسيج الإجتماعي بهذه الصورة الضخمة، فالتنسيق كان من خارج الحدود، ولكن بأيادِ رخيصة داخل الوطن إرتادت أن تكون مطية للأعداء.

– إيجاد الأعداء، عن عمد أو بغير عمد، عملية معقدة لا يظهر منها سوي قمة جبل الجليد، بينما الخفي منها أعمق كثيراً من أن يري‮، ‬غير أن تتبع حركة التاريخ،‮ ‬وقراءة الواقع، ربما يسهم،‮ ‬ولو في المستقبل، في تفسير وفهم‮ “‬صناعة‮” ‬العدو، وتفكيك أساطيرها‮، والسودان اليوم في مرمي عاصفة ورياح قوية تريد أن تقتلع دوره الإقليمي والدولي وبشتّي الطرق.

– أخيراً، لابد من الإنتباه جيداً لما يحاك، سواءً علي المستوي الشعبي أو الرسمي، فالخطط والمؤامرات تستهدف الدولة ككل وليس مجرد نظام، لأن أدوار السودان وموقعه الجغرافي وقوته العسكرية والأمنية مستهدفة وبشكل مباشر، وإيماناً منّا بأن تلك المؤامرات ستتكسر بإذن الله علي أبواب السودان، ولن يهزمنا السذّج من ناسجي الأساطير والأوهام، ولن تدخل أرضنا أرجل التمرد النجسة مهما بلغ عِدهم وعتادهم، فالسودان اليوم ليس طير مهيض الجناح، أو ضعيف يمكن أن ينال منه مهما كان الدعم أو الخطط التي توضع لزعزعة أمنه وإستقراره، ولن نستذل ولن نستباح، و #الديرانا_بيلقانا.

بقلم

أسد البراري

Exit mobile version